مشكلة النفايات كمعضلة حديثة التكوين في حيثيات مؤشرات تصاعد مستوياتها واتساع رقعتها الجغرافية وآثارها الصحية والاجتماعية والبيئية، هي في صلب اختصاصات واهداف خطط التقييم الوطني والعالمي، إذ تشكل أبعاد مخاطرها مؤشرا محوريا في الدراسات اﻻستراتيجية لخطط التقييم الوطني للواقع البيئي، كما أنها في محور اهتمامات البحوث العلمية للمختصين الذين يحرصون على دراسة المشكلة وفق معايير البحث العلمي المرتكز على منهج مقاربة اﻻحداث وتجارب الدول في خطط العمل التنفيذي في إدارة عملية معالجة مشكلة النفايات والطرق المنهجية للحد من اتساع رقعتها وتزايد مخاطرها، وجرى في مقال سابق استعراض بعض من هذه التجارب، وبينا الاهمية الاستراتيجية للثروة العلمية التي تكتنزها البحوث العلمية المتوافرة في المكتبة العربية في الاستفادة من مرئياتها لبناء نظام متقدم للادارة البيئية للنفايات.
التقييم كمنهج لتشخيص أسباب مشكلة النفايات ومخارج الحلول تأخذ بمحددات معاييره العلمية في قراءة واقع المشكلة وأبعاد مخاطرها اﻻجتماعية واﻻقتصاد والصحية والبيئية في التقارير والخطط التي تبنتها مملكة البحرين، ويمكن تبين ذلك في اﻻستراتيجية الوطنية للبيئة الصادرة عام 2006، وفي تقرير حالة البيئة في مملكة البحرين الصادر عام 2009.
القراءة العلمية التي ترتكز عليها الوثيقتان في تشخيص واقع مشكلة النفايات، المؤشرات الاحصائية للبيانات التي جرى تسجيلها في مراحل مختلفة، إذ يجري في الإستراتيجية الوطنية للبيئة في محور «إدارة المخلفات ضمن القسم الرابع الذي يعالج القضايا المتقاطعة مع البيئة السياحية والبيئة في مملكة البحرين» الاشارة الى أن «كمية المخلفات البلدية ارتفعت من 338 ، 272 طنّاً عام 1996 إلى 820 , 536 طنّاً عام 2002. كما تشير الاحصاءات الى ارتفاع معدل المخلفات الطبية بنسبة 5 في المئة، وتبين الاحصاءات أن متوسط حجم المخلفات الصلبة خلال عامي 1996 – 1997 بلغ حوالي 850 , 434 طنّاً سنوياً (ما يعادل 5 1, 1 كجم /فرد/سنة) عام 2002، 52 في المئة منها نفايات منزلية المنشأ، و32 في المئة منها تجارية، و6 في المئة مخلفات البناء، والباقي مخلفات زراعية وصناعية غير خطرة وحيوانات نافقة).
الجهد العلمي في قراءة واقع مشكلة النفايات احتل ايضاً مساحة مهمة في تقرير حالة البيئة في مملكة البحرين، وذلك ما يجري إيضاحه في «الفصل السادس من التقرير حول المخلفات» وتجري الاشارة إلى (أن هناك ارتفاعاً مستمراً في كميات المخلفات البلدية حيث بلغ كمياتها أكثر من 3000 طن يومياً في العام 2006. وتشير التقديرات الإحصائية في العام 2000 الى أن معدل الانتاج من المخلفات الصناعية بلغ حوالي 384 طنا في اليوم أي بمعدل 140 الف طن سنوياً، ويسجل التقرير الى أن هناك ارتفاع في كمية المخلفات الطبية من 514 طنا في عام 2002 إلى 1200 طن في 2006).
الملاحظ أن هناك شبه توافق بين الوثيقتين في تشخيص الاسباب والحلول لتجاوز معضلة النفايات ويجري تشخيص الاسباب وحصرها في:
1) الازدياد المطرد في عدد السكان؛ ما أدى إلى زيادة كمية المخلفات بأنواعها.
2) قلة المواقع المناسبة للتخلص من النفايات نظراً إلى محدودية الرقعة الجغرافية للبحرين.
3) غياب التقنيات الحديثة والملائمة للمعالجة السليمة بيئياً للمخلفات والنفايات.
4) غياب مشاريع إدارة التدوير.
