«شعلة النار» تخرج من أراضيها كل أربع سنوات لتجوب أرجاء المعمورة، وتسرد جزءا من تاريخها.
(اليونان) بلد الأولمبياد، ومهد حضارة الغرب، وأرض آلهة أفوديت وزيوس وهرقل، وحاضنة ملحمة «الأوديسة والإلياذة»، و «حصان طروادة»، وموطن الفلاسفة سقراط وأفلاطون وأرسطو. أرضٌ من تاريخٍ وجمالٍ وطبيعة.
بقعة من هذا العالم، تحظى بكل ما يخطر على البال من أشياء تجعل منها مكانا مثاليا لقضاء إجازة لا يمكن أن تنسى مهما مر من الزمن علينا.
اليونان أو (إلاس)، كما يسميها اليونانيون اليوم، أو حتى (إلادا)، دولة من دول الاتحاد الأوروبي، عاصمتها (أثينا)، ويسمى شعبها بـ (الهيلينين)، وهي أصل ومهد حضارة الإغريق، حملت على مر التاريخ الكثير من الأساطير والقصص، وأضافت حضارتها إلى البشرية كما كبيرا من القيم والإنجازات في مختلف المجالات، ابتداء من الرياضة، وصولا إلى الفنون والأدب. كما خلفت حضاراتها القديمة إرثا معماريا باقيا حتى اليوم.
وتتألف جمهورية اليونان الواقعة إلى الجنوب الشرقي من قارة أوروبا، من ما يقارب 2000 جزيرة، من بينها ما يقارب 160 جزيرة مأهولة والباقي عبارة عن صخور عملاقة منتشرة ضمن الأرخبيل، وتمتاز بمناخ يرضي جميع الأذواق، فهي متنوعة ما بين مناخ (ألبي)، نسبة إلى مناخ جبال الألب، في المناطق الجبلية، بالإضافة إلى مناخ حوض بحر المتوسط في مناطقها الساحلية والأكثر انخفاضا، غير أن الطابع العام لمناخها يغلب عليه الاعتدال.
وتغطي الغابات معظم أراضيها، وتعتبر جبالها من أهم معالمها الطبيعية وخصوصا جبل «الأوليمبيا» أو «الأوليمبيوس»، الذي يصل ارتفاعه إلى ما يقارب 3000 متر عن سطح البحر. ويحرس (أثينا) العاصمة مجموعة من الجبال هي «بارنثيا» و «باندلي» و «هايمتوس» في سلسلة تبرزها بجمال ساحر.
وغالبية جزر اليونان المأهولة ما لم يكن جميعها، تحتوي على الأقل على موقع أثري واحد. أكبر هذه الجزر هي «كريت» الجزيرة التي وجد فيها رقيم مكتوب بخط يوناني، وهي من الجزر المميزة، لما تمتلكه من مواقع أثرية وعدة بحيرات خلابة. وغالبا ما يتسبب تعدد طرق نطق أسماء هذه الجزر بالحيرة للسياح، فما بين اختلاف طرق نطق الأحرف، والمسميات الخاصة غير الرسمية التي يطلقها اليونانيون على بعض الجزر، قد يجد السائح أن اسم جزيرة كجزيرة «كورفو» يصبح «كركيرا».
ولا تأتي أهمية هذه المعالم الجغرافية اليونانية من جمال طبيعتها فقط، فالمعالم التاريخية وقصص الحضارات القديمة تلعب دورا رئيسيا في مكانة اليونان ما بين الدول الجاذبة للسياح. فنشأة الأولمبياد فيها، وانطلاق شعلتها منها في كل دورة، تضع اليونان تحت الأضواء كل أربع سنين، وترفع اسمها ما بين دول العالم بوصفها منشئة أحد أهم الفعاليات الرياضية في العالم. ففترة انعقاد الألعاب الأولمبية قبل آلاف السنين كانت سببا لوقف الحروب والنزاعات، حتى أنها اعتبرت فترة مقدسة، كما أن الفائزين فيها يتوجون أبطالا، ويقال إن المدن التي يخرج من بين أبنائها بطل أولمبي، كانت تهدم أسوارها، لوجود بطل فيها يحميها.
ولا تكتمل متعة السياحة في اليونان من دون التمتع بما يسمى «السياحة الصحية» فيها، فيقال: «الأرض تسخن في اليونان وتثور في إيطاليا» كناية عن كثرة الينابيع الساخنة فيها، التي يقارب عددها 750 نبعا ساخنا، وغالبيتها يستفاد منها في العلاجات الطبية، ويستغل اليونانيون هذه الينابيع لإنشاء المنتجعات الصحية التي توفر خدمات طبية مميزة جدا وغريبة، فهي تقدم بالإضافة إلى جلسات الينابيع الساخنة، العلاجات بالطين وخلطات الفواكه والزيوت، بالإضافة إلى الوجبات الغذائية الصحية.
ولن يشعر السائح العربي بالغربة في أثينا، فهي ذاخرة بالمقاهي والمطاعم العربية التي تستقطب أيضا جزءا من الجاليات العربية والمسلمة المقيمة في اليونان. وهذه الأماكن تقدم الوجبات العربية، إلى جانب الأكلات اليونانية التي يقال عنها إنها «تشبع الحواس» لتنوعها ولذتها، فأنواع الأجبان تغري الذواقة بأصنافها واختلاف نكهاتها، وخصوصا المعد منها بالطريقة التقليدية من حليب ماعز ونعاج محلية، بالإضافة إلى توافر الأطباق البحرية المنوعة والطازجة.
العدد 2472 - الجمعة 12 يونيو 2009م الموافق 18 جمادى الآخرة 1430هـ