دعا الأمين العام لجمعية وعد رضي الموسوي إلى الشروع في تهيئة البلاد لحل متوافق عليه بين كل المكونات والأطراف الفاعلة في الساحة المحلية، بعيداً عن تأثيرات وتداعيات الأزمات الإقليمية المستعصية على الحل والتي تشكل حالة استنزاف في بلدانها وفي الإقليم».
وذكر الموسوي في ندوة عقدت بمقر جمعية وعد في أم الحصم مساء الأربعاء (10 أغسطس/ آب 2016)، تحت عنوان «قراءة في المستجدات السياسية على الساحتين المحلية والإقليمية»، أن «استمرار الأزمة السياسية مفتوحة على مصراعيها دون حل يمكن أن يخلق وقائع أخرى أكثر تعقيداً وصعوبة على الحل، الأمر الذي يفرض إعادة قراءة المواقف الراهنة من العلاقة مع قوى المعارضة السياسية ومعالجة الأزمات الحقوقية والمعيشية بعقلية منفتحة على الحل من خلال العودة لمرجعية البلاد والمتمثلة في ميثاق العمل الوطني الذي بشر بالملكية الدستورية على غرار الديمقراطيات العريقة».
وأشار إلى أنه «مع مراوحة الوضع الإقليمي وأزماته في اليمن والعراق وسورية دون حل، يمكن القول إن الحالة البحرينية ليست استثناء من القاعدة. ويبدو أن هذه المراوحة ستستمر، وسيستمر معها تهميش العمل السياسي المصرح به، حتى تتشكل معطيات جديدة. لكن المسألة هنا أكثر تعقيداً».
وشدَّد على أن «الخطوات الضرورية للحل الجامع تحتاج إلى اشاعة أجواء التسامح ونبذ خطاب الكراهية والتحريض ضد الآخر، كما تحتاج إلى إرادة سياسية مقررة تضع البلاد على الطريق الذي ينبغي أن تكون عليه من أجل الحفاظ على السلم الأهلي والاستقرار الاجتماعي، وتمتين الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب الواحد ونبذ الطائفية والمذهبية المقيتة ومشعلي الفتنة التي لعن الله موقظيها».
وقال الموسوي «لاتزال بلادنا البحرين تعاني من أزمة سياسية مستفحلة مستمرة منذ خمس سنوات ونصف السنة، دون أن تلوح في الأفق حلول جدية قادرة على الصمود والاستدامة لكي تتفرغ البلاد لعملية التنمية المستدامة التي يكون فيها الإنسان وسيلة وهدفاً في آن واحد. وقد تناسلت من الأزمة السياسية لتنتج أزمات حقوقية واقتصادية ومعيشية، يحتاج علاجها إلى نمط جديد من التفكير واجتراح الحلول التي من شأنها وضع بلادنا على السكة الصحيحة وتجاوز الآم الماضي، بما يحفظ هيبة الدولة وعزة وكرامة شعبها، لتنطلق في فضاء العمل الجدي وحل أزماتها بناء على مصالح أبنائها جميعاً».
وأضاف «لقد تفاقمت الأزمة السياسية حتى بلغت أوجها بقرار حل أكبر جمعية سياسية مصرح لها في البحرين، جمعية الوفاق، واستدعاء العديد من كوادرها وأنصارها، وترافق ذلك مع قرار سحب الجنسية من الشيخ عيسى قاسم واستدعاء الكثير من رجال الدين».
وأردف «ورغم تنظيم ثلاثة حوارات منذ الأزمة في فبراير/ شباط 2011، حيث انتظم حوار التوافق الوطني في يوليو/ تموز 2011 ولم يسفر عن نتائج وحلول للأزمة السياسية بسبب عدم وجود الجدية الكافية للحل وكون تركيبة وفوده، ما فوت فرصة سانحة للبلاد يمكن أن تضع من خلاله حلاً سياسيّاً جامعاً. ثم جاء الحوار الثاني في 10 فبراير/ شباط 2013، واستمر متقطعاً قرابة 10 أشهر ولم ينتج عنه شيء يذكر بل تم الإعلان الرسمي عن تعليقه، حيث لم يكن هو الآخر حواراً جاداً ذا مغزى. ومع شعور الجانب الرسمي بضرورة استمرار الحوار، تواصلت الاتصالات والاجتماعات غير المعلنة بين الجانب الرسمي من جهة وبين القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة، إلا أنه كان استمراراً في سياسية تقطيع الوقت التي حان قطاف نتائجها رسمياً عندما تم الإعلان عن وثيقة الشخصيات (الأعيان) منتصف سبتمبر/ أيلول 2014، تمهيداً للذهاب إلى الانتخابات النيابية التي انتظمت في أكتوبر/ تشرين الأول 2014 دون مشاركة القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة، والتي سبق وأن أعلنت عن موقفها المقاطع للانتخابات إذا استمر الاحتقان السياسي والحقوقي دون حل».
