قالت نائب رئيس هيئة التشريع والإفتاء القانوني المستشارة معصومة عبدالرسول عيسى إن هناك 58 أداة تشريعية ساهمت في الارتقاء بحقوق المرأة وزيادة الحماية القانونية التي تتمتع بها المرأة البحرينية منذ بداية المشروع الإصلاحي الذي دشنه عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
وأوضحت أن تلك الأدوات التشريعية التي تم رصدها من قبل هيئة التشريع والإفتاء القانوني كان لها الدور في توفير حماية خاصة للمرأة أو الارتقاء بحقوقها، حيث إن الرقم يزداد في حال حصر جميع الأدوات التشريعية الأخرى التي توجد حماية قانونية للرجل والمرأة من دون أن تفرق فيما بينهما.
جاء ذلك خلال مشاركة هيئة التشريع والإفتاء القانوني في تلفزيون البحرين عبر برنامج "مستشارك القانوني"، حيث خصص البرنامج حلقة بعنوان "الحماية القانونية للمرأة البحرينية في عهد المشروع الإصلاحي" واستضاف فيها كلاً من نائب رئيس هيئة التشريع والإفتاء القانوني المستشارة معصومة عبدالرسول عيسى، والمستشارة المساعدة إيمان جعفر العرادي، والمستشارة المساعدة جواهر عادل العبدالرحمن، وذلك ضمن إطار احتفاء مملكة البحرين هذا العام بيوم المرأة البحرينية في شهر ديسمبر/ كانون الأول المقبل تحت شعار "المرأة في المجال القانوني والعدلي".
وبينت أن الهيئة قامت بحصر تلك الأدوات القانونية وشرح ما تضمنته من زيادة وارتقاء في الحقوق التي تحظى بها المرأة البحرينية، لافتة الى أن هيئة التشريع والافتاء القانوني ستسلط الضوء أكثر حول هذا الموضوع في إصدار تعتزم تدشينه قريباً.
وأكدت المستشارة معصومة عبدالرسول عيسى أن المشروع الإصلاحي جعل من المرأة ركيزة أساسية لعملية الإصلاحات الشاملة التي قادها جلالة الملك، حيث أعلت تلك الإصلاحات من شأن المواطن عموماً وكذلك المرأة لكونها جزءاً أساسيّاً من المجتمع.
وأعلنت أن هيئة التشريع والإفتاء القانوني في صدد تخصيص نافذة خاصة بالأدوات التشريعية البحرينية المتعلقة بالمرأة وحقوقها على موقعها الإلكتروني خلال الفترة المقبلة، وذلك ضمن إنجازات اللجنة الداخلية في الهيئة المعنية بتكافؤ الفرص.
وأوضحت أن دستور مملكة البحرين وميثاق العمل الوطني يأتيان على رأس القواعد القانونية التي اهتمت بالمرأة البحرينية والارتقاء بالحقوق والحماية التي تتمتع بها اليوم.
وأشارت إلى وجود العديد من الأدوات التشريعية في عهد المشروع الإصلاحي أعلت من شأن المرأة، ومن ذلك الأمر الأميري بإنشاء المجلس الأعلى للمرأة، والأمر الملكي بتحديد ضوابط تعيين أعضاء مجلس الشورى حيث جاء فيه ضرورة مراعاة أن يكون تمثيل المرأة في مجلس الشورى تمثيلاً مناسباً، والأمر الملكي بإنشاء وتنظيم اللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ النموذج الوطني بإدماج احتياجات المرأة في برنامج عمل الحكومة المعدل بالأمر الملكي رقم (12) لسنة 2014، وقانون أحكام الأسرة، وقانون الحضانة الأسرية، وقانون إنشاء صندوق النفقة.
وذكرت أن اللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ النموذج الوطني بإدماج احتياجات المرأة والتي ترأسها رئيسة المجلس الأعلى للمرأة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، ساهمت في إيجاد العديد من الإنجازات للمرأة كصدور تعليمات ديوان الخدمة المدنية بشأن إنشاء لجان تكافؤ الفرص في المؤسسات الرسمية والحكومية.
