أكد إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، الشيخ فريد المفتاح، أن الحضارة الإسلامية لا تعرف التشدد والطائفية المنغلقة، كما أنها تستنكر وتتعارض مع الوصاية الدينية والمذهبية الواحدة، مشيراً إلى أن «حضارتنا لا تعرف الرجعية والانكفاء، ولا تعرف التطرف والتفجير والدماء.
وفي خطبته، يوم أمس الجمعة (19 أغسطس/ آب 2016)، قال المفتاح إن: «هذه الحضارة القائمة والمنطلقة من مبادئ الإسلام الحنيف، لا تعرف التعصب ولا تعرف الطائفية ولا الانغلاق والتقوقع، ولا تعرف المذهبية المنغلقة، ولا تعرف الوصاية الدينية المذهبية، إنما هي فكر راقٍ، واجتهاد منفتح».
وشدد على أن «حضارتنا الإسلامية لا تعرف التشدد ولا تعرف الرجعية والانكفاء، وهي من باب أولى لا تعرف التطرف والتفجير والدمار، ولا إثارة الفوضى ولا سفك الدماء، ولا القتل والترويع والتخويف، الدماء فيها معصومة، والنفس مكرمة، والأنفس فيها مصانة، والفكر فيها والاجتهاد فيها منفتح»، مؤكداً أن «الناس في حضارتنا آمنون على أنفسهم، وأموالهم وأعراضهم، مطمئنون، لهم حقوقهم».
وبيّن أن الحضارة الإسلامية «تدعو أبناءها رجالها ونساءها إلى الاستفادة من الدروس والعبر والعظات، وتطبيق مبادئها الإسلامية وما تربيهم عليه من قيم سامية وآداب وقيم رفيعة وعالية».
ودعا إلى أن «نتخذ من مبادئ حضارتنا منطلقاً لترشيد علاقتنا فيما بيننا، وفيما بيننا وبين غيرنا من شعوب العالم، ولنقل بصوت واحد، نحن أبناء حضارة إسلامية رحيمة، متسامحة، منفتحة، تستنكر التشدد والتعصب، والطائفية والمذهبية المنغلقة، تستنكر وتتعارض مع الوصاية الدينية الواحدة، وتستنكر القتل وسفك الدماء، وتحرم الترويع والفوضى وإشاعتها والإخلال بالأمن.
وقال: «إن حضارة الغرب اليوم تدين لحضارة المسلمين ولتراث المسلمين بكثير من الفضل، فعلى علوم ومعارف علمائنا وفلاسفتنا ومكتشفاتهم قامت حضارة الغرب بعلومها ومخترعيها وصناعاتها وتقدمها».
كما أكد أن «هذه الحضارة التي ورثناها ونحن كنا نتاجاً لها، هي أرقى حضارة عرفتها البشرية، حضارة قامت على مبادئ الحق والعدل والأخلاق، وعلى الآداب والقيم وجاءت بالرحمة العامة للخلق أجمعين، حضارة جاءت لعمارة الأرض وفق منهج خالقها الحكيم العليم، وانطلقت من الإيمان والعلم والمعرفة والأخلاق والقيم».
وأوضح أن «هذه الحضارة التي شيدها الإسلام بالعلم والقراءة، قامت على قيم الإنسانية والعالمية والانفتاح والسماحة، ولذلك فقد أورثت معتنقيها على مر القرون والعصور، أورثت معتنقيها حسن الخلق وجمال السلوك ورفعة الأدب وجمال الفنون الذي تعاملوا به مع الناس على اختلاف معتقداتهم ودياناتهم، وتنوع ثقافاتهم وأفكارهم».
وتابع «عاش المسلمون بين فئات البشر متآخين متعاونين منفتحين، متعارفين ومتعاونين مع غيرهم، في ظل احترام متبادل، وعاش غير المسلمين في كنف الإسلام آمنين مطمئنين، لهم حقوقهم ولهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين»، مشيراً إلى أن «هذه الحضارة الخالدة والأخلاق والقيم العالية، تعرف قيمة النفس البشرية، وحرمة المساس بها وانتهاك حرمتها، فلا عدوان إلا على المعتدين، ولا حرب إلا مع المحاربين».
وفي سياق خطبته أمس، تحدث المفتاح حول القراءة وأهميتها في الارتقاء بالعقل البشري. ورأى أن «القراءة طريق التقدم والرقي، ومنبع الحضارة والثقافة، فالحضارة نتيجة وثمرة من ثمار ونتائج القراءة والاطلاع، والوعي وسعة الأفق، وما من أمة تقرأ إلا تبوأت موضع الريادة، وحازت الصدارة، لذلك فالقراءة في الإسلام لها أهمية بالغة، ومكانة رفيعة ومنزلة كريمة، بل هي سر اهتمام الإسلام بالقراءة».
