تسعى وزارة العمل السعودية إلى سعودة الوظائف في القطاع الخاص، إذ شملت أسواق الخضراوات سابقاً بصورة خجولة، فيما برز في الآونة الأخيرة توطين قطاع الاتصالات، ويلوح في الأفق توجه إلى سعودة قطاع التجزئة الذي ظل حكراً على العمالة الوافدة عشرات السنين ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "الحياة" اليوم الخميس (25 أغسطس / آب 2016).
ويأتي قرار وزارة العمل القاضي بإغلاق المحال عند الساعة 9,00 مساء، المزمع تطبيقه العام الحالي، تعزيزاً لبرنامج توطين الوظائف في القطاع الخاص، ويتواءم مع «رؤية 2030».
ويقدّر عدد العمالة الوافدة في السعودية بأكثر من 10 ملايين، ولا تزال تحظى بفرص وظيفية في مجالات عدة، في وقت بلغت نسبة البطالة بين السعوديين نحو 11 في المئة، وتشكل السوق السعودية عامل جذب للعمالة الوافدة، ومصدر إنعاش لاقتصاد بلدانهم.
وأظهر استطلاع أجراه بنك hsbc أن المملكة أكثر وجهة مفضلة للعمالة في الشرق الأوسط، إذ بلغت تحويلاتهم المالية إلى ذويهم في الخارج نحو900 بليون دولار في الربع الثالث من العام الماضي، ما يعني أن السعودية تعد ثاني دولة في العالم بعد أميركا في حجم حوالات الأجانب.
وبحسب مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات السعودية العام الماضي، قدر عدد السكان السعوديين بنحو ثلثي السكان، أي بنسبة 67 بالمئة، بنحو 21 مليون نسمة، فيما يمثل السكان غير السعوديين ثلث السكان بنسبة 33 في المئة، بنحو 10 ملايين نسمة، وتشكّل نسبة العمالة من الجنسية الهندية الشريحة الأكبر، تليها الباكستانية فالبنغلاديشية، ثم المصرية والفيليبينية.
ويتوقع خبراء الاقتصاد هجرة أعداد كبيرة من العمالة الأجنبية من السعودية، إثر الظروف الاقتصادية التي تمر بها بلدان منطقة الشرق الأوسط، ومنها السعودية، وما صاحب ذلك من هبوط في أسعار النفط، إذ ظهرت على الواجهة أخيراً تأخر بعض الشركات في صرف مستحقات موظفيها، وأهمها شركة سعودي أوجيه التي تعمل بها شريحة كبيرة من العمالة الوافدة، إذ دام تأخر رواتبهم إلى سبعة أشهر.
وتعهدت وزارة العمل في وقت سابق بمعاقبة الشركات المتأخرة في دفع مستحقات موظفيها، لكن مشكلة شركة سعودي أوجيه تم حلها أخيراً بعد أن وجّه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الشهر الماضي بمعالجة أوضاع العمالة المتضررة من تجاوزات بعض المنشآت، في حين اعتبر وزير العمل مفرج الحقباني أن ما حصل للشركة التي تملكها عائلة رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري حالة خاصة من شركة واحدة لم تفِ بالتزاماتها التعاقدية.
بدوره، أكد عضو الجمعية السعودية للاقتصاد الدكتور عبدالله المغلوث أن نسبة العمالة في السعودية تراجعت، كاشفاً عن خروج نهائي لعدد من العمالة الوافدة جراء عدم توافر مشاريع كافية تستوعبهم لدى الشركات والمقاولين، ما دفع الشركات إلى ترحيل جزء من عمالتها، مشيراً إلى أن معظم الشركات تسعى الآن إلى خفض الأيدي العاملة، بهدف تقليل مصاريفهم التشغيلية، وتجنب الوقوع في خسائر مادية، لافتاً إلى أن هذا يحصل دائماً في الدول التي تقل مشاريعها فتنخفض نسبة التوظيف لديها.
وقال في حديث إلى «الحياة»: «هؤلاء الأجانب عندما يرحلون إلى بلدانهم ربما يوفقون في عروض عمل أخرى في دول مجاورة، ممن لديها نمو اقتصادي وبنية تحتية جيدة». وأضاف: «إذا استمرت الحال على ما هي عليه من انخفاض في أسعار النفط وقلة المشاريع فبلا شك سيستمر الوضع على هذه الوتيرة في تراجع العمالة الأجنبية». واستطرد: «لن تُبقي الشركات من عمالتها سوى من يحتاجون إليه من أصحاب المهارات والمؤهلات العالية أو فنيين متخصصين، بينما العمالة التي تفتقد هذه المهارات ستضطر الجهات المشغلة لهم إلى ترحيلهم، أما إذا تبدل الوضع الاقتصادي للبلد وزادت أسعار النفط مستقبلاً فمن المتوقع أن تبرم الشركات عقوداً جديدة لعمالة أخرى».
وأشار الأستاذ الجامعي غلام محمد (بنغلاديشي يعمل في إحدى الجامعات السعودية لعشرة أعوام) إلى أنه يشعر بالسعادة كونه يعمل في السعودية، لافتاً إلى أنه فضّل العمل فيها، مضحياً بوظيفة في اليابان يتقاضى عليها راتباً أعلى، وذكر أنه يجد راحة تامة في هذا البلد، ويشعر باستقرار بمعية أسرته، وقال إن هذا الشعور بالارتياح لم يجده وهو في اليابان.
ويوافقه الرأي صديق له يعمل في السعودية نحو 18 عاماً في مجال المواصلات والنقل قائلاً: «إن الراتب الذي أتقاضاه هنا في السعودية فيه بركة ونماء وخير كثير لم ألمسه وأنا خارج السعودية»، مشيراً إلى أن وضعه الاقتصادي والاجتماعي أصبح بأحسن حال، كما استطاع أن يؤسس محال تجارية في بلده، معتبراً أن من يحظى بالعمل في السعودية محظوظ جداً.