وردّاً على رأيها في الحماية القانونية التي تتمتع بها المرأة البحرينية اليوم مقارنة بما كانت عليه في السابق بحكم خبراتها الواسعة التي بدأت من العام 1980 كمستشارة في الهيئة، قالت نائب رئيس هيئة التشريع والإفتاء القانوني إن المرأة البحرينية عاشت في بيئة متطورة، فهي جزء أساسي من المجتمع وشاركت في الاستحقاقات الأساسية كالانتخابات البلدية كناخبة لأول مرة في العام 1950.
وأضافت "المشرع البحريني أخذ في البداية اتجاه خلو تشريعاته من وجود أي تمييز ضد المرأة، وكان يحمي حقوق الجميع من دون أن يخصص بها فئة من دون غيرها".
وتابعت" تطور اتجاه المشرع للنص على كلمة المرأة في النصوص، كما حصل في ميثاق العمل الوطني وفي دستور مملكة البحرين".
ونوَّهت إلى أن إدراك المجتمع الدولي في قضايا حقوق الإنسان والذي نشهده اليوم لم يكن كالسابق، حيث كان غير متكامل، مضيفة "أما اليوم فإن الوعي بقضايا حقوق الانسان بشكل عام وقضايا حقوق المرأة في تزايد مستمر سواء على الصعيد الدولي أو على صعيد مملكة البحرين".
اتجاهات المشرع البحريني في معالجة قضايا المرأة
وعن اتجاهات المشرع البحريني في معالجة القضايا المتعلقة بالمرأة، قالت المستشارة معصومة عبدالرسول عيسى إن المشرع وهو ينظم القضايا المتصلة بالمرأة سلك ثلاثة اتجاهات.
وأضافت "الاتجاه الأول يتمثل في النظر إلى المرأة كإنسان عليها التزامات ولها حقوق، حيث لم يميز بينها وبين الرجل ولم يأتِ على ذكر أي منهما في النصوص، ومثال على ذلك قانون التجارة عندما نص على مباشرة العمل التجاري لم يذكر أيّاً من المرأة أو الرجل، فكان هذا الحق لهما على حد سواء".
وبيَّنت أن الاتجاه الثاني الذي سلكه المشرع البحريني منبثق من المبدأ الدستوري الذي يقضي بأن تكفل الدولة التوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها في المجتمع، مضيفة "لتأتي التشريعات وتعكس هذه المكانة والتقدير الذي تحظى به المرأة ليكون له نوع من المكانة والمعاملة الخاصة، وذلك إدراكاً لمكانتها في المجتمع ودورها كأم في الوقت ذاته، ومثال ذلك أن قانون الخدمة المدنية أعطى حقوقاً خاصة للمرأة بجانب الحقوق العامة الأخرى التي يتمتع بها الرجل والمرأة على حد سواء".
وأوضحت أن الاتجاه الثالث يتمثل في ذكر المرأة بجانب الرجل للتأكيد على أن تلك الحقوق يتمتع بها كلاهما من دون تفرقة ومن باب تشديد التأكيد على هذا الحق حتى لا يتعمد أو يسيء فهم النص القانوني، مشيرة إلى أن مثال ذلك قانون مباشرة الحقوق السياسية عندما ذكر يتمتع المواطنون - رجالاً ونساءً - بمباشرة الحقوق السياسية.
الاتفاقيات الدولية ساهمت في تعزيز الحماية
من جانبها، قالت المستشارة المساعدة إيمان العرادي من إدارة المعاهدات والاتفاقيات الدولية والعقود في هيئة التشريع والإفتاء القانوني إن انضمام مملكة البحرين للاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان بشكل عام وتلك التي تتضمن حماية خاصة لحقوق المرأة بشكل خاص، يسهم في تعزيز الحماية القانونية للمرأة في البحرين.
وبينت أن انضمام المملكة لهذه الاتفاقيات شكل في كثير من الأحيان الأساس الذي بني عليه تحديث التشريعات الداخلية أو إصدار تشريعات جديدة تتعلق بالمرأة وتشكل حماية قانونية لها.
وأضافت "من أمثلة ذلك قانون الطفل الذي صدر استناداً إلى انضمام مملكة البحرين إلى اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، قانون مكافحة الاتجار بالأشخاص صدر استناداً إلى انضمام مملكة البحرين إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية".