وتابع «ويبدو أن ما بعد الانتخابات النيابية ليس كما قبلها من ناحية تعاطي الجانب الرسمي مع المعارضة، فبدأت سبحة التضييق تكر باعتقال أمين عام الوفاق الشيخ علي سلمان واستمرت حتى تم حل جمعيته، فيما تواصلت عملية تبخير العمل السياسي على نار هادئة، لتتناسل أزمات حقوقية واقتصادية ومعيشية».
كما تحدث الموسوي عن الوضع الحقوقي في البحرين، ذاكراً أنه «منذ الرابع عشر من فبراير 2011، أدخل السجن وتم توقيف آلاف المواطنين والناشطين السياسيين والحقوقيين، وقدم آلاف منهم إلى المحاكمات التي أصدرت أحكامها على الكثيرين منهم بمدد طويلة، كما تم فصل الآلاف من عملهم وأعيد أغلبهم بعد تقرير وتوصيات اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق والاتفاق الثلاثي بين حكومة البحرين والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين ومنظمة العمل الدولية، إلا أن نسبة مهمة من العائدين إلى أعمالهم يشكون من مواقع العمل الجديدة التي وضعوا فيها، ما اضطر العديدين منهم إلى تسوية أوضاعهم باتجاه التقاعد المبكر، لتخسر البلاد طاقات وكوادر مجربة لاتزال قادرة على تقديم قيمة مضافة في العمل».
وأوضح أن «الوضع الحقوقي الذي نواجهه اليوم بحاجة إلى معالجة تنطلق من مبادئ حقوق الإنسان وفق ما قررته الشرعة الدولية وفي مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي وقعت وصادقت عليه حكومة البحرين. وهذا يحتاج إلى إعادة قراءة الواقع بما يسهم في إحداث النقلة الحقوقية المطلوبة لتحقيق الانفراج الأمني والسياسي وتخفيض منسوب التوتر الحاصل من جراء هذا الوضع المتأزم».
وأكمل الموسوي «وهذا ينسحب على وضع المناطق وخصوصاً منطقة الدراز التي أغلقت مداخلها واقتصر الدخول على مدخلين يمر أبناء القرية منهما من خلال الحواجز الأمنية، مما يتسبب في متاعب للأهالي لوقوفهم يوميّاً في طوابير الانتظار. كما أن منع الأهالي والمواطنين من دخول القرية يتسبب في المس بمصالح المواطنين وحرمانهم من حق التنقل في بلادهم، وهو حق مكفول دستورياً وإنسانياً».
وواصل «أما الحق في العلم، فإننا نشير إلى مسألة البعثات المتكررة سنوياً، حيث يشتكي بعض الذين حصلوا على معدلات عالية من عدم حصولهم على رغباتهم الأولى، حسب تصريحاتهم للصحافة المحلية، وتحول بعثاتهم التي يفترض أن تمنح لهم إلى منح، فضلاً عن شحة البعثات والمنح خارج البلاد. إن مستوى التعليم ومخرجاته حسب التقارير الرسمية يعاني من تدنٍّ كبير، الأمر الذي يحتاج إلى إعادة التفكير في طبيعة السياسة التعليمية الحالية من أجل مواكبة التطور وإحداث التحول الكيفي وفق معيار الكفاءة والتفوق وليس شيء آخر».
وبيّن أن «الواقع الحقوقي خلف المتناسل من الأزمة السياسية آلاماً للمواطنين، حيث سقط العشرات من الضحايا، وتم إسقاط جنسية العشرات حتى وصل العدد إلى نحو 250 حالة إسقاط جنسية، ما يشكل عبئاً كبيراً على الواقع الأمني المشدود أصلاً».