المخرجات التي يشخصها التقريران تجسد البعد الاستراتيجي في بناء مؤسسات الحل، بيد أننا نعتقد أن هناك عناصر مهمة في معادلة أسباب تصاعد معضلة النفايات ينبغي عدم اغفالها، إذ إن عدم وجودها يمثل سبباً رئيسياً في الخلل الحاصل في المعالجة السليمة لمعضلة النفايات، والحد من تصاعد وتائرها، وتتمثل تلك العناصر في ضعف التشريع البيئي وفي المستوى المتدني للوعي الاجتماعي في شأن الطرق السليمة للتخلص من النفايات الى جانب تفشي مفاهيم السلوك غير الرشيد وعدم الالتزام بقواعد النظافة العامة، بالإضافة الى ضعف الادارة والرقابة والتفتيش على الانشطة، المتسبب الرئيسي في معضلة النفايات.
الآثار السلبية على البيئة والصحة العامة للنفايات يجرى تشخيصها في تقرير حالة البيئة، إذ يشير التقرير الى ان اﻻسلوب المتبع في طمر النفايات دون فرز يؤدي الى انبعاثات لعدد من الغازات الدفيئة، كما ان تراكم كميات المخلفات ومشاكل خصخصة قطاع النظافة يؤدي الى امكانية انتشار الأمراض وتشويه المنظر الحضاري للمملكة، وتضع اﻻستراتيجية الوطنية للبيئة الرؤية اﻻستراتيجية في معالجة معضلة النفايات، ويمكن اﻻشارة الى البعض من محدداتها وتتمثل في العمل على:
1. معرفة كمية ونوع المخلفات وتأثيراتها على الصحة العامة، والنظم البيئية، والموارد الطبيعية.
2. واﻻدارة الكفء التي تضمن التخلص الآمن من المخلفات بأنواعها، حفاظا على الصحة والبيئة.
3. تنظيم برامج توعية تهدف إلى ترشيد اﻻستهلاك، وبالتالي خفض المخلفات وتدويرها.
4. دعم مشاريع تدوير النفايات.
التمعن في جوهر مؤشرات البيانات واحداثيات القراءات المنهجية المرتكزة على أسس المعايير العلمية التي اشتملت عليها مدخلات معالجات اﻻستراتيجية الوطنية للبيئة وتقرير تقييم البيئة في مملكة البحرين بشأن واقع مشكلة النفايات والتي إن صح القول تضع النقاط على الحروف وتشخص مكامن العلة والسبب، وتضع المخارج والحلول، مع اﻻخذ في اﻻعتبار البرامج التي يجرى اعتمادها والمبادرات والتوجيهات التي تؤكد حضورها في مسيرة الجهد الوطني لمواجهة تداعيات مشكلة النفايات الى جانب توفر القناعة المسئولة في بناء مؤسسات الحلول، بيد أن السؤال الذي يؤكد حضوره في مقابل ذلك، لماذا لم تستخدم هذه الثروة من الخبرات المُدعمة بأسس القراءات العلمية والمخارج المنهجية التي جرى تشخيصها في مأسَسَة ذلك الجهد وتعزيزه بقرار تاريخي يجسد الارادة السياسية والتشريعية في بناء المقومات التشريعية واﻻدارية والفنية، وجعل تلك المخارج واقعاً ملومساً في بناء خريطة الطريق لإنجاز الأهداف الموجهة في بناء ادارة مؤسسة في آليات مناهجها يمكنها تنظم عملية معالجة مشكلة النفايات.
إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"العدد 5095 - الخميس 18 أغسطس 2016م الموافق 15 ذي القعدة 1437هـ
كل الشكر والتقدير إلى سعادة الدكتور سيد شبر الوداعي على هذا الطرح البنّاء الذي سوف يثري قرّاء هذا المقال ، ويجب على كتّاب الأعمدة في صحيفة الوسط أن يبادروا في طرح موضوع النفايات في أسرع وقت ممكن
..
مشروع تدوير من المشاريع ذات الطابع الانساني والطابع التجاري فلو تم تدوير هذه النفايات بصورة صحيحة لكان يدخل املا طائلة فاعادة التدوير تدر اموالا كثيرة وتسطيع تشغيل اكثر من 20 الى 50 مشروع كلا يدر اموالا كثيرة لكن للاسف اكثر الشركات لدينا في الخليج المستفيد الاول هو الاجنبي الدي يعمل في تلك الشركات فنحن نراهم يصنفون المواد ويتم بيعها بصورة شبه يومية ويم التخلص من الشيء القليل منها فلو قامت تلك الشركات بعمل دراسات جدوى منظمة لاعادة التدوير لعمة الفائدة وزادت مدخولاتهم مما يجعل هذا المشروع ذومنافسة