وأوضحت أن حقوق المرأة تمثل جزءاً من القانون الدولي لحقوق الإنسان، مشيرة إلى أن حقوق المرأة تأتي في الاتفاقيات الدولية كجزء من التوجه الدولي لتوفير الحماية للفئات الأكثر ضعفاً كالنساء والأطفال والمهاجرين وذوي الاحتياجات الخاصة.
وفيما يتعلق بمفهوم مبدأ المساواة في القانون الدولي ومدى اختلافه عن مفهوم المساواة في القوانين الوطنية، قالت المستشارة المساعدة إيمان العرادي: "إن التمتع بالحقوق والحريات على قدم المساواة في القانون الدولي لا يعني المعاملة المماثلة في كل حالة من الحالات".
وقالت العرادي إن نصوص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تضمنت نصوصاً فيها تمييز إيجابي في المعاملة على اختلاف الغايات، مضيفة "مثالاً حظر تنفيذ حكم الإعدام على المرأة الحامل، كما يوجد تمييز إيجابي بأن تكون الحقوق السياسية على أساس المواطنة وليس للجميع، وهذا النوع من التمييز مقبول ومشروع في الوقت ذاته، لأنه يعتمد على أسس منطقية ومقبولة، لذا فإن المساواة في القانون الدولي لا تعني المعاملة بالمثل تماماً".
واستطردت "أما فيما يتعلق بالمساواة بين المرأة والرجل في القانون الدولي أيضاً لا تخرج عن هذا المفهوم العام للمساواة، فمتى ما كان هناك تمايز في التعامل بين المرأة والرجل بسبب منطقي ومشروع نكون أمام معاملة طبيعية ولا نكون أمام تمييز أو عدم مساواة".
وعن مدى حاجة المعاهدات والاتفاقيات إلى تعديل في القوانين المحلية لكي تكون نافذة أم أن مجرد التصديق عليها يدخلها حيز التنفيذ، قالت المستشارة المساعدة إيمان العرادي إن المعاهدات والاتفاقيات تدخل حيز التنفيذ في مملكة البحرين وفق المادة (37) من الدستور والتي بموجبها يكون للمعاهدة قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها في الجريدة الرسمية بمعنى أن التصديق على المعاهدة سواء بمرسوم أو بقانون يجعلها نافذة في مملكة البحرين.
وأضافت "أما بالنسبة لموضوع مدى قابلية النصوص الواردة في المعاهدة للتطبيق بمجرد دخولها حيز التنفيذ، ففي بعض الأحيان تكون النصوص الواردة في المعاهدة قابلة بذاتها للتطبيق، في حين أن هناك نصوصاً أخرى في الاتفاقيات تحيل إلى الدول الأطراف اتخاذ الإجراءات التشريعية وغيرها من التدابير اللازمة لتفعيل نصوص الاتفاقية".
دستور مملكة البحرين سباق في الحماية القانونية للمرأة
من جهتها، قالت المستشارة المساعدة جواهر عادل العبدالرحمن من إدارة التشريع والجريدة الرسمية في هيئة التشريع والإفتاء القانوني إن دستور مملكة البحرين كان سباقاً في النصوص النوعية التي تخص المرأة، حيث إن الدساتير التي صدرت وجاءت من بعده تلاحظ أنها أخذت بنهج الدستور البحريني ذاته.
وبينت أن دستور 2002 والذي صدر في عهد عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عكس إرادة الشعب وترجم مبادئ ميثاق العمل الوطني وخص المرأة وحقوقها بنصوص صريحة، لافتة إلى أن "هذه النصوص الدستورية الخاصة بالمرأة جاءت في ثلاثة أنواع من النصوص تمثلت في نصوص عامة ونصوص خاصة ونصوص نوعية".
وأضافت "أما النصوص العامة فهي تلك المتعلقة بالمساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات العامة"، لافتة إلى أن مبادئ المساواة أعطاها المشرع الدستوري حصانة ضد أي تعديل أو تغيير".
وأوضحت "النصوص الخاصة في الدستور تناولت حق المرأة في التوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها في المجتمع، ومساواتها بالرجل في مختلف ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية من دون إخلال بالشريعة الإسلامية".
