العدد 5083 - السبت 06 أغسطس 2016م الموافق 03 ذي القعدة 1437هـ

13 روائياً في القائمة الطويلة لـ «بوكر العالمية»... و3 من غير البِيض

قبل أن تنشر جوستين جوردن تقريرها في صحيفة «الغارديان» البريطانية، يوم الثلثاء (26 يوليو/ تموز 2016)؛ وحمل عنوانه تساؤلاً عن الأسماء التي يُمكن لها أن تشكِّل القائمة الطويلة لجائزة مان بوكر العالمية للعام الجاري، وكان ذلك قبل يوم من تاريخ إعلان القائمة (الثلثاء)، وتوقعت فيه أن يكون عدد المرشحين للقائمة بين 12 و13 روائياً، حملت وكالات الأنباء العالمية بعدها بيومين، أسماء 13 مؤلفاً لـ 13 عملاً روائياً ستدخل المنافسة، من التي تم نشرها باللغة الإنجليزية في الفترة ما بين 1 أكتوبر/ تشرين الأول 2015، و 30 سبتمبر/ أيلول 2016.

وسيتم إعلان القائمة القصيرة للجائزة في سبتمبر المقبل، فيما تُعلن الرواية الفائزة بالجائزة في 25 أكتوبر المقبل؛ حيث تصل قيمتها إلى 50 ألف جنيه إسترليني.

الإشكال المُستمر مع كل دورة للجائزة يتحدَّد في أن من بين 13 اسماً في القائمة - قلَّ أو نقص في كل دورة - لا يوجد سوى ثلاثة كتَّاب من غير البِيض، بالنسبة إلى هذه الدورة؛ في التفات بدا متأخراً، انسحب أيضاً على حقول أخرى ترتبط بالجوائز، ومن بين أشهرها ترشيحات جوائز الأوسكار، في الولايات المتحدة، التي قلَّما تتضمن قائمتها ممثلين وكتَّاباً وموسيقيين أميركيين من أصل إفريقي.

قائمة الأسماء تضمَّنت ست كاتبات، من أشهرهن ديبورا ليفي وآل كنيدي وإليزابيث ستراوت. وفي التفصيل، تحوي القائمة خمسة روائيين من الولايات المتحدة الأميركية، وستة من المملكة المتحدة، والروائي الجنوب إفريقي الحائز على جائزة نوبل في الآداب، جون ماكسويل كويتزي، الروائي الوحيد الذي حاز جائزة بوكر لمرتين، الأولى في العام 1983 عن روايته «حياة وأزمنة مايكل كي»، ليتلقاها بعد 16 عاماً؛ أي في العام 1999 عن روايته «العار»، ويدخل المنافسة لجائزة العام الجاري بروايته «أيام دراسة المسيح» التي ستجد طريقها إلى النشر في سبتمبر/ أيلول المقبل.

لكويتزي، المولود في العام 1940 في كيب تاون، بجنوب إفريقيا، عدد من الأعمال المهمة، من بينها: «سيد بيترزبرغ»، «عصر الحديد»، «الخصم»، «انتظار البرابرة»، «في قلب البلاد»، و «إليزابيث كوستلو».

روايته الأخيرة، «أيام دراسة المسيح»، والتي تأخذ طابعاً بوليسياً تمتلئ بشخصيات تُعاني من الاضطراب والاختلال العقلي، والتي لم تنسَ لجنة تحكيم الجائزة من خلال رئيستها، أماندا فورمان، من التنويه إليها في عدد من اللقاءات مع وسائل الإعلام البريطانية، ووصفتها بأنها رواية مثيرة، مع التعريج على الأعمال المرشحة، بالتنويه إلى أن كل رواية من تلك الروايات، أحدثت نقاشاً مُحتدماً بين الأعضاء، وصلت فيه الأمور إلى حد السجالات الساخنة. ويُكمل قائمة الـ 13، احتواءها على مرشح كندي.

