قد يذهب البعض لحد التشاؤم المعتم فيما يتصل بعلاقة الأطراف المختلفة على الساحة البحرينية ويصور ما يحدث الآن كصراع طائفي لا يمكن التنبؤ بما يحمله في المستقبل من تداعيات، ولهم بعض الحق فيما يذهبون إليه فيما يحملونه من أفكار يرون ويلمسون بوادرها، فهم يرون رؤيا العين ما يتم نشره يوميّاً من مقالات وأخبار تحض على كراهية الآخر وتجريمه وربما تكفيره، كما يلمسون بشكل مباشر ما يطال فئة منهم من ممارسات غير مقبولة في العالم المتحضر الذي يؤمن بحقوق الإنسان وحق المواطنة غير المشروطة.
ولذلك فهم يستذكرون بكل اشتياق للماضي أيام هيئة الاتحاد الوطني في ستينيات القرن الماضي بقيادة الزعيم عبدالرحمن الباكر وشلة من الوطنيين البحرينيين من سنة وشيعة وكيف استطاعوا أن يوحدوا جميع طوائف المجتمع البحريني في ذلك الوقت ضد المستعمر الإنجليزي، وأن يذيبوا جميع الاختلافات المذهبية والطائفية والطبقية في بوتقة النضال للتخلص من الاستعمار.
ومع أن هنالك عدداً من المشتركات فيما يخص الوحدة الوطنية، إلا أن هنالك أيضاً العديد من الاختلافات الجوهرية بين ذلك الزمان وما نعيشه اليوم.
من وجهة نظري، فإن الوحدة الوطنية في البحرين في الوقت الحاضر ليست بأسوأ حالاتها، وإن بدت في الظاهر كذلك، وأن جميع الاختلافات سواء الداخلية منها أو الخارجية لم تستطع أن تكون هي العامل الحاسم في تعامل المواطنين مع بعضهم البعض، ولذلك شواهد عدة، فالحمد لله لم نشهد حتى الآن رغم التوتر الذي يريد أن يبسطه البعض على الساحة البحرينية أي تصادم طائفي بين المواطنين، بعكس ما حدث في ستينيات القرن الماضي عند تشكيل هيئة الاتحاد الوطني، كما لا يمكن لأحد أن يشعر بالفرق بين تعامل المواطنين بعضهم ببعض سواء في المؤسسات الحكومية أو الخاصة، إلا فيما نذر وبتصرفات شخصية، ومازالت العلاقات الشخصية والعائلية كما كانت عليه بين البحرينيين، ومازال البحريني البسيط يحترم ويحب أخاه البحريني مهما كان مذهبه أو توجهه السياسي.
هنالك ثلاث قضايا مهمة أثرت ولاتزال تشكل هاجساً سلبيّاً في العلاقة بين البحرينيين، أولها العامل السياسي الداخلي وما أفرزه من سلبيات منذ العام 2011، أما العامل الآخر فهو ارتدادات الصراعات الإقليمية على الوضع الداخلي، وأما العامل الثالث فهو الإرث التاريخي المذهبي.
لكي نصل إلى وحدة وطنية حقيقية لابد من تجاوز هذه القضايا الثلاث وبشكل عملي وديمقراطي وحداثي، يضع الوطن ومستقبل الأجيال القادمة في أعلى الأولويات.
أولاً: لا يجب النظر للعام 2011 كفاصل تشطيري بين مكونات، وحائط فصل بين الحق والباطل وإنما يجب أن تدرس هذه التجربة بشكل عقلاني من جميع الأطراف ولا ضير في مراجعة المواقف وتصحيحها.
ثانياً: يجب التأكيد على أن مصالح أي بلد من البلدان وأي شعب من الشعوب لا يمكن أن يرتهن بالخارج ولا أن يتبعه أو يعول عليه، فلكل بلد مصالحه الخاصة التي سيسعى إلى تحقيقها ولو على حساب أقرب الشعوب إليه.
ثالثاً: الإرث التاريخي الذي لن يستطيع أحد تغيره وإنما الاستفادة منه بشكل إيجابي كمنبع للحكمة والتعايش مع المختلف واحترام الآخر، والاستفادة منه بدلاً من تسفيهه.
إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"العدد 5090 - السبت 13 أغسطس 2016م الموافق 10 ذي القعدة 1437هـ
مقالة .. نقتيس منها الوعي و الأمل
شُكراً للكاتب الأستاذ جميل المحاري ..
نعم ، مرحلة عام الـ 2011م .. علينا الإستفادة منها ، و النظر إليها بعيون وطنية و محليّة ، و مُعالجة سلبياتها و التقدّم مع إيجابيّاتها .. و حفظ الله البحرين و شعبها .. و كُل الأمل بـ وطن.
إذا حضرة المذاهب لإمكان لأي وحدة
لك كل التقدير والاحترام لهذا الوضوح وأعتقد هذه المسؤلية الكبيرة لهذا الشعب والجيل القادم على رؤساء هذه الجمعيات الدينية التي قسمة الشعب وعلى من يمثلها الذين لا يمكن أن يجتمعا مع بعض والتفاهم لا يمكن أن يحدث بينهم وهذه السنوات بكل مآسيها لم تستطع أن تجعلهم يلتقون مع بعض أم المواطنين العادين إلى الآن لم يفصلهم أي شئ بس التنبا بل القادم صعب