من الوداع المجيد لأوسين بولت ومايكل فيليبس ودموع الفرحة بالميدالية الذهبية لنيمار، إلى فضيحة ريان لوكيتي وخيبة أمل نوفاك ديوكوفيتش وجوستين غاتلين، أظهرت أولمبياد ريو دي جانيرو «ريو 2016» وجهين متناقضين، كنظيراتها من دورات الألعاب الأخرى، التي دأبت على الجمع بين مشاعر الحزن والفرحة.
وقد عودتنا الدورات الأولمبية أن الفرحة والحزن لا يفرق بينهما سوى أجزاء من الثانية أو من المليمتر أو بقليل من الحظ، ولكن أولمبياد ريو 2016 كانت شاهدة على انتصارات وإخفاقات ساحقة أيضا.
الفائزون: أوسين بولت
3 سباقات و3 ميداليات ذهبية، حيث نجح نجم ألعاب القوى في تقديم دورة أولمبية أخرى مميزة.
وتمكن بولت، معشوق الجماهير البرازيلية التي ملأت جنبات ملعب جواو هافيلانج الأولمبي لرؤيته، من تحقيق هدفه، الذي تعهد بالوصول إليه قبل انطلاق الدورة الأولمبية، رغم الصعوبات والشكوك، التي أحاطت به؛ بسبب معانته من إصابة عضلية.
وتفوق العداء الجامايكي تفوقا كاسحا في سباقات 100 و200 متر و400 متر تتابع ليحصد 3 ميداليات ذهبية أولمبية للمرة الثانية على التوالي، وهو إنجاز غير مسبوق.
ولم يتمكن بولت من تحطيم أرقامه القياسية العالمية، ولكنه مع ميدالياته الثلاث خرج من الباب الكبير للأولمبياد.
مايكل فيلبس
بعد أن بلغ الـ 31 من العمر وبعد أن عاد من الاعتزال، تمكن السباح الأميركي مايكل فيلبس من توديع الأولمبياد مكللا بالمجد كما كان يأمل.
ونجح فيلبس في إضافة 5 ميداليات ذهبية لرصيد ميدالياته الأولمبية، ليصل إلى رقم قياسي في الألقاب الأولمبية (23 لقبا) وإلى 28 ميدالية جمعها خلال جميع مشاركاته في الأولمبياد.
وفاز فيلبس بسباقات 200 متر فراشة و200 متر فردي متنوع و400 متر تتابع و800 متر سباحة حرة و400 متر متنوع.
ولم يخفق السباح الأميركي سوى في سباق 100 متر فراشة، ليحصد ميداليته الفضية الوحيدة.
وبالإضافة إلى ذلك، نال فيلبس شرف حمل العلم الأميركي للمرة الأولى في الحفل الافتتاحي للاولمبياد.
وهكذا، اختتم فيلبس مشاركته في الدورة الأولمبية بشكل مميز، بعد أن مر بلحظات عصيبة في الفترة الماضية، بدأت بخضوعه للعلاج من إدمان المشروبات الكحولية، وانتهت بإقصائه من بطولة العالم للسباحة في كازان.
سيمون بيلز
في أول مشاركة أولمبية لها، أصبحت لاعبة الجمباز الأميركية البالغة من العمر 19 عاما والتي يصل طولها إلى متر و45 سنتيمترا أحد أبرز نجوم «ريو 2016».
فقد فازت بيلز بأربع ميداليات ذهبية في مسابقة الفردي العام ومسابقة حصان القفز ومسابقة الحركات الأرضية ومسابقة الفرق ضمن منافسات الجمباز الفني للسيدات، لتعادل الرقم القياسي للسوفيتية لاريسا لاتينينا والمجرية اجنيس كيليتي والتشيكية فيرا كاسلافسكا والرومانية ايكاتيرينا شابو، أبرز من حققن انجازات رياضية في دورة أولمبية واحدة.
ولم تتخلف اللاعبة الأميركية عن المركز الأول سوى في منافسات عارضة التوازن، التي حصدت فيها الميدالية البرونزية.
كاتي ليديكي
اجتذب مايكل فيليبس جميع الأنظار ناحيته، ولكن الذي برع في حوض السباحة كانت مواطنته كاتي ليديكي.