وأشارت فورمان في حديث إلى صحيفة «الغارديان»، إلى ما أسمته المفاجأة الكبرى في القائمة، وتعني بها الرواية البوليسية لغرايم ماكري، والتي حملت عنوان «مشروعه الدموي»، وصدرت العام 2015، عن دار نشر مغمورة، إلى جانب أنها لم تحظَ بمراجعات في أوساط النقَّاد المعروفين.

الموسيقى والدكتاتور

اشتغل هذا التقديم على أكثر من تقرير، ولم يكْتفِ بأهم ما جاء فيها نقلاً عن صحيفتيْ «الغارديان» و«نيويورك تايمز»، بقدر ما اعتمد على تقديم نبذة عن بعض الأعمال التي لم ترد في تقرير «الغارديان» خصوصاً، والعودة إلى تقارير سابقة، قامت «الوسط» بنشرها في العامين 2015 و 2016.

يشير تقرير جستين جوردن، إلى أن الفائز بالجائزة العام الماضي (2015)، الروائي الجامايكي مارلون جيمس، عن روايته «لمحة تاريخية عن سبع جرائم قتل» والتي تستند أحداثها إلى محاولة اغتيال مغني الريغي الجامايكي الشهير بوب مارلي في سبعينيات القرن الماضي، شهد التحول الذي طرأ على الجائزة، وهو تحول إلى الأفضل، وفعلت الجائزة فعلها في تسليط الأضواء على كتِاب لم يكن معروفاً - نسبياً - إذا ما أدركنا أن التحوُّل الجديد الذي حقَّقه جيمس لم يتأتَ لأحد في بلاده من قبل؛ إذ أصبح أول كاتب جامايكي يفوز بها بفضل روايته التي تتعدَّد فيها الأصوات من حيث عصفُها بالسرد التقليدي. الرواية التي تحتوي على 680 صفحة، كانت «ممتلئة بالمفاجآت»، بحسب وصف رئيس لجنة تحكيم الجائزة العام الماضي مايكل وود، الذي فصَّل في تناوله الرواية بالقول، إنها تروي أيضاً، أحداثاً عنيفة جداً، و «مليئة بالكلمات البذيئة».

تثير جوردن مسألة حضور وغياب عدد من الأسماء والروايات، ولا نقف - بحسب الترتيب الذي وردت فيه بعض الأسماء والأعمال - على تمييز محدد بين من/ ما حضر أو من/ ما غاب، وخصوصاً أننا بعد إعلان القائمة الطويلة، لم نقف عليها بالتفصيل. وهنا تأتي رواية جوليان بارنز «ضوضاء الوقت»، التي يقدم فيها صورة الفن، ولنقل إنها بمثابة سيرة للفن في ظل الدكتاتورية، وتعرض إلى واحد من أهم الموسيقيين في العالم، ديمتري شوستاكوفيتش، في العام 1936؛ ضمن مسار حكاية الموسيقار، والنجاح منقطع النظير الذي حققته أوبرا «الليدي ماكبث من متسنك» التي يحضر عرضها الأمين العام للحزب الشيوعي وقتها جوزيف ستالين، في مسرح البولشوي. يحدث أن ستالين لا يُعجبه العرض، ويعبِّر عن انزعاجه، تاركاً المسرح بعد فترة قصيرة من حضوره. في التفاصيل يحدث خطأ في عزف السمفونية (هكذا يتم إيهام القارئ)؛ وخصوصاً في تصاعد الإيقاع والنغمات. لا يترك بارنز للقارئ معرفة أوجه الخطأ الذي حدث في الأداء، إلا أنه يضعنا من خلال السرد أمام لجوء ستالين إلى كتابة مقالة في صحيفة «برافدا»، وحرص على ألَّا تحمل توقيعه، ينتقد فيها السمفونية. شوستاكوفيتش يظل متأهباً ومتوقعاً اعتقاله في أية لحظة، ومهَّد لمثل ذلك الشعور الهجوم المستمر عليه انتقاداً لموسيقاه، بعد مقال ستالين. يشار هنا إلى أن بارنز سبق أن أصدر روايته الأولى «مترولاند» و «الإحساس بالنهاية» التي فازت بـ «البوكر».