ولفت إلى أن «القراءة كانت أول كلمة نزلت من أول آية تليت، وأول توجيه سماوي هو اقرأ، اطلع، تثقف، فكان ذلك أول نور نزل من السماء لينشر الضياء ويبدد الظلماء، وينشر العلم والنور، حيث فتحت آفاق المعرفة، وأبواب العلم، وقد عمل وحرص النبي (ص) على نشر العلم وتعلم القراءة والكتابة، وجاء ذلك مسجلاً ومدوناً في السيرة العطرة للرسول الكريم (ص)، فجعل مثلاً مما حثَّ ورغّب فيه على القراءة، فجعل فداء الأسير في بدر أن يعلم 10 من أبناء المسلمين القراءة والكتابة.
وأضاف «غرس الإسلام حب القراءة والاطلاع والعلم في قلوب المسلمين، غرساً عميقاً فأحبوها حبّاً عظيماً، حتى كان الكتاب أحب إلى أحدهم من طعامه وشرابه».
وقال: «إن للقراءة فوائد جليلة، وآثاراً عظيمة، فهي وسيلة العلم، وسبيل المعرفة، ومن خلالها يكتسب الإنسان العديد من الأفكار والأفهام، وتتوسع مداركه، ومن هنا فإن القراءة تأخذ بالإنسان إلى التطوير وسعة الأفق والتحضر والإبداع، وتحسين الأخلاق والرقي بالسلوك، ومن قرأ تعلم ونال أعظم الفائدة والفهم».
وذكر إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، أن «القراءة ترفع أهلها، وتعلي قدر أصحابها، وتقدمهم على غيرهم، وكان النبي (ص) يقدم الكتاب من أصحابه»، مشيراً إلى أن «القراءة غذاء للعقل، ولذة للقلب، وفيها ترشيد للسلوك، وتهذيب للأخلاق، وترسيخ للآداب، ودفع للعلم والعمل، ولا يخلو كتاب من فائدة».
وأفاد بأن «القراءة من أهم وسائل نقل ثمرات العقل البشري وآدابه وفنونه ومنجزاته وإبداعاته وابتكاراته ومخترعاته، وهي توسع مدارك القارئ وتكسبه علماً وحكمة وفهماً وأدباً ورقيّاً ودراية، وتنمي مهاراته وتزيد من خبراته، كما أنها تهذب الأخلاق وتحسن السلوك».
وأشار إلى أن الكثير من وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي قربت العلوم والمعارف والمعلومات المفيدة، وهي موسوعات علمية نافعة تستطيع أن تحملها في الجيب، داعياً إلى «القراءة والاطلاع، إلا أن خير ما يقرأ ويطالع هو كتاب الله تعالى، وعلينا أن نقرأ بعد ذلك سيرة نبينا محمد (ص) وأن نطلع على سيرته العطرة، لنستلهم منها العبر والدروس والعظات، ونأخذ منها القدوة والأسوة والأخلاق، والسلوك والفكر الحسن».
ونوّه إلى أن «لغتنا هي اللغة العربية، وهي لغة القرآن ولغة حياة نعيشها تعبر عنا بمختلف حالاتنا، والمحافظة عليها مسئولية دينية وهوية وأخلاقية»، مضيفاً أن «المسلمين لديهم رصيد من العلوم والفنون والمعارف والثقافات المتعددة والمتنوعة، التي دونت كتب التراث، منها ما يعجز القلم، ويعجز اللسان عن وصفه وعدّه، بل وما عجزت البشرية عن استيعابه وترجمته، كيف لا وحضارة المسلمين الخالدة منحت عالم اليوم أصول وقواعد وقيم التقدم والاختراع والتطور، بما تركه علماء وفقهاء ومفكرو وفلاسفة الأمة من تراث مجيد حافل غزير وعميق بالعلوم والفنون والآداب والمعارف في شتى المجالات والتخصصات».
العدد 5096 - الجمعة 19 أغسطس 2016م الموافق 16 ذي القعدة 1437هـ
18
بارك الله فيك ياشيخنا
أليس فرض مناهج دينية على مذهب معين وصاية دينية مذهبية؟
لم يعرف العالم تشددا دينيا مثل من تأسلموا بالإسلام وصل الأمر إلى قطع الرؤوس نتيجة الاحتقانات الطائفية تكفير تضليل للفكر إباحية للجنس فرض وصاية غريبة على العباد والبلاد تكريس الحقد في المناهج والمساجد وفي النهاية الخطاب الديني يتبرأ من كل ذلك