افتتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس الجمعة (26 أغسطس/ آب 2016) ثالث جسر على مضيق البوسفور يصل بين الضفتين الأوروبية والآسيوية لمدينة اسطنبول وشيد في وقت قياسي، وهو المشروع الذي يعد أساسياً في مساعيه لترك إرث تاريخي دائم له.
ويوفر هذا الجسر الذي يعد أحد أطول الجسور المعلقة في العالم، الفرصة لأردوغان لأن يثبت أن حلمه في إنشاء «تركيا جديدة» ذات بنى تحتية عصرية للغاية، لايزال يسير على طريق الانجاز على رغم محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو/ تموز الماضي، وسلسلة الهجمات الدامية التي تعرضت لها بلاده.
وقص أردوغان الشريط معلناُ تدشين الجسر، وركب حافلة رئاسية تحيط بها قافلة أمنية مؤلفة من عشرات السيارات والدراجات النارية. وقال أردوغان الذي يهيمن على السياسة التركية منذ العام 2003، حيث تولى منصب رئيس الوزراء حتى 2014 عندما تم انتخابه رئيساً، «أن الوصول إلى مستوى دولة متحضرة لا يمكن أن يتحقق بالكلمات بل بالأفعال». وأضاف «إننا نربط قارتين بهذا الجسر... الناس يموتون لكن أعمالهم تبقى خالدة».
وتعد تواريخ افتتاح الجسرين عبر البوسفور، أولهما في 1973 والثاني في 1988، علامات بارزة في تاريخ اسطنبول الحديث.
ويعتبر الجسر الجديد، وهو خليط ما بين الجسر المعلق والجسر المثبت بكوابل، أعرض جسر معلق في العالم إذ يبلغ عرضه 58.5 متراً. وطوله 1408 أمتار، ليكون أطول جسر في العالم يمتد بين أبراج دعم.
والجسر قادر على استقبال السيارات والقطارات ما يجعله أطول جسر معلق في العالم تسير عليه القطارات. وصمم الجسر المهندس الفرنسي ميشال فيرلوجو والسويسري جان فرنسوا كلين، وهو مشروع مشترك نفذته شركتا «هيونداي» ومجموعة «اس كاي غروب»، وبلغت كلفته الإجمالية ما بين 800 و900 مليون دولار.
وقال رئيس الحكومة بن علي يلديريم: إن «اسطنبول هي مدينة جسور فريدة تربط بين القارات والثقافات».
وتابع يلدريم، الذي أشرف على بناء الجسر أثناء عمله وزيراً للنقل، «ان جسر السلطان سليم ليس جسراً فقط بل هو تحفة فنية وهندسية».
وأكد أن الجسر سيفتح أمام العامة اليوم (السبت)، فيما قال أردوغان إن عبور الجسر سيكون مجاناً حتى 31 أغسطس الجاري.
شبه رئيس الوزراء التركي أردوغان بالسلطان محمد الفاتح الذي فتح مدينة القسطنطينية (اسطنبول حالياً) التي كان يحكمها البيزنطيون، وسيّر السفن على اليابسة.
وقال: «لقد سيّر السلطان محمد الفاتح السفن على اليابسة أثناء فتحه مدينة إسطنبول... بينما سيّر أردوغان السيارات تحت البحر بمشاريعه». وأصبحت لجسور اسطنبول رمزية خاصة بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة التي استهدفت الاطاحة بأردوغان.
فقد أغلق الانقلابيون الجسرين الحاليين، إلا أنهم واجهوا مقاومة من أنصار أردوغان، ما أدى إلى اشتباكات دموية. وعلى إثر ذلك تمت إعادة تسمية الجسر الأول ليصبح «جسر شهداء 15 يوليو».
وعلى رغم تأثيرات المحاولة الانقلابية، إلا ان أردوغان يأمل في أن يكون الجسر واحدا من العديد من مشاريعه التي يصفها بـ «المجنونة» التي يأمل في افتتاحها في اسطنبول خلال السنوات المقبلة.
ويأتي افتتاح الجسر بعد أن توعد رئيس الوزراء التركي بالرد على منفذي الاعتداء الانتحاري بسيارة مفخخة، الذي أسفر عن مقتل 11 شرطيا أمس في مدينة جيزري (جنوب شرق) قرب الحدود مع سورية، وتبنى المتمردون الاكراد مسئوليته.
ووقع الاعتداء صباح أمس في الوقت الذي كانت تركيا ترسل مجدداً دباباتها إلى الجانب الآخر من الحدود مع سورية، في اليوم الثالث من عملياتها العسكرية في هذا القطاع.
وجاء في بيان صادر عن محافظة «سرناك» التي تقع فيها جزري «في الساعة 6:45، شنت مجموعة حزب العمال الكردستاني الإرهابية هجوماً انتحارياً بواسطة سيارة مفخخة على مقر شرطة مكافحة الشغب»، ما أدى إلى مقتل 11 شرطيا واصابة 78 شخصا بجروح هم 75 شرطياً و3 مدنيين.
العدد 5103 - الجمعة 26 أغسطس 2016م الموافق 23 ذي القعدة 1437هـ