وتابع «هذه المعطيات تفيد بضرورة إيجاد حل للوضع الحقوقي عبر مبادرات فاعلة ومؤثرة من شأنها تبريد الساحة بما يخلق أجواء تهيئ لإيجاد حلول دائمة، ومن هذه المبادرات الإفراج عن معتقلي الرأي والضمير والبدء بالأطفال والنساء وكبار السن وطلبة المدارس والجامعات، الأمر الذي يخلق أجواء انفراج حقيقي يمكن البناء عليه لحل كامل الملف».
وفيما يخص الوضع الاقتصادي والمعيشي، فأشار الموسوي الى أن «تدني أداء الوضع الاقتصادي جاء نتاجاً طبيعيّاً لاستمرار الأزمة المحلية والأزمات الإقليمية وانهيار أسعار النفط منذ منتصف العام 2014، وتراجع عائداته إلى مستويات تضاعف خلالها العجز في الموازنة العامة، حيث بلغ العجز الفعلي فيها وفق الحساب الختامي للدولة للعام الماضي 1.517 مليار دينار، ومن المتوقع أن يتزايد حجم العجز في الموازنة الحالية 2016 ليقترب من الملياري دينار، الأمر الذي سيزيد من حجم الدين العام بعد أن تلجأ الحكومة لسد العجز عبر سندات الخزينة والاقتراض من الصناديق الشقيقة».
وأردف «ومع الإرباك الحاصل، توجهت الحكومة إلى أقصر الطرق فرفعت الدعم عن اللحوم والمحروقات والكهرباء والماء، فزادت الأعباء على المواطن الذي يعاني أصلاً من ثبات الأجور وتزايد نسبة التضخم، فانزاحت كتلة مهمة من الطبقة الوسطى إلى الفئات محدودة الدخل، ما يشكل تهديداً حقيقياً للاستقرار الاجتماعي والسلم الأهلي الذي تلعب الطبقة الوسطى دوراً محورياً في استقراره».
وأوضح أن «إهمال البنود الأساسية في الموازنة العامة وخصوصاً البنود المتعلقة بالقطاعات الخدمية وتوليد الوظائف الجديدة التي كشفت أرقام وزارة العمل الخلل الكبير في السياسة العمالية، حيث جرى توظيف أكثر من 80 ألف عامل وافد خلال السنوات السبع الماضية مقابل الاستغناء عن 13 ألف مواطن، ما زاد من نسبة البطالة خصوصاً في التخصصات العلمية كما هو الحال في التمريض والتدريس والطبابة والهندسة، لتزيد نسبة البطالة إلى مستويات غير مسبوقة رغم أن وزارة العمل تحددها في حدود الـ 4 في المئة. وحيث تعاني السياسة العمالية إرباكاً شديداً، وعدم وجود رؤية واضحة للمستقبل، فقد استمر تدفق العمالة الوافدة بذات الطريقة غير المدروسة».
وختم الموسوي «وتشير إحصائيات هيئة تنظيم سوق العمل للربع الأول من العام الجاري 2016 إلى أن إجمالي العمالة الوافدة قد بلغ أكثر من 582 ألف عامل بزيادة قدرها 8.2 في المئة مقارنة بالربع الأول من العام الماضي 2015، فيما زادت العمالة المحلية لنفس الفترة بنسبة 2.8 في المئة، في الوقت الذي تتزايد فيه أعداد البطالة في أوساط البحرينيين، الذين بلغ عددهم لنفس الفترة أكثر بقليل من 160 ألف عامل، وبدلاً من معالجة البطالة المحلية، فقد تم إصدار أكثر من 50 ألف تصريح عمل للوافدين، مقابل 1926 وظيفة جديدة للبحرينيين، هذا الوضع قاد إلى تدهور الخدمات العامة مثل التطبيب والتعليم والإسكان الذي يقف في طابور خدماتها أكثر من 50 ألف طلب».
العدد 5088 - الخميس 11 أغسطس 2016م الموافق 08 ذي القعدة 1437هـ
اسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادى
شحوال ؟
....
\nجوفوا ليكم حل ويا أنفسكم بدل ما تطالبون بحل في الوطن
......
\nإحنا الحمد الله عايشين أحسن من غيرنا وأحسن بواجد من الدول........