ماذا نستطيع عمله حتّى نقتل الثقافة في البحرين؟ هل الثقافة مهمّة جدّاً لكي ينتبه لها كبار المسئولين في الدولة؟ من يريد تهميش الثقافة ومن يريد زيادة قوّتها في هذا الوطن الغالي؟

بعد إلغاء وزارة الثقافة لا يخفى على أحد، المصاعب والمعوّقات التي تعانيها الهيئة من أجل الثقافة والآثار والسياحة، مع أنّ مشروع الاستثمار في الثقافة حقّق للدولة دخول 42 مليون دينار الى ميزانيّتها، بدعم من القطاع الخاص الذي آمن بأهمّية الثقافة في دعم الحركة الاقتصادية، ولكن للأسف الموازين مقلوبة.

إنّ قتل الثقافة معناه قتل الهويّة، والدولة التي لا تهتم بالثقافة تقتل هويّتها بيدها لا محالة، ونستغرب من البعض السعادة بسبب ما يحدث لهيئة الثقافة والآثار، مع انّه من الواجب عليهم البكاء، فالهيئة تحقّق المستحيل في زمن لا يريد البعض تحقيق 1 في المئة من الإنجاز للمملكة.

ولو رجعنا الى رؤية جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله 2030، لوجدنا بأنّ قطاع الثقافة هو الداعم الرئيسي لرؤيته، فلا تنسوا الرؤية مع مزاحمة الوضع السياسي والاقتصادي السيّئ في البلد، ولو أُطلق العنان لرئيسة الهيئة فإنّنا نعلم بأنّها ستمسك التراب لتحوّله ذهبا.

إنّ منظّمة الأمم المتّحدة بمختلف هيئاتها المعنية بالثقافة والآثار والعلم والتربية اتّخذت من منهج رئيسة الهيئة مي بنت محمّد آل خليفة كمثال، لتحذو الدول وليس الأشخاص حذوها، ونحن نضيّع هذا الكنز من أيدينا، كيف يحدث هذا؟!

ولطالما افتخرت مملكة البحرين بزيارات الوفود الرسمية، سواء رؤساء الدول ووزرائها أو المنظّمات أو الهيئات العالمية، لتبرز لهم معالم مملكة البحرين من خلال ما قامت به هيئة الثقافة والآثار ومركز الشيخ محمّد بن ابراهيم، ولا نبالغ عندما نرى الدول تقلّد مملكة البحرين فيما وصلت اليه من بناء بيوت الثقافة والمتاحف المصغّرة المنتشرة في ربوع مملكة البحرين.

بعد هذا كلّه، والمضحك حقيقة هو عدم رصد ميزانيات لتشغيل المسارح والمتاحف! والمضحك أكثر وضع الهيئة في الزاوية بعد أن كانت في المقدّمة! والسؤال الصعب الذي يطرح نفسه هل تقاس الشعوب الاّ من خلال الثقافة والآثار؟!

منذ اطلالة العهد الخليفي في البحرين، والثقافة لا تتوقّف بل تتطوّر من خلال الأندية وصالونات الفكر، بداية من عهد حمد بن عيسى الأوّل، ففي عام 1927 تمّ تكريم أحمد شوقي أميرا للشعراء، فقامت البحرين بمشاركة العرب هذه الفرحة، وكرّمته بهديّة لا تُقدّر بثمن، فلقد اقترح الشاعران المعروفان عبدالله الزايد وخالد الفرج، أن تشارك البحرين في هذه المناسبة بتقديم هدية رمزية؛ نخلة من ذهب خالص ذات عروق منضدة باللؤلؤ، وقد ردّ أمير الشعراء بقصيدة خالدة يشكر فيها أهل البحرين، وأهم شق فيها هو التالي:

قلدتني الملوك من لؤلؤ البحريــنِ آلاءَها ومن مَرْجانه

نخْلة لا تزال في الشرق معنًى من بداواته ومن عُمرانه

نعم يا أحمد شوقي قلّدتك الملوك في البحرين الحبيبة نخلة ولؤلؤة حبّا في دعم الثقافة والشعر والأدب في الوطن العربي الكبير، كان ذلك بالأمس في عهد الشيخ حمد بن عيسى الأوّل، واليوم جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ورئيس مجلس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة وولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة يدعمون الثقافة بكل قوّة كما دعمها آباؤهم وأجدادهم.

بعد هذا كلّه هل يصح أن يكون هناك من يحاول وأد الثقافة وقتلها وتهميشها بعد أن دعمت القيادة الثقافة منذ عشرات السنين الى يومنا هذا؟! بنينا كثيرا وتعبنا من أجل هذا البناء، ولكن التدمير هو أسهل ما يكون على البعض! فلنقتل الثقافة وانتهى!