وتابعت "وأخيراً تضمن الدستور نصوصاً نوعية جاءت لتؤكد على حق المرأة في المشاركة في الشئون العامة والتمتع بالحقوق السياسية بالانتخاب والترشح وأيضاً تولي الوظائف العامة".
وفيما يتعلق بمساهمة المرأة وتطور الحماية القانونية للمرأة البحرينية، قالت المستشارة المساعدة جواهر عادل العبدالرحمن: "تطور الحماية القانونية أو التشريعية للمرأة يكون من ناحيتين، الأولى مساهمة المرأة في إعداد وصياغة التشريعات، والثانية تطور التشريعات ذاتها التي تخص المرأة".
وأضافت "فيما يتعلق بمساهمة المرأة في إعداد وصياغة التشريعات فقد ساهمت هيئة التشريع والافتاء القانوني بصفتها هيئة مستقلة ذات طبيعة قضائية من خلال اختصاصها في إعداد وصياغة التشريعات في التأكد من خلو التشريعات من أي تمييز ضد المرأة لتكون متوافقة مع الدستور وغير مخالفة للنصوص الخاصة بالمساواة بين المرأة والرجل ذلك أن وجود تمييز ضد المرأة في القوانين يعد مخالفة للدستور نفسه".
وتابعت "كما أن وجود المرأة كمستشارة قانونية في هيئة التشريع والافتاء القانوني منذ بدايتها في السبعينات كان له الأثر والدور المساند للمرأة، وكذلك وجود المرأة في السلطة التشريعية ووجود لجان متخصصة فيها مثل لجنة شئون المرأة والطفل ساهم في تطور التشريعات الخاصة بالمرأة". وقالت: "بالنسبة للتشريعات التي تخص المرأة، نجد أن المشرع البحريني لم يميز بين الرجل والمرأة في التشريعات بشكل عام فمنحها الحقوق ذاتها التي أعطاها للرجل، ثم جاء بتشريعات خاصة بالمرأة واستخدم كلمات وألفاظاً متنوعة تؤكد على حقها في مختلف المجالات نظراً لطبيعتها وظروفها ومنها (امرأة، نساء، أنثى، أم، زوجة، أخت، ابنة، أرملة، مطلقة، حُبلى، موظفة، عاملة، مسلمة، بحرينية، ...)".
وحول قانون العمل في القطاع الأهلي ومدى تقدم القانون الجديد المطبق من 2012 مقارنة بالقانون السابق فيما يتعلق بحقوق المرأة، قالت العبدالرحمن: "بداية أود أن ألقي الضوء على القوانين السابقة المتعلقة بالعمل أيضاً، حيث إن قانون العمل البحريني للعام 1957 وتعديلاته لم يخص المرأة العاملة بنصوص خاصة، ثم جاء قانون العمل في القطاع الأهلي الصادر بالمرسوم بقانون رقم (23) لسنة 1976 وتعديلاته الذي خصص باباً لـ "تشغيل النساء" تناول نصوصاً تخص حق المرأة العاملة".
وأضافت "أما قانون العمل في القطاع الأهلي الجديد الصادر بالقانون رقم (36) لسنة 2012 فقد تضمن أيضاً باباً خاصاً بشأن "تشغيل النساء" وتضمن الأحكام والنصوص المشار إليها سلفاً فضلاً عن حقوق ومكتسبات أخرى للمرأة".
وبالمقارنة بين كلا القانونين الصادر سنة 1976 والصادر سنة 2012، قالت: "يتبين لنا أن القانون الأخير قد تضمن مزايا وضمانات أكثر فيما يخص تشغيل النساء ومن ذلك النص على أن تسري على النساء العاملات الأحكام كافة التي تنظم تشغيل العمال من دون تمييز بينهم متى تماثلت أوضاع عملهم، واعتبار فصل العاملة أو إنهاء عقد عملها بسبب حمل المرأة العاملة أو وضعها فصلاً تعسفياً".
وأشارت إلى أن قانون العمل الجديد تضمن أيضاً أن يكون للعاملة المسلمة الحق في إجازة لمدة شهر مدفوعة الأجر إذا توفي زوجها، فيما كان القانون السابق يمنحها ثلاثة أيام فقط.