تطرّق كثير من الكتّاب في الصحافة المحلية حول أموال هيئة التأمين الاجتماعي، وتساءلوا كثيراً حول إدارتها، ما إذا كانت الإدارة إيجابية أم سلبية، وكذلك تطرّقوا إلى موضوع الـ 20 موظَّفاً تمّ شراء خدمة افتراضية أثناء الدمج بين صندوق التقاعد والتأمينات الاجتماعية، على رغم أنّ هذا الشراء كان مناطاً بمن يريد إنهاء خدمته.

الأمر الغريب بأنّ الهيئة أرسلت رسائل لمن تناسبه شروط الاستغناء عن الوظيفة، وطلبت منهم الرد بالموافقة أو الرفض، حتى تتّخذ الإجراءات اللازمة في شأن تقاعدهم، على رغم أن هناك موظّفين تمّ فصلهم تعسُّفيّاً والسبب هو إلغاء وظيفة، مع أنّ الوظيفة مازالت موجودة بمهامها!

الأمر الأغرب بعد إرسال الرسائل وموافقة بعض الموظّفين على الرسائل، احتفظت الهيئة بموظّفين على الوظيفة مع إبقاء شراء الـ 5 سنوات، مع أنّها لا تُعطى إلا لمن يتقاعد أو يحصل على امتيازات للاستغناء عن الوظيفة بسبب الدمج وتقليص عدد الموظّفين! ولكن الأمر الذي يثير التساؤل: هل الـ 20 موظّفاً استلموا رسائل بالاستغناء عن الوظيفة، هل تنطبق عليهم الشروط، أم انّهم لم يكونوا ممّن استلموا رسائل الاستغناء عن الوظيفة؟!

هناك جدول تم تداوله وموثّق في تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية لسنة 2011، وتم التوقيع عليه من المدير التنفيذي للمستحقّات التأمينية، ولكن بعد الاطّلاع على هذا الجدول نتساءل حتّى لا يكون هناك لبس في الأمر، أين موافقة مجلس الإدارة أو مجلس شئون الوزراء على هذا الجدول؟! وخاصة أنّه كانت الأسماء المدرجة بداخله لم تخرج مع (الأوفر) الذي تمّ أثناء الدمج، فإننا نعتقد بأنّ هناك شروطاً تمّ تجاوزها!

إلى متى هذا الاستنزاف لأموال الهيئة؟! أليست هذه الأموال هي أموال المشتركين، أي الشعب؟! وكيف نستطيع المحافظة على هذه الأموال؟! 471 ألفاً تقريباً ذهبت لموظّفين وهم مازالوا على الوظيفة، وتمّ منحهم مراكز ومناصب عليا ونسباً في رواتبهم، وصلت للبعض منهم قرابة 100 في المئة! هل يعقل ذلك؟!

دوماً نسمع عن العجز الاكتواري للهيئة، ودوماً نسمع عن ترقيات وعن عطاءات وعن امتيازات وعن رفع نسب، كيف يحدث هذا التناقض؟! رواتب خيالية أكثر من رواتب الوزراء لبعض المناصب، وامتيازات لا حصر لها، فكيف يحدث ذلك في ظل العجز وفي ظل انفصال الصناديق الموجودة داخل الهيئة، فإدارة الاستثمار على سبيل المثال تمّ فصلها بمجلس إدارة غير تابع للهيئة، ومبنى التأمينات خالٍ من الموظّفين إلى يومنا هذا، على رغم أنّ الهيئة انتقلت إلى مبنى بالإيجار بالملايين، ولديها مبنى فاضٍ وخالٍ من البشر تحت ظلّها! وكان الأولى أن تشتري مكاناً جديداً إذا كانت تريد أو يتم تجديد مبنى التأمينات، من القيام بتأجير مبنى!

بعد الدمج تمّ تخفيض عدد الموظّفين إلى أكثر من النصف تقريباً، وكانت الرواتب قبل تقليل العدد في حدود 4,000,000 تقريباً سنوياً للموظّفين، فكيف ترتفع القيمة المالية لرواتب الموظّفين إلى 8,000,000 تقريباً، مع أنّ عدد الموظّفين أقل بكثير؟! مع العلم بأنّ الدراسة الاكتوارية لا تتأثّر بالبذخ على موظّفي الهيئة، ولكنّها تتأثّر إذا ما تطرّقنا لحقوق موظّفي باقي الوزارات، أين العدل والإنصاف في ذلك؟!

نتمنّى من القيادة العليا النظر فيما تمّ طرحه، فإن كانت الأرقام حقيقية والوقائع التي ذكرناها صحيحة، فلابد من وقف استنزاف أموال الشعب، حتّى لا يكون هناك ظلم على الموظّفين بشكل عام، فالموظّف في وزارات الدولة لا يشعر بأنّه تتم مساواته مع موظّفي الهيئة في الامتيازات مع أنّ القانون يشمل الجميع.