فقد حصدت السباحة الأميركية الميداليات الذهبية الثلاث، التي جاءت إلى ريو دي جانيرو من أجل البحث عنها، بعدما فازت بسباقات 200 و400 و800 متر سباحة حرة وحطمت أرقامها القياسية العالمية في السباقين الأخيرين. وبذلك نجحت ليديكي في معادلة إنجاز مواطنتها ديبي مير في أولمبياد 1968 بالمكسيك.
نيمار
كان المسئول الأول عن الفرحة العارمة، التي ضربت الجمهور البرازيلي في ريو 2016.
فقد نجحت البرازيل بقيادة نجمها الأول في التتويج للمرة الأولى في تاريخها بذهبية كرة القدم في الأولمبياد.
وظهر نيمار، الذي تعرض لانتقادات حادة في بداية البطولة وأثيرت العديد من الشكوك حول أحقيته بارتداء شارة القيادة في منتخب السامبا، بالشكل المطلوب عندما كانت هناك حاجة ملحة لتألقه.
وأحرز نجم برشلونة الاسباني هدفين في مرمى هندوراس في الدور قبل النهائي، قبل أن يتقمص دور البطولة في المبارة النهائية، عندما سجل هدفا خرافيا من ركلة حرة من خارج منطقة الجزاء ثم سجل الضربة الأخيرة في الركلات الترجيحية، التي حسمت نتيجة المباراة. وكان هذا اللقب يمثل عقدة بالنسبة للمنتخب البرازيلي ونيمار، الذي انخرط في البكاء كالأطفال بعد المباراة على أرضية ملعب ماراكانا الأسطوري، وقال: «الآن عليهم أن يتقبلوني رغم أنوفهم»، كما أعلن أنه تخلى عن شارة قيادة المنتخب البرازيلي.
الخاسرون: جوستين غاتلين
تحت ظلال بولت الطاغية، خاض غاتلين دورة أولمبية للنسيان، فقد كان العداء الأميركي مرشحا لأن يكون المنافس الأول للجامايكي ولكن فارق السرعة بينهما كان واضحا بدون شك. وشهد سباق 100 متر تفوقا كاسحا لبولت، واكتفى غاتلين بالميدالية الفضية، قبل أن يتم إقصاؤه من الدور قبل النهائي لسباق 200 متر، كما ودع منافسات 400 متر تتابع مع الفريق الأميركي بعد أن حل بالمركز الثالث.
نوفاك ديوكوفيتش
تحول إلى ماكينة لا تتوقف عن تحقيق الانتصارات في بطولات التنس، ولكنه رحل عن أولمبياد ريو 2016 وسط دموعه. وسقط المصنف الأول عالميا في الجولة الأولى أمام نظيره الأرجنتيني خوان مارتن دل بوترو، كما خرج من الدور الثاني من منافسات الزوجي برفقة مواطنه نيناد زيمونيتش على يد الثنائي البرازيلي مارسيلو ميلو وبرونو سواريز، قبل أن يعلن عدم مشاركته في منافسات الزوجي المختلط. وبعدما فاز بلقب رولان جاروس، بدأ اللاعب الصربي في ريو 2016 في البحث عن اللقب الوحيد الغائب عن خزينة بطولاته.
الصين
لقد كانت الأولمبياد الأكثر إحباطا للصين، التي حلت للمرة الأولى منذ أولمبياد سيدني 2000 في المركز الثالث في ترتيب الدول الأكثر حصولا على الميداليات.
وأنهى العملاق الآسيوي مشاركته في أولمبياد ريو 2016 خلف المملكة المتحدة برصيد 26 ميدالية ذهبية و70 ميدالية في المجموع، وهو رقم يقل كثيرا عن الميداليات الذهبية الـ 38، التي حققها في أولمبياد لندن 2012 والـ 51 ميدالية في الأولمبياد، التي أشرف على تنظيمها في 2008.
«يجب أن تكون مزحة»، كان هذا ما كتبته صحيفة « تشاينا دايلي» عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، عندما تفوقت المملكة المتحدة على الصين في عدد الميداليات. وبخلاف تراجع عدد الميداليات الذهبية، استمتع الصينيون بأحداث أخرى خلال الأولمبياد، أبرزها عندما جثا لاعب الغطس كين كاي على ركبتيه بجانب حوض السباحة وطلب الزواج من صديقته هي زي، أو عندما اعترفت السباحة فو يوانهوي بأنها لم تستطع الفوز بأكثر من الميدالية البرونزية بسبب الحيض.
العدد 5099 - الإثنين 22 أغسطس 2016م الموافق 19 ذي القعدة 1437هـ