سيكون على مصدري السندات في الخليج أخذ قرارات قد تكون مكلفة فيما يتعلق بتوقيت الطرح في الأسابيع المقبلة، حيث تستعدُّ المنطقة التي تعاني من شُحِّ السيولة إلى واحدة من أنشط فترات إصدار السندات الدولية التي قد تزيد قيمتها على 25 مليار دولار بنهاية أكتوبر/ تشرين الأول.
ومن المتوقع أن تطرق السعودية، التي تضررت ماليتها العامة بفعل هبوط أسعار النفط، السوق للمرة الأولى في سبتمبر/ أيلول.
ويقول مصرفيون على اتصال بالمسئولين السعوديين إن الإصدار المحتمل قد يقترب من قيمة سندات طرحتها الأرجنتين في ابريل/ نيسان بنحو 16.5 مليار دولار في أكبر إصدار سندات لسوق ناشئة.
واختارت البحرين بنوكا لترتيب إصدار بينما قالت الكويت إنها قد تبيع سندات تقليدية وصكوكا بما يصل إلى عشرة مليارات دولار في الأسواق العالمية خلال السنة المالية التي تنتهي في مارس/ آذار. ولمح مسئولون إلى أن ذلك قد يحدث بحلول سبتمبر.
أضف إلى ذلك نحو خمس شركات كبرى في دول مجلس التعاون الخليجي الست تتطلع إلى إصدار سندات من بينها بنك الاتحاد الوطني في أبوظبي وشركة أبوظبي الوطنية للطاقة (طاقة) لتصبح هناك مخاطر تخمة مؤقتة في المعروض، وهو ما قد يدفع العائدات إلى الارتفاع أو يدفع بعض المقترضين إلى إرجاء خططهم.
وقال سيرغي ديرجاتشيف، المدير لدى «يونيون إنفستمنت برايفتفوندس»، وهي شركة استثمار في أداوت الدين بالأسواق الناشئة مقرها فرانكفورت إن العامل الأهم قد يصبح حجم الإصدار السعودي.
وأضاف «إذا أصدروا حجما ضخما فسيؤدي إلى إعادة تسعير هوامش الائتمان لدول مجلس التعاون الخليجي ويجعل أمر الإصدار أكثر صعوبة أمام المقترضين السياديين والشركات نظرا إلى حاجة السوق إلى استيعاب إصدار كبير الحجم».
ويضع الحجم المحتمل للسندات السعودية المرتقبة المقترضين الآخرين أمام خيارات صعبة. فإذا انتظروا إلى ما بعد الإصدار فربما ينخفض الطلب مؤقتاً في السوق على سندات دول مجلس التعاون الخليجي لكن إذا تحركوا قبل الرياض فقد يجدون المشترين المحتملين يحتفظون بالأموال استعدادا لشراء السندات السعودية.
وقد تتزايد مخاطر الانتظار بحلول عطلة عيد الأضحى قرب التاسع إلى السابع عشر من سبتمبر عندما تهدأ عادة الأنشطة، وقد يصبح إطلاق إصدار أكثر صعوبة، وكذلك بحلول اجتماع مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) في 20 و21 سبتمبر الذي قد يقرر رفع أسعار الفائدة.
ومنذ بدء هبوط أسعار النفط في منتصف 2014 لجأت حكومات دول الخليج إلى السحب من احتياطياتها المالية وإصدار سندات محلية لسد عجز الموازنات.
لكن هذا الاتجاه بدأ يتغير في الأشهر القليلة الماضية مع انخفاض تدفق إيرادات النفط الدولارية على اقتصادات الخليج وهو ما أدى إلى شح السيولة في البنوك ورفع أسعار الفائدة. ودفع ذلك بدوره الحكومات والشركات إلى الاقتراض من الخارج.
وأظهرت بيانات لـ «تومسون رويترز» أن دول الخليج أصدرت سندات دولية بقيمة 26.3 مليار دولار في الربع الثاني من العام وهو رقم قياسي مرتفع وكان من بينها سندات بقيمة 16.4 مليار دولار طرحتها الحكومات وجهات حكومية.
ومع سعي البنوك المركزية في أنحاء العالم إلى انتهاج سياسات نقدية بالغة التيسير وتهافت المستثمرين الأجانب على العائدات فإن هناك بعض القلق فيما يتعلق بقدرة السوق على استيعاب ربع سنة آخر يشهد إصدارين بحجم ضخم لسندات خليجية.
وهبط العائد على صكوك دولارية للشركة السعودية للكهرباء التي تسيطر عليها الدولة - وهو أحد إصدارات السندات الدولية القليلة القائمة للسعودية - إلى أدنى مستوياته في 15 شهرا عند 3.04 في المئة هذا الأسبوع.
لكن من المرجح أن تدفع المملكة علاوة كبيرة عما دفعته قطر حينما باعت سندات بتسعة مليارات دولار في (مايو/ أيار) في أكبر إصدار سندات من دول الخليج حتى الآن. ويرجع ذلك إلى أسباب من بينها أن تصنيف السعودية أقل من قطر بدرجة إلى أربع درجات وفقاً لوكالات التصنيف الائتماني الثلاث الكبرى في العالم ونظرا للتوقعات لمزيد من الإصدارات للرياض في السنوات المقبلة.
ويقدر ديرجاتشيف أن السعودية ربما تدفع نحو 80 إلى 90 نقطة أساس أعلى من قطر.
وقال جان ميشيل صليبة، المحلل لدى بنك أوف أميركا ميريل لينش إن دول الخليج قد تواجه مشكلات تمويلية حادة في السنوات المقبلة إذا لم ترتفع أسعار النفط.
وأضاف «تمكنت السوق حتى الآن من استيعاب سلسلة الإصدارات؛ نظرا إلى الأوضاع المواتية. سيكون من الصعب تكرار ذلك عاماً بعد عام».
العدد 5094 - الأربعاء 17 أغسطس 2016م الموافق 14 ذي القعدة 1437هـ