للموقف اﻻجتماعي في شأن تقييم واقع الأنشطة غير الرشيدة في العلاقة مع نظافة بيئة المكان ومظاهر عدم اﻻلتزام بقواعد النظافة العامة دلالاته في تشكل الحراك المجتمعي وتعزيز التفاعل اﻻجتماعي المؤيد ﻻجراءات الحد من هذه الظاهر، وذلك الموقف يساهم في تفعيل خطط العمل الموجهة في بناء السلوك البشري وإنجاز أهداف التنمية المستدامة، وتتجلى تلك المواقف في مبادرات اﻻفراد في ضبط تلك الحالات وإثارة الرأي العام وحشد الموقف الاجتماعي في تبني المواقف المعارضة لظاهرة تلويث المحيط البيئي للإنسان، كما تتجلى تلك المواقف أيضاً في عدم الرضى ومعارضة واستنكار حاﻻت التلويث المتعمد نتيجة الممارسات والسلوك غير الرشيد التي تشهدها السواحل والأماكن العامة والحدائق والمتنزهات التي تمثل بيتنا المشترك.
إن من أبرز دﻻﻻت الموقف اﻻجتماعي في معارضته لظاهرة تلويث المحيط البيئي للانسان، رصده حاﻻت عدم اﻻلتزام بقواعد النظافة العامة وتوثيقه تلك الحالات بالصورة وتعميمها عبر وسائل التواصل اﻻجتماعي؛ ﻻثارة مواقف الرأي العام وتحفيز المجتمع المحلي في مواجهة هذه الظاهرة، وذلك توجه صائب يساهم في تحفيز الوعي اﻻجتماعي في فهم خطر هذه الظاهرة على الامن الصحي والبيئي للمجتمع، ويساهم أيضاً في تشكيل حركة مجتمعية معارضة وواعية للآثار السلبية على المجتمع والبيئة الذي تتسببه المواقف المتعارضة مع المبادئ والقيم الاجتماعية وقواعد القانون والنظام وللثقافة السلبية في العلاقة مع نظافة المحيط البيئي للانسان.
تعليقاً على الرسالة التي حرصنا على نشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لاخذ آراء المجتمع وتسجيل موقفهم وتقييمهم حالة البيئة التي يُبينها المنظر لواقع حالة المياه الساحلية في دفنة الجفير الذي وصلنا من نشطاء البيئة وعنونا الرسالة «سجل تعليقك من فضلك» ما العمل لتغيير هذا السلوك؟ وصلنا فيديو توثيقي من أحد المواطنين يسجل فيه حالة البيئة على ساحل المحرق، ويعبر بالصوت والصورة عن احتجاجه على حالة التدهور على الشريط الساحلي بفعل الاجراءات القانونية والادارية التي جرى اتخاذها في إزالة الكبائن المشوهة للمنظر الحضاري للساحل، دون أن يرافق ذلك الاجراء إجراءات داعمة لإزالة المخلفات، ما تسبب في ترك آثار سلبية على مصالح البحارة وهواة البحر ومرتادي الساحل وتشويه المنظر الجمالي للساحل.
التعليقات على المنظر الذي وصلنا من أحد الناشطين البيئيين مساء السبت (6 اغسطس 2016) تباينت بشأنه المواقف والآراء، وسجلت تلك المواقف روئ المجتمع في شأن تقييم واقع السلوك في العلاقة مع المحيط البيئي من جانب، وتقديم المقترحات والحلول لتغيير ذلك الواقع من جانب آخر، وتسجل عدد من تلك التعليقات تقييمها في بعض مؤشرات ذلك السلوك، إذ يسجل الناشط في المسئولية الاجتماعية عماد سعد رأيه بالقول «تعليقي بسيط... من نفاياتهم تعرفونهم، وإن ماقلته أعنيه بدقة، إذ إن لدي القدرة في تحليل مجتمع وثقافة واقتصاد اي مدينة دون أن أدخلها فقط بزيارة مكب النفايات فيها». ويسجل الطبيب علي البقارة رأيه على موقع التواصل الاجتماعي لجمعية المتحدثين باللغة الروسية بالإشارة الى أن «هذا السلوك السيئ هو تعبير عن واقع فى البيت والطريق والحي والحديقة».
