سقنا في الجزء الأول من المقال المنشور في عدد أمس (الأربعاء) سببين من الأسباب التي تجعل تطبيق قانون تنظيم جمع المال للأغراض العامة مستحيلاً على العبادات، ونستكمل في هذا المقال بقية الأسباب، ونبدأ بالثالث:
3. إن المادة السابعة من القانون المذكور توجب على من تلقى تبرعاً أن يُبلغ الوزارة بقيمة هذا التبرع، والغرض منه خلال سبعة أيام، ولا يُتصور في أموال الزكاة والخمس إمكانية إخطار الوزارة بالغرض من تسلمها، فهي أموال تصرف في أوجهها الشرعية المتعددة المحددة بعنوانها العام في الشريعة الإسلامية، عند تحقق أي منها سواء كانت أوجه الصرف متحققة عند تسلمها أو تراخت للمستقبل، ولا يتدخل من يؤديهما في تحديد أوجه صرفها، فضلاً عن أنه لا يتصور تدخل الوزارة في إلزام الجهة المخولة شرعاً بتسلم أموال الزكاة والخمس برفض تسلمها؛ لتعارض ذلك مع أحكام الشريعة الإسلامية لفريضتي الزكاة والخمس.
4. وفي الإطار نفسه، فإن المادة التاسعة من القانون ذاته تقيد تحويل الأموال لجهات خارج البحرين، ولا يُتصور في شأن تسلم أموال الخمس على وجه الخصوص وجود هذا القيد، إذ إن من مسلمات فقه مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية بأن الجهة التي تسلم لها أموال الخمس هي مرجع التقليد الفقيه المجتهد الذي يرجع له المكلف في استقاء الأحكام الفقهية.
وصفوة القولِ، فإنه من البيّن، بحسب الأمثلة السابقة لبعض أحكام المرسوم بقانون رقم 21 لسنة 2013، بأنه فضلاً عن أن تسلُم أموال الزكاة والخمس والعبادات المالية الإسلامية الأخرى، لا يصدق عليها مفهوم جمع الأموال وقبول التبرعات المحدد في المرسوم بقانون رقم 21 لسنة 2013، فإن أحكامه التفصيلية تؤكد عدم امتدادها لتسلم هذه الأموال؛ لتعارضها مع الأحكام التي وضعتها الشريعة الإسلامية لتنظيم هذه العبادات، وهي أحكام مسلّم بها وغير خاضعة للمناقشة أو الإجازة لتطبيقها من غير الفقهاء مراجع التقليد.
خامساً: لعله من نافلة القول الإشارة إلى أنه من الواضح أن ممارسة اتباع مذهب الشيعة الاثني عشرية لفريضة الخمس على النحو السابق بيانه، لأمد طويل، وأن الواجب هو التزام أفراد المجتمع والدولة باحترام هذه الممارسة، حتى بعد ظهور الدولة بمفهومها الحديث؛ ذلك أن صُدور الدستور في العام 1973 متضمناً نص المادة الثانية والعشرين، كما سلف البيان، يُظهر وجود عرف سابق على صدور الدستور متضمناً نص المادة الثانية والعشرين - على أقل تقدير - ما يرسخُ مشروعية ممارسة اتباع مذهب الشيعة الاثني عشرية ممارسة لأداء فريضة الخميس على النحو الذي اطردت عليه ممارستهم لقرون متوالية، وبحسب الأحكام الفقهية للمذهب، ويوجب على الدولة احترام ذلك، واحترام خصوصية كل مذهب من المذاهب الإسلامية في هذه الممارسة، وقد قررت المادة السادسة عشرة من قانون العقوبات رقم 15 لسنة 1976، أنه لا جريمة إذا وقع الفعل استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون أو العرف، وهو ما يؤكد مجدداً أن أحكام المرسوم بقانون رقم 21 لسنة 2013 لا تمتد لتسلُّم أموال الزكاة والخمس وأموال أي عبادات مالية للمسلمين، فممارسة اتباع مذهب الشيعة الاثني عشرية لفريضتي الزكاة والخمس على هذا النحو الذي يمنع الدولة من التدخل في تحديد الجهة التي تتسلمها وأوجه تداولها وصرفها بأي نحو، هي استعمال لحق مقرر بمقتضى الدستور، ولحق مقرر بمقتضى عرف قائم - على أقل تقدير - صارت له قوة الدستور بعد أن أحال إليه كل من الميثاق والدستور كمرجعية حاكمة، وهو ما يحول دون إمكانية مخاطبتهم بأحكام هذا المرسوم بقانون واعتبارهم مرتكبين للجرائم المقررة فيه لعدم احترام أحكامه، وأن تجريم هذه الممارسة لا يخلو من مخالفة لأحكام الميثاق والدستور اللذين اعتبرا العادات السائدة والأعراف المرعية في شأن ممارسة الشعائر الدينية بمثابة الحكم الدستوري.
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الشملاوي"العدد 5094 - الأربعاء 17 أغسطس 2016م الموافق 14 ذي القعدة 1437هـ
الأخماس هي حقوق شرعية نحن نخرجها حسب تكليفنا الشرعي لذلك لن يجد أي قانون وضعي أي صدى او تعاون منّا في اخراج الاخماس واذا اقتضى الأمر نحن نعرف من نعطي ومن نمنع ولا سلطة لأحد على اموالنا
أفضل أن لا أعلق و لا أكتب شيئا حتي لا أتهم بما تعودنا سماعه عند طرح سؤال حول المسائل الدينية.
بالعكس أن كنت تملك المعلومة الشافية في هذا الموضوع أو غيره فقدمها ليستفيد منك الناس وقارع الحجة بالحجة .