بدأت مشوارها مع الكتابة منذ نعومة أظفارها، حين كانت تقرأ كتب الأطفال ذات القيمة الكبرى في ذلك الوقت. دخلت عالم الكتابة للأطفال - وهو العالم الذي قلما نجد من يلجه خصوصاً لدينا في البحرين. حتى كادت تكون الوحيدة من الجيل الجديد في هذا المجال. تحلم أن تؤسس مركزاً للأطفال وأن تنشر الأخلاق والصفات الحميدة لدى الأجيال الجديدة.
ندى فردان، مؤلفة المجموعة القصصية «فارس ودروعه العشرة»، دشنت كتابها مؤخراً في أكثر من مكان، وأقامت العديد من الفعاليات التفاعلية للأطفال. شدنا وجودها في هذا المجال بعد أن عزف كثير من الأدباء عنه، فكان لنا معها حوار حرصنا من خلاله على التعريف بها، وبتجربتها ليكون حافزا لها ولغيرها في هذا المجال:
كنتِ مهتمة بالأدب منذ دراستكِ في المدرسة، وفزت بالعديد من الجوائز، على رغم تخصصكِ العلمي... من أين بدأ هذا الشغف بالأدب، وما هو سره؟
- بدأ هذا الشغف منذ أن كنت في المرحلة الابتدائية، حيث رصدت مدرساتي آنذاك موهبتي في الكتابة، وشغفي بالقراءة، وشجعنني على الاشتراك في الكثير من الأنشطة الأدبية المدرسية: كالإذاعة المدرسية والصحيفة الصفيّة، وتأليف المسرحيات والفعاليات وغيرها. كما صقلت أمي هذا الشغف أيضاً بتحفيزي على قراءة القصص ومجلات الأطفال الهادفة، ومنها طورت مهارتي في الكتابة.
بين هندسة الكلمات - طريقكِ الذي اخترتِ إلى جانب مهنتك - وهندسة المساحات والأمكنة... مسافة قريبة في كونها تشكيلاً وخلقاً وفنّاً... كيف انتقلت من هذا إلى ذاك؟
- في البدء أودّ أن أنوه أن الكتابة والعمارة تشتركان في أمر محوري ألا وهو الخيال، لذلك لم أجد صعوبة في الانتقال إلى مجال الكتابة؛ لأن عقلي كان مهيأً دائماً للخيال وهندسة الأفكار. كل ما في الأمر أن طريقة التعبير اختلفت من العرض بالرسم إلى العرض بالكلمات والمشاعر.
أما السبب الذي دعاني إلى الانتقال إلى هندسة الكلمات، فهو إنجابي ابني الحبيب علي، والذي سعيت من نعومة أظافره إلى أن أنشئه نشأة صحيحة ليكون رجلاً صالحاً ومنتجاً ونافعاً لمجتمعه. فحرصت على تشجيعه على القراءة. لكن ما صدمني هو مستوى كتب الأطفال المتدني الذي وجدته ولم أتقبله، وخاصةً أنني عشت أحلى أيام طفولتي في كنف أحلى القصص من سلسلة المكتبة الخضراء وليدي بيرد وغيرهما من القصص الجميلة والمفيدة. ولهذا قررت أن أحيي موهبتي في الكتابة التي أهملتها لانشغالاتي في الهندسة. وما إن عدت إلى الكتابة قبل 3 سنوات تقريباً لم أتوقف لأنني مصممة على تحقيق حلمي بنشر قصص على مستوى عال يليق بطموحاتنا في خلق جيلٍ واعٍ وناجح.
هنالك من يقول إن الكتابة للطفل يجب أن تكون نابعة من عقلية الطفل نفسه، بمعنى أن تكتب بعد أن تتقمص عمره وطريقة تفكيره ومنطقه. ما رأيك بهذا؟ وكيف وجدتِّ الاشتغال بهذه الطريقة، إن كنت تتفقين مع هذا الرأي؟ هل كان سهلاً عليك؟
- أوافقه الرأي، فإن كان هدفي جذب الطفل لقراءة ما أكتب، يجب عليّ تقديم ما هو جاذب له وما هو مألوف لديه. لكني أضيف إلى هذا الرأي: أن من يكون في داخله طفل لم يكبر – كحالتي أنا – فإنه يستطيع أن يتقمص شخصية الطفل، وأن يصيغ عباراته بمستوى فكري مناسب للمرحلية العمرية المقدمة إليها.