المسئولية الاجتماعية في شأن معالجة واقع الحالة أخذت حيزا في مجمل التعليقات، ذلك ما يمكن تبينه في تعليق عضو جمعية البحرين للبيئة عبدعلي الشويخ على مجموعة التواصل الاجتماعي للجمعية، اذ يقول: «نحن شركاء في تدمير بيئتنا، متى نعي ونكون راعين ومسئولين عن رعايتنا البيئة؟ نحن مسئولون عما يحدث لسواحلنا ومدننا وقرانا، نحن عامة الناس مطالبون بحماية بيئتنا وشواطئنا لنجعلها نظيفة لننعم بجمالها ونتنفس هواءً نقياً وغير ملوث، نحن مسئولون اكثر من غيرنا؛ لاننا معنيون بذلك؛ لاننا نحن المستفيدون ومرتادو بحارنا وشواطئنا، لذلك تقع علينا المسئولية، ومن واجبنا ان نقوم بجولات في قرانا ومدننا وبحارنا وشواطئنا ونوثق ما نرى من مخالفات من قبل الاشخاص أو المؤسسات، ونرسلها الى الجهات المعنية بالتقارير الموثقة، ونعمل كفريق واحد ضمن مسئوليتنا كنشطاء بيئيين». وفي سياق ذلك، الشخصية الاجتماعية محمد رضي الناصر في تعليقه على مجموعة التواصل الاجتماعي لنادي باربار يشير الى ان «وعي المواطن بضرورة جعل البيئة نظيفة يحتاج إلى قناعة الناس بذلك، وأن يكون هناك دور نشط للجمعيات المختصة بالبيئة في توعية المجتمع، وكذلك وضع قوانين رادعة كالغرامة المالية من قبل الجهات المعنية بالمحافظة على البيئة سواء في البر او البحر».
التربية وبناء السلوك الاجتماعي في العلاقة مع المحيط البيئي للإنسان تصدرت أيضا التعليقات على الظاهرة التي يُبينها منظر حالة البيئة في شاطئ الجفير، ومن تلك التعليقات ما أشار اليه الاعلامي المعروف قاسم حسين الذي يسجل رأيه بالقول «البداية تكون من البيت (الوطن الاصغر). فاذا لم يتربَّ الصغير على الاحساس بذلك فلن تنفعه اللافتات والنصائح عند الكبر». وبالتوافق مع ذلك يعلق أحد المتداخلين على مجموعة التواصل الاجتماعي لمنتدى جدحفص الثقافي بالقول «تدريس الاخلاق والنظافة في المدارس في كافة المراحل كمادة في المنهج، وحملات مكثفة الى ارشاد الكبار برعاية رسمية، ووضع قانون صارم يحاسب المخالف». ويشير «ما نسمعه عن البلدان النظيفة دائماً ما يكون هناك منظومة أخلاقية في المجتمع يعمل بها الكل كسلوك عام لايخالفه غير الحالات الشاذة وتكون منبوذة... في دولنا العكس تماما، الموجود هو منظومة استهتار ولا مبالاة، والنظيف هو الشاذ وقد نعيب عليه نظافته!».
التعليقات في مجملها على اختلاف مرئياتها تشكل تشخيصا جوهريا لواقع الحالة وتؤكد المسئولية المشتركة، المؤسسية والاجتماعية والفردية أيضاً في مواجهة مظاهر هذه الحالة والحد منها والمساهمة في تحسين السلوك الاجتماعي في العلاقة مع المحيط البيئي، وإدراكاً لما جرى معالجته يبقى السؤال قائماً، ما العمل لتغيير هذا السلوك؟
إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"العدد 5088 - الخميس 11 أغسطس 2016م الموافق 08 ذي القعدة 1437هـ
نشكر سعادة الدكتور على هذا الطرح الإيجابي الذي سوف يثري قلوب قراء هذا المقال، و نتمنى من الجهات المعنية إتخاذ الأجراءات اللازمة في موضوع النظافة البيئية في مجتمعنا التي أصبحت تعاني في الفترة الحالية.
أخوكم : عبدالله محمد حبيب