ديليلو... اللغة الباردة والآسرة

يأتي التقرير على ذكْر الروائية والقاصة والكاتبة المسرحية البريطانية روز تريمين وعملها «سوناتا غوستاف»، والذي تتناول فيه موضوع الحياد الشخصي والسياسي؛ والروائي دون ديليلو في لغته الباردة والآسرة في الوقت نفسه التي تتجلى في عمله «صفر ك»، واستكشاف شعرية الممارسة بعمق في تجميد جثث الذين لقوا حتفهم جرَّاء مرض عضال، أملا في علاج يتم التوصُّل إليه في المستقبل. في الرواية تأمل في موضوع الموت، أو بالأحرى فلسفته؛ حيث يتربَّص بمعظم شخصيات أعماله الروائية، ويضعنا أمام ملاذاتها ولجوئها إلى الطقوس التي تكون خليطاً بين الدِّين والدنيا، سعياً إلى مدى مفتوح بينها وبين واقعها الذي لا يمكن الهروب منه.

نقف في العمل نفسه على الشخصيتين الرئيستين، وهما تحاولان دحْر الموت، وهذه المرَّة عبر الذهاب إليه، بالممارسة أو التقنية التي تهدف إلى تجميد داخل سائل الأزوت، على أمل أن يتم إنعاشهما مستقبلاً، وإعادة إحياء الخلايا مجدَّداً.

ثمة تناولات في الأعمال الأميركية ارتكزت في معظمها إلى تحقيقات في ديناميات الأسرة، تمثَّلت في أعمال كل من: إليزابيث ستروت، آن باتشت، ماري غيتسكيل، وآدم هاسليت، بينما نشهد جوناثان سافران فوير يعود إلى الوراء (ضمن أعمال سبق وأن عالجها ترتبط بالإرهاب، وخصوصاً أحداث 11 سبتمبر 2001) في صورة عمله «ها أنا»، حيث الموضوع الأثير لدى فوير؛ وهذه المرة ليس على مبعدة من الموضوعات التي تطرَّق إليها؛ إذ يتناول فيه مرة أخرى، موضوعات الأسرة والمسالة اليهودية والصراع في الشرق الأوسط.

وهناك رواية الشاعر والكاتب والناقد والروائي الأميركي غارث غرينويل «ما ينتمي إليك»، وقد سبق أن استعرضنا مراجعة لها في صحيفة «نيويورك تايمز»، وكتبها دوايت غارنر، ونشرت بتاريخ 19 يناير/ كانون الثاني 2016، وقامت «الوسط» وقتها بنشر ملخص عن المراجعة بتاريخ 6 فبراير/ شباط 2016، وهي الرواية الأولى لغرينويل، ولأن جستين جوردن تكتفي بذكرها ضمن قائمتها للأعمال الغائبة والحاضرة فقط، نعيد ما كتبه غارنر؛ حيث وصفها بأنها «قصة الرغبة والطبيعة المُهينة للشهوة»، وتحكي قصة رجليْن يلتقيان في حمَّام عمومي بقصر الثقافة الوطني في عاصمة بلغاريا (صوفيا). أحد الرجلين لم يكشف الراوي عن اسمه، شاب أميركي يُمارس التعليم في بلغاريا، والآخر محتال يُدعى ميتكو، يدفع المُعلِّم - في غواية لا تنتهي - إلى ممارسة الجنس. هكذا تبدأ علاقة مُعقَّدة ومتشابكة بحيث تتيح لموهوب مثل غرينويل فرصة تحليل لأكبر الأسئلة، تلك التي تتعلق بالولاء البشري والعطف أيضاً.

ميتكو ليس من صنف مُومس عاطفية في أعمال دوستويفسكي (لنأخذ غروسشنكا المرأة المومس التي يراها البعض ملاكاً)، فهو من النوع الذي يكون محط ازدراء من حوله؛ إذ قلَّما اغتسلَ - على رغم تنقّلاته بين تلك العوالم الموبوءة - وهو في ما يمتهن أقرب إلى ممارسة السرقة. ذلك فيما يتعلق بما لا يُرى من باطنه. ما يمكن رؤيته يمكن الوقوف عليه من خلال التقرُّحات التي تحيط بفمه بسبب الإصابة بالهربس، وكذلك التشوُّهات التي تملأ وجهه بفعل المشاجرات.

