يتجمع عشرات الرجال والنساء والاطفال في أحد جوانب مركز تسوق في الرياض، محاولين الحصول على تذكرة تتيح لهم خوض تجربة غير مألوفة في السعودية، اللهو على الثلج.
قبل اسبوعين، افتتحت في المدينة التي اعتادت في فصل الصيف على درجات حرارة تلامس 45 مئوية، "مدينة الثلج"، وهي متنزه مغلق تتدنى فيه الحرارة الى ما دون ثلاث درجات تحت الصفر.
على البساط الابيض في الداخل، نساء منقبات يرتدين معطفا اسود اللون يقيهن الصقيع، يلهون بزلاجات ويتزحلقن على الثلج، وعلى مقربة منهن رجال واطفال ارتدوا معاطف ملونة وقفازات، يقذفون بعضهم البعض بالثلج، في تجربة يعيشها العديد منهم للمرة الاولى.
ويقول علي العجمي"للمرة الاولى في حياتي ألمس الثلج".
يضيف الرجل البالغ من العمر 40 عاما والذي يعمل في التجارة "لم يسبق لي السفر الى الخارج، وجئت اليوم مع ولدي عبد العزيز وديما للاستمتاع بالثلج. انها تجربة مثيرة".
وافتتحت "مدينة الثلج" في مركز "العيثم مول" في 13 تموز/يوليو. ويمتد المتنزه الاول من نوعه في السعودية على مساحة خمسة آلاف متر مربع، وبلغت كلفته 100 مليون ريال (26,7 مليون دولار).
وتوفر "المدينة" لزوارها نشاطات مختلفة كالزلاجات والتزحلق باستخدام اطارات معبأة بالهواء.
ويقول فهد العيثم، الرئيس التنفيذي لـ"شركة العيثم للسياحة والترفيه" التي قامت بمشروع المتنزه الثلجي، ان هذه "المدينة" تهدف الى "تنويع الخدمات والانشطة الترفيهية الجاذبة في العاصمة الرياض".
بدأ العمل على المشروع عام 2014، ويتزامن تدشينه هذه السنة مع شروع المملكة في خطة "رؤية السعودية 2030" التي اعلنت في نيسان/ابريل، وتهدف الى تنويع مصادر الدخل الاقتصادي. وتلحظ الخطة تقليل الاعتماد على النفط، في مقابل تعزيز دور القطاع الخاص والاستثمار في مجالات عدة منها السياحة والترفيه.
والمشروع ليس الاول من نوعه في دول الخليج، اذ يضم "مول الامارات" التجاري في دبي، مدينة ثلجية متكاملة افتتحت عام 2005.
"قتلنا البرد"
وبحسب شركة العيثم، تتيح "المدينة" لزوارها ان يعيشوا "تجربة الثلج، وقضاء اجمل الاوقات في اجواء اوروبية ممتعة وباردة طوال العام".
وفي حين تشهد بعض المناطق الجبلية في اقصى شمال المملكة وجنوبها تساقط كميات محدودة من الثلج خلال فصل الشتاء، الا ان سكان الرياض الواقعة في وسط المملكة، محرومون من ذلك.
وخلال باقي اشهر السنة، تشهد المملكة مناخا صحراويا قاسيا.
اما مدينة الثلج هذه فهي تتيح للسعوديين التعرف على مناخ لم يألفوه من قبل.
ويقول الفتى عبد الرحمن حمد (14 عاما) ضاحكا "قتلنا البرد". رغم ذلك، يمضي الفتى لتجربة لعبة جديدة، قائلا "لو كانت هذه البرودة في منزلنا لتجمدنا".
يؤكد مسؤولو المشروع ان الاقبال يفوق الالف شخص يوميا، وان العديد من الاشخاص يغادرون دون التمكن من شراء تذكرة.
ويقول مدير الشرق الاوسط وشمال افريقيا في المشروع بول ريفيه "كنا نتوقع اقبالا، لكن ليس بالحجم الذي وجدناه".
يضيف لفرانس برس وهو يراقب الزوار من الاعلى "عادة بعد ساعة ونصف يكتفي الشخص ويضطر للخروج من شدة البرودة لكننا وجدنا هنا انهم يستمرون في اللعب والمغامرة في الثلج دون توقف".
اقبال نسائي
ويشير المسؤولون عن المتنزه الى ان الاقبال النسائي فاق المتوقع.
ويقول ريفيه "75 بالمئة من زوار المدينة هم من النساء"، مضيفا "واجهنا مشكلة في توفير مقاسات الاحذية لهن لاننا لم نكن جاهزين لذلك".
وتعتبر المملكة بلدا محافظا، اذ تفرض فيها قيود واسعة على المرأة، لاسيما منعها من قيادة السيارة. وفي معظم الاماكن العامة، تلزم النساء بارتداء العباءة السوداء والنقاب، وغالبا ما يتم الفصل بين الجنسين.
وتقول ام احمد (37 عاما) وهي تهم بقذف ابنتها بكرة ثلج "الفكرة جميلة ومسلية"، مضيفة "الخصوصية موجودة ونستمتع بوقتنا".
وتخطط شركة العيثم لبناء متنزه ثلجي مماثل بمساحة مضاعفة في مدينة جدة بغرب السعودية، يرجح افتتاحه بعد زهاء 18 شهرا.
ووسط عمليات التقاذف بالثلج واللهو، بدا ان الصقيع قد نال من الطفل سلمان (اربعة اعوام) الذي سأل احد المشرفين على السلامة في المتنزه "الاجواء هنا غائمة وباردة. لماذا لا يضعون شمسا كذلك؟".