مثل دمية مفروشة على خشبة التوازن أو ما يعرف في رياضة الجمباز بالعقلة، تغزو البرازيلية فلافيا سارايفا قلوب الجمهور والمتفرجين المتابعين للألعاب الاولمبية المقامة في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية حتى 21 أغسطس/ آب.
وتملك "القطة فلافينيا"، ابنة السادسة عشرة وصاحبة المحيا الجميل التي تشبه إلى حد بعيد دمية حقيقة، فرصة إحراز ميدالية اولمبية ستكون الأولى في تاريخ الجمباز البرازيلي.
وكل ظهور لها في صالة المنافسات يثير صاعقة من التصفيق والتشجيع وموجة من التغريدات على تويتر لا يمكن احصاؤها، وزوبعة في المشاعر. الصغار يكشفون هوياتهم.. والكبار يذبلون... الانظار كلها مركزة على فلافينا.
وتجتمع بنيتها الصغيرة (33ر1 م و35 كلغ) وشخصيتها القوية والكاريسمية مع نتائجها الممتازة على جهاز العقلة خلال التصفيات التي جرت نهاية الأسبوع الماضي، لتجعل منها إحدى الشخصيات اللافتة للنظر في العاب ريو.
وترتفع شعبية الجمبازية الصغيرة فلافيا في خط تصاعدي منذ أن بدأ الوفد البرازيلي إلى الاولمبياد ببث صور لها مع عمالقة الرياضة في بلادها ومنهم على سبيل المثال لاعب الكرة الطائرة الشاطئية اليسون (2.03 م) ولاعب كرة السلة نيني هيلاريو (2.11 م) ليكون الفارق من 70 إلى 78 سنتيمترا، ويتشكل تعارض جميل يحمل صورا تشبه ما تحتويه الرسوم أحيانا.
ومعها، تأخذ القبلة التقليدية التي يطبعها المدرب على وجنتها منحى مختلفا، فكلما أدت وصلة من الحركات على الجهاز المفضل لديها، يأخذها الكسندر كارفاليو بين يديه ويرفعها إلى الأعلى كطفل صغير ويسير بها بضعة أمتار ليسر في اذنيها كلاما ما.
ومن مدينتها تريس ريوس في ولاية ريو دي جانيرو إلى القرية الاولمبية في مدينة ريو نفسها، لا تتعدى المسافة بالنسبة غالى اللاعبة الصغيرة "ضربة حجر".
هكذا بدأ كل شيء بالنسبة إلى "فلافينيا" في سن الثامنة: فكرة ممارسة الجمباز جاءت عن طريق قريبة لي لأنها كانت تشاهدني سعيدة عندما احني رأسي إلى الخلف".
كل شيء من اجل العقلة
وحصدت فلافيا بعض الشهرة العام 2014 بمناسبة إقامة دورة الألعاب الاولمبية الثانية للشباب في نانكين الصينية (الأولى 2010 في سنغافورة)، بانتزاع 3 ميداليات (ذهبية في الحركات الأرضية وفضيتان في المسابقة الكاملة والعقلة).
وفي 2016، تسارعت الأمور كثيرا، فوقعت في بداية العام عقدا مع نادي فلامنغو الشهير الذي تنتمي إليه زميلتاها في المنتخب جايد بربوزا وريبيكا اندرادي، وجذبت بالتالي الرعاة.
ما هو هدفها في الألعاب الحالية؟. "خوض نهائي اولمبي ومن يدري إحراز ميدالية"، هكذا قالت من لا تعتبر الرومانية ناديا كومانتشي قدوة لها وإنما الأميركية الشابة سيمون بايلز (تكبرها بثلاث سنوات وتزيد عنها 12 سنتيمترا) المشاركة معها في اولمبياد ريو والتي أحرزت حتى الآن ذهبيتين وعينها على رفع العدد إلى 5 ذهبيات قبل العودة إلى الديار.
وبعيدا عن المركز الأخير الذي أحرزه المنتخب البرازيلي تحت الضغط الكبير، تأهلت فلافيا إلى نهائي المسابقة العامة (حلت في المركز 19 بين 59 مشاركة) والعقلة (ثالثة من 82).
وقرر الكادر الفني عدم إشراكها في المسابقة العامة لمصلحة جايد بربوزا بهدف توفير جهدها وتركيزها لمسابقة العقلة إذ تكمن فرصتها في إحراز ميدالية من أي لون كان.
وبمجرد أن تأهلت ببراعة، تجهد فلافيا لطرد الضغوط "أريد الوصول إلى النهائي بعيدا عن أي ضغوط وباستحقاق وجدارة. أنا سعيدة بالعلامة التي حصلت عليها على جهاز العقلة، لكني لا أريد أن اشعر بأني مقيدة أو قلقة. أريد الاستمتاع لأني إذا لم انجح هذه المرة فالأمر ليس بهذه الخطورة لأنها الألعاب الاولمبية الأولى بالنسبة لي".
وتخفي بنيتها الصغيرة وصوتها الطفولي وارتجالها الماكر تصميما كبيرا تطلب أياما طويلة من التدريب وهي تبحث عن الصعود إلى منصة التتويج في جهاز العقلة بالذات.
وإحراز ميدالية أولى وتاريخية في الجمباز البرازيلي لن يكون انجازا صغيرا.