افتتح الرئيس البرازيلي المؤقت ميشل تامر يوم الجمعة الماضي، دورة الألعاب الأولمبية الـ31 «ريو 2016» في حفل أسطوري يليق بأول أولمبياد تستضيفه قارة أميركا الجنوبية، التي تضم كتلة بشرية كبيرة، تبلغ 387 مليون نسمة.
أغلب دول القارة تتكلّم الإسبانية، بينما تنفرد البرازيل (200 مليون) بالبرتغالية، لغة المستعمر السابق، حيث اختيرت بعض اللوحات للتعبير عن تلك الحقبة السوداء، بالإضافة إلى لوحاتٍ أخرى عن زمن الرق والعبودية. فهذه الدول البكر التي تكالب على السيطرة عليها الغزاة الأوروبيون قبل خمسة قرون، وكانت مصدراً للنهب وتكديس الثروات والذهب، تعرّض سكانها الأصليون إلى حروب إبادة من جهة، وحركة استيطان واستبدال، فدخل العرق الأوروبي للسيطرة واستقدم معه الأفارقة كرقيق كما جرى في شمال القارة.
في يوم الافتتاح، لم يتمكن النجم العالمي بيليه من حمل الشعلة الأولمبية، لأسباب صحية، وهو أسطورة كرة القدم العالمية الذي ذاع صيته منذ الخمسينيات، حتى اعتزل مطلع السبعينيات، وكان في صباه يعمل ماسح أحذية، لكن مهاراته في كرة القدم أوصلته إلى قمة النجومية في بلدٍ مدمن على عشق الكرة، صغاره وكباره.
وصلت الشعلة إلى ميناء «ريو دي جانيرو» بالقارب، حيث استقبلها الموسيقيون وراقصو السامبا، وسلّمها البحارة لرئيس بلدية المدينة، بعدما جالت على أكثر من 300 مدينة برازيلية، لثلاثة شهور، وقطعت خلالها 20 ألف كم. وافتتحت الدورة وسط مخاوف من انتشار فيروس مرض زيكا، وإجراءات أمنية مشدّدة شارك فيها 85 ألف عنصر من الشرطة والجنود.
الشعلة أوقدتها الرئيسة السابقة ديلما روسيف في القصر الرئاسي، ورافقها تظاهراتٌ طالبت باستقالتها بسبب اتهامات بالفساد، وتم عزلها من منصبها في مايو/ أيار الماضي، ليحل نائبها (تامر) محلها، الذي قابله الجمهور أيضاً بصيحات استهجانٍ أثناء كلمته المقتضبة في الافتتاح، احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية.
الافتتاح حضره 45 رئيس دولة وحكومة، و60 ألف متفرج، ويشارك في هذا العرس الرياضي الضخم، 11 ألف رياضي ورياضية، من أكثر من 200 دولة. وتستمر هذه التظاهرة الرياضية العالمية من 5 حتى 21 أغسطس/ آب، حيث تمثل أكبر ظاهرة «فرح» عبر القارات، يتنافس فيها شباب العالم في مختلف الرياضات.
عربياً، قليلةٌ هي الإنجازات التي سجّلها رياضيونا، وجاء خبر فوز لاعب كويتي بأول ميدالية ذهبية عربية، ليثير الكثير من التعليقات والانتقادات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً بالنسبة للدول التي «تستورد» الرياضيين من الخارج، وتنفق عليهم الملايين، طمعاً بالحصول على بعض الميداليات، لكنهم غالباً ما يعودون بخفي حنين، وإذا عادوا فببعض البرونزيات!
ومع ضعف الحصاد، عادةً ما يلتفت المشاهد العربي، لتلك الأخبار ذات النكهة السياسية، مثل خبر رفض لاعبةٍ سعودية شابة اللقاء برياضية إسرائيلية في إحدى مسابقات الجودو؛ ورفض الفريق اللبناني الجلوس في حافلةٍ مع الفريق الإسرائيلي أثناء الانتقال لحفل الافتتاح، حيث سبق اللبنانيون للحافلة وطلب مدربهم غلق الباب، إلا أن الإسرائيليين المتطفلين أصروا على ركوب الحافلة نفسها، فما كان من المنظّمين إلا تخصيص حافلتين تفادياً للاحتكاكات!
شعوب العالم من مختلف القارات، تنتظر مثل هذه المناسبة للاحتفال بالفرح والحياة، إلا «الشرق الأوسط»، قارة «أطلنطس» الجديدة التي سُلّط عليها حصانُ «داعش» فأغرقوها في بحور الفوضى والظلمات!
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 5088 - الخميس 11 أغسطس 2016م الموافق 08 ذي القعدة 1437هـ
انجازتنا الحروب الاهلية وثقافة الكراهية والفتن اللي ننتجها