هو الأيقونة، المنقذ، والعبء الثقيل: اوساين بولت، عملاق العصر الحديث وبطل ثلاثي في سباق 100م على طريق الخلود في أم الألعاب، قبل توديعه منافسات الاولمبياد.
بولت هو الرياضي الأكثر إبهاراً. هدية هابطة من السماء مثل البرق الذي يرسمه بعد كل إنجاز يسطره على المضمار.
لم يولد بولت بضربة برق، مثلما حدث في صيف 2008 خلال ألعاب بكين الأولمبية. طبعاً أصبح نجماً عالمياً بسحقه سباقات 100 و200 و4 مرات 100م، بيد أن قصته كانت منتظرة من قبل.
العام 2002، وبعمر 15 عاماً و232 يوماً، أصبح ابن مقاطعة تريلاوني، أصغر بطل للعالم في تاريخ فئة الناشئين في سباق 200م. رقم قياسي تبتعه بعض الاضطرابات، حتى تكيف جسده مع نموه.
كان يعاني بولت في صغره من فارق في طول ساقيه يبلغ 1.4 سنتم. قد لا يكون الأمر خطيراً، لكنه بمثابة الكارثة لمن يريد احتراف الرياضة على أعلى مستوى. قال الأطباء إنه جنف (انحراف في العامود الفقري) معطل لمسيرته. لا أحد يعرف اليوم ما إذا كانوا قد اعتزلوا الطب.
في ألعاب بكين 2008، كانت «الخبطة» المسرحية الأولى في عالم سباقات السرعة. اقتصرت المنافسة آنذاك على أصحاب العضلات والمشاكسين، وبولت ليس كذلك.
بولت مرح، طويل (1.96 م) ونحيف، يلاقي صعوبة في الانطلاق من حارته مقارنة مع باقي العدائين المفتولي العضلات. لذا بدأ يغني، يرقص، يمرح مع الجمهور، يقلب الضغط على خصومه فيخضعون لابن الجزيرة الكاريبية.
لهذا السبب قبل كل شيء أصبح بولت رمزاً: أي طفل صغير، في مكان ما من هذا العالم، يتخذ وضعية الجامايكي وحركة يديه الشهيرة، بعد إنهائه سباق سرعة بكل طاقته.
ماذا بعد بولت؟
مع مرور الوقت، تطورت شخصية بولت إلى حد تخطت فيه الطرف المعني.
اتخذت هالته إبعاداً خيالية في بطولة العالم لألعاب القوى 2015 في بكين. كانت مواجهة بولت-غاتلين مثل المواجهة بين الخير والشر، مواجهة عداء نظيف، حتى إثبات العكس، أمام متنشط أوقف مرتين.
في بكين، وصلت أصداء الارتياح الذي خلفه فوز، بولت المنقذ، بفارق واحد في المئة من الثانية، حتى زوايا ملعب عش الطائر ويوم الأحد في ريو، وسع الفارق مع غاتلين إلى 8 في المئة من الثانية.
أصبح بولت كبيراً، شعبياً وجالباً للأرباح. بولت هو أيضاً عبء ثقيل على ألعاب القوى. كيف يمكن العيش من دونه؟.
أعلن الجامايكي أنه قد يشارك في بطولة العالم 2017 في لندن، من أجل إسدال الستار على مشواره من المكان الذي شكل ساحة إنجازاته وثلاثيته الثانية في أولمبياد لندن 2012. لكن الأمور ليست مؤكدة بعد.
ألعاب القوى تملك نجوماً آخرين، بحسب المسئولين، وهم ليسوا على خطأ. لكن أي نجم قادر على الوصول إلى نصف إنجازات بولت؟.
بولت هو صاحب إيرادات سنوية تبلغ 20 مليون دولار أميركي، مشاركته تفرض على منظمي أي لقاء دفع 300 ألف دولار، عقده الرعائي يبلغ 9 ملايين دولار مع شركة التجهيز وهي متأكدة من تعويضها والحصول على فوائد كافية.
بولت هو جيب ثري في رياضة فقيرة. موعد اعتزاله سيفجر قنبلة مدوية، صوتها قوي مثل الرعد الذي يلي البرق!.
العدد 5092 - الإثنين 15 أغسطس 2016م الموافق 12 ذي القعدة 1437هـ