نشرت شركة "ايه تي كيرني"، شركة الاستشارات الإدارية العالمية، دراسة جديدة حول سوق القيادة الذاتية، وقد خلصت الدراسة الى أن القرن 21 سيشهد أول موجة نمو في هذا القطاع.
وقد استخلص التقرير الذي يحمل عنوان "كيف يمكن لصناع السيارات أن يستمروا في زمن القيادة الذاتية" نتائجه بناء على مقابلات مع أكثر من 150 من صانعي القرار في مجال صناعة السيارات حول العالم. وقد سعي مستشارو أيه تي كيرني الى تحديد وتعريف المنتجات، والخدمات، واستراتيجيات الشركاء التي يمكن من خلالها أن يفوز كل من المصنعين والموردين بالمنافسة في مجال القيادة الذاتية.
وعلّق شريك أيه تي كيرني، سيلفادور زاراتي، قائلاً: "الابتكارات الحديثة والتقنيات الثورية ستجعل من القيادة الذاتية واقعاً ملموساً في المستقبل القريب مع إمكانيات ومميزات رائعة للحركة والكفاءة والأمان".
وأضاف "بدأت بعض الدول في منطقة الشرق الأوسط بالتحرك نحو تأسيس المدن الذكية. وتمثل سيارات القيادة الذاتية جزءا كبيرا وهاما من هذا التطور، ومع تطور هذا القطاع بشكل كبير اقليميا وعالميا فإننا نتوقع أن نشهد تغيراً في سلسلة القيمة التي نعرفها من مصنعي السيارات التقليدية والذين يعتبرون أحد اللاعبين الكثيرين المتنافسين على سوق بحجم 2 تريليون درهم".
وقد أشار التقرير الى ظهور سلسلة جديدة لصناعة السيارات ذات القيادة الذاتية تتكون من مجموعة من اللاعبين، بداية من موردي المكونات، ومقدمي البرمجيات، وحتى مقدي ومؤسسي البنية التحتية ومقدمي البيانات. معظم تلك الشركات وهؤلاء الموردين يعملون حاليا في مجالات مختلفة، ولكن التقرير يتوقع أن يعمل ويتنافس كل هؤلاء في نفس السوق مع انطلاق ثورة القيادة الذاتية.
ويتوقع التقرير أن تتفكك صناعة السيارات بشكلها الحالي، كما سيقوم مقدمو خدمات التصنيع بالنمو السريع والاستقلال بصناعتهم. وبحلول العام 2025 ستتخطى عائدتهم من مجال الترفيه والمعلومات ما يحصلون عليه من عوائد الصناعة التقليدية. كما يتوقع التقرير أن تنقسم سوق المركبات نفسها إلى ثلاث شرائح مختلفة وهي: النخبوية، والمنخفضة الكلفة، والطائرات بدون طيار.
وقال رئيس الأعمال الرقمية في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا بشركة أيه تي كيرني والشريك المؤسس لمعامل أيه تي كيرني الرقمية، مايكل رومر: " نماذج الأعمال في مجال مقدمي السيارات المتوسطة مثل تويوتا، وفولكس واغن، وسيات، وستروين ستتعرض لمشكلة. واقتداء بما قامت به الشركات الرائدة مثل جي أم، وبي أم دبليو، وفورد، فإنه يتوجب على صنّاع السيارات أن يقيموا شراكات وتحالفات استراتيجية مع شركاؤهم من خارج الصناعة إذا أرادوا تقديم حلول اتصالات معلوماتية جذابة". فحتى صناع السيارات النخبوية مثل أودي، وبورشيه، ومرسيدس بنز، وبي أم دبليو يعتمدون على خبراء خارجيين.
والى الآن يعزى نجاح هؤلاء إلى تعاونهم مع مقدمي التكنولوجيا الرائدين، وفي الشكل الجديد للصناعة يمكن تقديم خدمات السيارات فقط في حالة التعاون والعمل مع كل أفراد المنظومة، ويجب عليهم أن يبحثوا عن الشركاء المناسبين لتقديم المحتوى، والتطبيقات، والاتصال، والأجهزة.
وتثبت النماذج والأمثلة المبدئية هذا التطور، فمنذ أيام قليلة أعلنت شركة بي أم دبليو عن خططها للتعاون مع كل من إنتل وموبايلي. وقالت المجموعة التي تتخذ من مدينة ميونيخ مقراً لها أنها ترغب في إطلاق أول سيارة ذاتية القيادة في الأسواق بحلول 2021. ومن جانبها تعاونت دايملر مع مجموعة من مقدمي الخدمات في نظم الكاميرات وأجهزة الاستشعار.
وتقترح الدراسة أن عصر القيادة الذاتية سيفتح المجال لمجموعة من الخيارات المربحة لمجموعة من الموردين مثل بورشيه، زد اف/ تي آر دابليو، كونتيننتال، وشافلر. وتشق هذه الشركات طريقها إلى قمة هرم الموردين ويمكنهم أن يحتلوا مكان المصنعين الأساسيين كموردين للأجهزة أو تقديم أنفسهم كموردين مستقلين للبرمجيات ومكوناتها.
في نفس الوقت، فإن اللاعبين الجدد من المجموعات الرقمية مثل جوجل، وآبل، وفيسبوك، وسيسكو، وميكروسوفت، وكذلك مصنعي الأجهزة مثل سامسونج، وسيمنز، ودوتشي تليكوم يشقون طريقهم بثبات في السوق.
وبشكل عام، عززت الدراسة من الفوائد الاجتماعية للقيادة الذاتية والتي لم تحظى باهتمام كبير حتى الآن. وتقول الدراسة أن عدد الحوادث المرورية يمكن أن ينخفض بنسبة 70 في المئة في حين أن تخفيف الضغط الميكانيكي يمكن أن يخفف من تكاليف الصيانة بنسبة 35 في المئة. وأخيراً فإن استخدام أنظمة قيادة بديلة وكذلك السير في مواكب على الطريق يمكن أن يقلل من استهلاك الوقود بنسبة الثلث تقريباً.
وفي هذا الشأن علّق سيلفادور زاراتي، قائلاً: "يقوم المصنعون بواجبهم، والأمر متروك الآن للحكومات والمستهلكين للمساعدة في استيعاب هذا المفهوم الرائد والجديد في الشرق الأوسط. ويمكننا أن نرى بالفعل مفاهيم للقيادة الذاتية في المنطقة التي تتمتع بثقافة السيارات الكبيرة، ولكن نجاح هذه الفكرة يعتمد على تعاون وتضافر جهود جميع اللاعبين المشاركين".