ومع ذلك يظل جميل الملامح؛ علاوة على قامته الطويلة ومنكبيه العريضين. في الرواية يقوم ميتكو بعملية إيقاظ لكل الاستجابات الحيوانية التي أرادها الراوي.

نجوين في «المتعاطف»

تحضر رواية «المتعاطف» للكاتب الأميركي من أصل فيتنامي نام ثانه نجوين، التي تمتلئ بالطموح، والقدرة على النظر إلى الجانب المعتم مما يمارسه الإنسان من خراب ودمار، في تناولها حرب فيتنام وما ترتَّب عليها من كوارث ظلت بمثابة الندوب على وجه هذه المدنية الغنية بموهبة النسف والدمار. حققت الرواية بفضل لغتها وفرادة سردها، جائزة «بوليتزر» في مجال الرواية، وسبق تحقيقها الجائزة، اهتمام كبار النقَّاد في الداخل الأميركي والبريطاني، بالمراجعات التي قدَّموها في كبريات صحف بلادهم؛ حيث أشادوا بقدرته على استلهام تقنيات وأساليب كل من: جورج أورويل، دنيس جونسون، وغراهام غرين.

الرواية تركِّز في العميق من تناولها من خلال مضامينها، على التنقيب عن الهوية المستلبة والضائعة، وتأتي معالجتها في صور مليئة بالعنف، كما تعرِّج على موضوع السياسة في الداخل الأميركي، الذي يضم في تشكيلته وموزاييكه مئات الآلاف من المهاجرين، من خلال شخصية نقيب في الجيش الفيتنامي السابق، متجرِّد من الولاء، بانتمائه إلى عالمين فيتنامي وفرنسي، وظروف وصوله إلى أميركا بانتهاء الحرب على فيتنام واعتناقه الأفكار الشيوعية، وظروف اتهامه بالتجسس، وصولاً إلى تبرئته، وقصة الحب والصداقة التي تنشأ مع بشر عديدين التقاهم في المكان الجديد.

بقيت الإشارة إلى أن نام ثانه نجوين يعمل أستاذاً في جامعة جنوب كاليفورنيا في قسمي اللغة الإنجليزية والدراسات الأميركية، مُركِّزاً على الأعراق. له كتاب بعنوان «سباق المقاومة: الأدب والسياسة في أميركا وآسيا»، و «الحرب: الذاكرة والهوية». نشر العديد من قصصه القصيرة في الصحف والمجلات الأميركية. حاز جائزة إدغار عن الرواية نفسها.

باتت التجربة الأدبية اليوم مُعاينة من الجميع، ففي هذا العام نشهد متابعات من قبل الكاتب البريطاني بول كنغزنورث، مع روايته «الصحوة»، والكاتبة الأيرلندية آمير ماكبرايد، في روايتها «الفتاة شيء نصف مكتمل»، التي تتناول علاقة فتاة أيرلندية في الثامنة عشرة من عمرها بممثل أكبر سنًا في شمال لندن في تسعينيات القرن الماضي.

يُذكر أن جائزة بوكر هي من أهم الجوائز الأدبية المُخصَّصة للأعمال الروائية باللغة الإنجليزية، وذلك منذ تأسيسها العام 1968. لها فرع يهتم بالرواية العربية وهي الجائزة العالمية للرواية العربية التي تم إطلاقها في عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة (أبوظبي) في أبريل/ نيسان 2007.

ويتم اختيار أعضاء لجنة تحكيم الجائزة من نخبة النقّاد والكتّاب والأكاديميين، ويتغيّرون كل عام بغية الحفاظ على صدقية الجائزة ومستواها.

ضوضاء الوقت
ضوضاء الوقت




التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً