من الجيد أن تتفاعل الجهات الرسمية مع ما يُطرح من قضايا تهم المواطنين، خصوصاً إن كانت هذه القضايا تتصل بشكل مباشر بأهم احتياجات المواطنين، كالصحة والسكن والتعليم، ويكون جميلا ومفيداً أن تكون هذه الردود مكتوبةً بشكلٍ راقٍ يبتعد عن الشخصنة، وتحمل في طياتها أجوبة شفافة مدعومة بالإحصائيات والحقائق التي تدعم وجهة نظر المؤسسة الرسمية فيما تذهب إليه. ولذلك لابد من شكر المجلس الأعلى للصحة على ردّه على العمود قبل السابق بخصوص مخاوف المواطنين من تطبيق نظام الضمان الصحي الذي من المفترض أن يتم تطبيقه خلال السنوات القليلة المقبلة، والتي قد لا تتجاوز الثلاث سنوات.
وعلى رغم أن رد المجلس الأعلى للصحة قد طمأن الجميع، بأن المواطن لن يتحمل أية مبالغ أو رسوم عند تطبيق الضمان الصحي، إلا أن التخوف لا يزال طاغياً لدى المواطنين من أن هذه الرسوم أو المبالغ يمكن أن تُفرض عليهم في المستقبل، كما أن بعض المواطنين قد ربط مبلغ الـ 550 ديناراً الذي أشار إليه المجلس الأعلى للصحة، وهو تكلفة الخدمات الصحية المقدمة للمواطن في الوقت الحالي، بالحد الأعلى للضمان الصحي بحيث يكون هنالك مبلغ محدد لا يمكن تجاوزه في حالة الحصول على الخدمات الصحية. وفي هذه الحالة كيف سيتم التعامل مع المواطنين المصابين بأمراض مزمنة كالفشل الكلوي، والسكلر، وهي أمراضٌ عادةً ما تكون كلفتها مرتفعة جداً. كما أن الرد لم يتطرق لمسألة صرف أو شراء الأدوية، وهل سيشمل الضمان الصحي قيمة الأدوية والأجهزة المساعدة، كما هو الحال في الوقت الحاضر؟
الرد يشير أيضاً إلى أن المجلس الأعلى للصحة يعمل في الوقت الراهن على إعداد مسودة قانون الضمان الصحي بالتنسيق مع الجهات الحكومية ذات العلاقة المباشرة، ومن ثم سيقدّم إلى مجلسي الشورى والنواب لإقراره، وذلك ما يستدعي بالضرورة المزيد من الشفافية، وتقديم المعلومات للرأي العام، لكي يتهيأ المجتمع والمختصون لمناقشته وإبداء الرأي بشأن بنوده ونصوصه.
حسب معلوماتي، إن إحدى الشركات البحرينية الخاصة العاملة في مجال الاستشارات وتنظيم المؤتمرات، تبنّت مشروعاً في العام 2014 لتنظيم مؤتمر ومعرض خاص بمشروع الضمان الصحي، تشارك فيه الكثير من الجهات المعنية، ومن بينها المجلس الأعلى للصحة، ووزارة الصحة، وشركات التأمين، والمستشفيات الخاصة، ومقدّمو الخدمات الصحية، وعدد من أعضاء مجلسي الشورى والنواب وغيرها، وكان من المفترض أن يتم دعوة الكثير من المنظمات، والشخصيات الخليجية والعالمية المختصة، للإطلاع على تجاربها في مجال الضمان الصحي، والخروج برؤى وتصورات بشأن هذا الموضوع، ولكن الشركة تخلت عن هذه الفكرة بعد أن قطعت شوطاً طويلاً للتحضير لهذا المؤتمر بسبب التكاليف المادية العالية لهذا المؤتمر، وعدم مساندة المؤسسات الحكومية والخاصة المشروع الذي كان من الممكن أن يساهم بشكل كبير في بلورة ووضوح مشروع الضمان الصحي للمختصين في البحرين والرأي العام المحلي.
فإن لم يكن بالإمكان عقد مثل هذا المؤتمر، فبالإمكان تنظيم عدد من ورش العمل، وتسليط الضوء بشكلٍ كافٍ من خلال وسائل الإعلام، من أجل إشراك المجتمع فيما سيتم اتخاذه من قرارات تمس صحته وحياته.
إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"العدد 5078 - الإثنين 01 أغسطس 2016م الموافق 27 شوال 1437هـ