شاركتِ في العديد من المسابقات في كتابة القصص والمسرحيات الموجهة إلى الأطفال... كيف كانت ردود الفعل حول هذه المشاركات؟
- كانت أكثر من رائعة وفاقت تصوري، وخاصة أني شاركت بها بعد انقطاع طويل عن الكتابة، لكني فوجئت بأنني أفوز أو أحرز مراكز متقدمة على أقل تقدير. بل وفي مسابقة من المسابقات التي فازت بها قصتي بالمركز الثاني، تواصلت مع دار النشر وأبدت إعجابها الشديد بالقصة ووعدتني بنشرها. وكل هذا والحمد لله يشجعني على مواصلة رحلتي في الكتابة، وخاصة أن هذه المسابقات كانت على مستوى الوطن العربي ويشرف عليها كتّاب وأخصائيون لهم ثقلهم الأدبي. وهو ما حمسني لطباعة ونشر كتابي «فارس ودروعه العشر»، والذي حازت قصصه إشادة حكام جائزة الشارقة للإبداع العربي في الدورة 18.
بين الكتابة للطفل والتعامل معه بشكل شخصي في الفعاليات المقدمة إليه، فرق وجهد مختلف... حدثينا عن مشاركاتك هذه، فقد تطوعت مؤخراً في تقديم بعض الفعاليات والأنشطة الخاصة بالأطفال.
- تطوعت مؤخراً في فعاليات خيمة نخول التي أقامتها هيئة الثقافة والآثار من خلال ورش رواية قصص كتابي: فارس ودروعه العشر، ووجدت الكثير من المتعة بلمس التفاعل الفوري للأطفال مع القصة التي أرويها لهم والألعاب والأنشطة التكميلية التي قدمتها، إذ رغبت أن تكون روايتي للقصص خارجة عن المألوف؛ كي أحبب الأطفال في القراءة وأشجعهم على خلق علاقة وطيدة مع الكتاب.
وعلى رغم أني أكتب الروايات والشعر فإنني اخترت أن تكون انطلاقتي في أدب الطفل أولاً؛ لأنني ذقت حلاوة التفاعل مع الأطفال والتعامل معهم بشكل شخصي؛ إذ إن عملي مع الأطفال ليس حديث العهد، بل تطوعت سابقاً مع وزارة التنمية الاجتماعية كمدربة تصوير فوتوغرافي وتعليم برنامج الفوتوشوب.
كتابك الأول... «فارس ودروعه العشر»، جاء معلناً بداية كاتبة جديدة للأطفال من البحرين، وهو مجال قليل ما نجد من يدخله... من أين جاءت فكرة الكتاب وكيف طبع؟
- كما أخبرتك سابقاً أن تدني مستوى كتب الأطفال المعروضة في المكتبات هو ما دفعني إلى الكتابة وتقديم كتب ذات مستوى أعلى، أما فكرة الكتاب نفسها فقد جاءت من ابني علي الذي ألهمني شخصية فارس! فهو بالنسبة لي فارسي الصغير الذي أحلم بأن أراه قويّاً قادراً على مواجهة الصعاب مستقبلاً حينما يكبر. أما الدروع فهي إسقاطات على الصفات القيادية والأخلاق الحميدة التي أود أن تنمو وتزدهر في نفسية الأطفال؛ لأن تلك الصفات والأخلاق هي بمثابة دروع تحمي الفرد بل ومن الممكن أن تقوده إلى طريق الخير.
أما بالنسبة إلى الطبع والنشر فقد واجهت صعوبة، إذ لم أجد دار نشر متخصصة في أدب الطفل في البحرين، ما اضطرني إلى البحث عنها في الدول العربية. وأخذت الكثير من الوقت لأجد دار النشر التي تتحمس للكتاب إلى أن وجدت دار «كشمش للإبداع الفني».