العدد 5084 - الأحد 07 أغسطس 2016م الموافق 04 ذي القعدة 1437هـ

ميرزا آل شريف وليلة لن تنسى

ميرزا آل شريف أثناء أدائه بعض الإيقاعات
ميرزا آل شريف أثناء أدائه بعض الإيقاعات

المنامة - عبدالنبي العكري 

تحديث: 12 مايو 2017

أقام ملتقى المحروس الثقافي، بالتعاون مع جمعية البحرين للموسيقى، مساء الخميس (21 يوليو/ تموز 2016)، حفل تكريم على شرف أيقونة الموسيقى اللاتينية ميرزا آل شريف، في مسرح نادي الخريجين، والحقيقة أنني مثل الكثير من البحرينيين نجهل ميرزا آل شريف الموسيقي الفنان، لكن الفضول دفعني للذهاب لحضور الحفل وفوجئت بزحمة السيارات، والمفاجأة الأكبر هي امتلاء الصالة عن آخرها بل إن الكثيرين ظلوا وقوفاً، وساعدني الحظ وإحدى الفاضلات من آل شريف بالحصول على معقد قريب من خشبة المسرح، حيث لمحت شيخاً في الثمانينيات من العمر يعتمر قبعة خفيفة والكل يسلم عليه فعرفت أنه المكرم الموسيقي ميرزا آل شريف، سبق أن حضرت أمسية للموسيقى اللاتينية في مركز كانو الثقافي بالسهلة وفوجئت بإتقان فنانين شباب بحرينيين للفنون الغنائية الإسبانية والأميركية اللاتينية وتفانيهم وإخلاصهم وتضحيتهم لفنهم من دون أن يحظوا بأية رعاية رسمية تذكر.

وقد عرض فيلم وثائقي أعدته مجموعة من الشباب الجامعين، ألقى الضوء على مسيرة ميرزا آل شريف الفنية في بريطانيا والبحرين، وإسهاماته المرموقة بشكل مبكر وفي بريطانيا بالذات في الخمسينيات والستينيات من خلال الفرق الموسيقية التي شارك فيها، وعزفها الموسيقى التصويرية لبعض الأفلام ومنها فيلم «من روسيا مع الحب»، أول أفلام سلسلة جيمس بوند، لإيان فليمنج المشهورة. وتكريمه في عدة مناسبات وإصداره أسطوانة، وأعتقد أنه تفرد في احتراف العزف في فرق بريطانية متخصصة بموسيقى أميركا اللاتينية، وهذه لها قصة ولد ميرزا في المنامة في عائلة تجارية ثرية لها أعمالها التجارية في الخليج بصنفيها العربية والإيرانية، في نهاية الثلاثينيات من القرن الماضي، وبعد أن تلقى تعليمة الأساسي في البحرين أرسلته عائلته للدراسة في لندن في العام 1948، وهو شيء نادر تلك الأيام، كما أن السفر إلى لندن حينها مكلف ومجهد يقتضي ركوب طائرة بحرية من البحرين إلى البصرة ثم دمشق، وبعدها محطات عديدة حتى الوصول إلى لندن.

ولم تكن في لندن حينها جالية بحرينية، بل إن العرب فيها قلائل، لكن أخاه الذي سبقه إلى لندن ساعده في ذلك، أما إرساله إلى لندن فكان بهدف دراسة الطب، لكن الأقدار لعبت لعبتها، حيث شاهد ميرزا أثناء وجوده في الجامعة فرقة الجامعة وهو في كلية الطب سنة أولى تعزف الموسيقى فأعجب بها وتوجه للاستماع للفرق الموسيقية وهي تعزف، ودفعه ميوله إلى ارتياد الأندية والمسارح التي تقدم الموسيقى بصحبة أخيه وأعجب بشكل خاص بالموسيقى اللاتينية، فانخرط في عالم الموسيقى وأضحت الموسيقى روحه وحياته، ويمكنك أن وتدرك كيف سكنت الموسيقى روحه عندما اعتلى المسرح، وهو في الثمانينيات ليشارك الفرقة الموسيقية المختلطة من فرقة «الإخوة» و «بحرين درمرز»، العزف على الإيقاع بكل حيوية طوال نصف ساعة وهكذا انضم لفرقة لاتين بيتلز واحترف العزف الموسيقي، حيث تدرج أجره من جنيه إلى أن وصل إلى مئة جنيه وهو يعادل الكثير حينها، وكانت الفرقة تعزف في نادٍ بحي سوهو المشهور بحياة الليل والموسيقى، وأضحت حياته جزءاً من حياة سوهو وفي العام 1969 طبعت أول أسطوانة لفرقه لاتين بيتلز. والمشكلة من عشرين عازفاً، وعلى رغم عروض البعض من الكبار الذين يكونون في زيارة لندن بمساعدته، إلا أنه كان يرفض بكبرياء معتمداً على نفسه، ومما يحصل عليه من أدائه الموسيقى الرائع. وقد عبر في مقابلة له على عدم اكتراثه بالمال والجاه بل بالموهبة والتقدير للفنانين المبدعين، واستعداده لدعم زملائه الفنانين المحتاجين حينها، فنياً ومالياً. وقد نال ميرزا تقديراً من المؤسسات الموسيقية في لندن.

هذه الروح السخية جسدها أيضاً بعد أن رجع إلى البحرين في بداية السبعينيات حيث شكل فرقة «الزولوس» اسم إحدى قبائل جنوب إفريقيا، ويعود له الفضل في إدخال الموسيقى اللاتينية في البحرين، وقد تتلمذ على يديه العديد من الموسيقيين كما ساعد عدداً من الفرق ومنها فرقه أجراس للإخوة زيان والتي اختفت، وفرقه الإخوة وفرقه بحرين توكنج درمرز وترجمتها «فرقه الطبول البحرينية الناطقة» وفرقه الجامنج وهذه الفرق الثلاث قدمت فقرات في حفل التكريم ثم اجتمعت في فقرة أخيرة شارك فيها الفنان ميرزا آل شريف بالقرع على الطبول بكل حيوية.

والحقيقة أنني فوجئت بإتقان العازفين البحرينيين للآلات الموسيقية والموسيقى اللاتينية بل والغناء مثل عبدالله مطر بالإسبانية، وجميع هؤلاء ليسوا متفرغين، ولا يحصلون على دخول منتظمة من أداء الموسيقى في الحفلات أو الأندية أو الفنادق، بل يقيمون حفلات قليلة ومجانية، وهم ممن يعملون في مختلف المهن والتخصصات. عبر الموسيقيون البحرينيون ممن تعاملوا مع الفنان ميرزا آل شريف عن امتنانهم الكبير لما قدمه لهم فنياً ومادياً ونبرات عاطفية حارة.

وقد انعكس هذا التقدير والامتنان بتقديم دروع وهدايا تقديرية من العديد من المجموعات الموسيقية والأدبية من البحرين ومن عمان أيضاً. فعلا كانت ليلة بهيجة حيث تصدر آل شريف الصفوف الأمامية، فخورين بابنهم الفنان، ومعهم جمهور البحرين من مختلف المناطق والمشارب في ليلة صفاء ومحبة نادرة، وبالفعل فإن الفرق الموسيقية التي أحيت تلك الليلة تعكس وحدة شعب البحرين ومحبته الفياضة.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً