العدد 5078 - الإثنين 01 أغسطس 2016م الموافق 27 شوال 1437هـ

البحارنة يتناول في دراسة مقارنة دستور البحرين للعام 2002... واهتمام بالكويت

«التطورات السياسية والدستورية في دول الخليج العربية...»...

حسين البحارنة
حسين البحارنة

المنامة - محمد عبدالله عبدالرسول 

تحديث: 12 مايو 2017

منذ الوهلة الأولى جذبني عنوان كتاب «التطورات السياسية والدستورية في دول الخليج العربية 1820 - 2004»، لوزير الشئون القانونية السابق، والمستشار القانوني الحالي، حسين البحارنة، وهو عبارة عن دراسة قانونية مقارنة ركَّز فيها على دستور مملكة البحرين العام 2002، متناولاً عدداً من دساتير المنطقة، وخصوصاً دستور دولة الكويت، الذي لم يُخْفِ إعجابه بمواده. المؤلف غني عن التعريف، ففضلًا عن كونه وزيرًا في الدولة لأكثر من عشرين سنة فهو كذلك شخصية لها باعها في القانون الدولي وقد شغل عدة مناصب في الأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات الدولية وترافع ممثلًا عن البحرين في قضية الخلاف الحدودي بينها وبين دولة قطر.

في البداية يتطرق الكاتب لتاريخ العلاقات الخليجية البريطانية التي تعود إلى نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، وكيفية تطور هذه العلاقات في كل من عُمان، الإمارات، قطر، البحرين والكويت. ولعل النسق المشترك بين هذه الدول عدا عُمان هو أنها تحولت خلال فترة ما إلى محميات بريطانية، وهو ما يعني استقلالها الداخلي مع تخليها عن السيادة الخارجية للدولة الحامية، ومن ثم استقلال هذه الدول وتطورها السياسي والدستوري وصولًا إلى التاريخ المعاصر لهذا التطور. أما عُمان فلم تتحول بشكل رسمي إلى محمية بريطانية وإن كان سلطانها قد فوّض بريطانيا إدارة شئونها الخارجية، وقد تزامن التغير الذي حصل في عُمان مع وصول السلطان قابوس بن سعيد للحكم مع استقلال كل من البحرين وقطر والإمارات. أما الكويت فقد سبقتهم بعقد من الزمن.

الكويت ودستورها موضع فخرٍ واعتزاز لدى الكاتب، فلا يكاد يمر ذكر لها دون أن يصفها بالرائدة الكبرى في الخليج لما احتواه دستورها من المبادئ الحديثة للحكم وهي صفة يرى أن دستور البحرين لعام 1973 يشترك فيها أيضًا إلا أن دستور الكويت والذي صدر في العام 1962 بعد إقراره من المجلس التأسيسي يحظى بتفضيل الكاتب الذي يرى فيه الأقرب للسلطة التشريعية والرقابية الحقيقية. إلا أنه يستدرك ويقول إن هذا الأمر نسبي في منطقة الخليج وإنه لا يرقى إلى مستوى الديمقراطيات العريقة، بل هو دستور توفيقي بين نظام الحكم المطلق الوراثي الذي كان سائدًا قبل الاستقلال والنظام الملكي الدستوري. وهذه الحالة التوفيقية هي ميزة بقية الدساتير التي يتناولها الكتاب.

بعد ذلك ينتقل الكاتب للتركيز على التطورات الدستورية والقضائية في كل من البحرين وقطر، فيتناول تاريخ هذه التطورات بشيء أكثر تفصيلاً. كما يقوم بالمقارنة بين النظام القضائي في البلدين، وأيضًا مقارنة دستوريْ البلدين ودستورىْ البحرين العام 1973 والكويت. ويشكّل هذان البابان غالبية الكتاب إذ يقعان في نحو مئة صفحة يتبعهما ملحقان يحتويان على مواد دستور مملكة البحرين لسنة 2002 والدستور الدائم لدولة قطر لسنة 2004.

يحظى دستور البحرين والتطورات السياسية والدستورية الخاصة بها بنصيب الأسد، ليس فقط في هذا الجزء من الكتاب، بل في الكتاب ككل وهذا يُظهر اهتمام الكاتب وحرصه على تطوير ما هو قائم؛ حيث إنه ومع كل انتقاد كان يقدِّم اقتراحات يرى أنها الصورة الأمثل والأجدى. وقد كانت هذه النقود بشكل مقارن مع الدساتير الأخرى التي ذكرتها، وبالتحديد مع الدستور الدائم لدولة قطر لسنة 2004؛ حيث قارن بينه وبين دستور العام 2002 في ثلاثٍ وثلاثين نقطة.

استوقفتني مفاصل في الكتاب، وخاصة تلك التي تتعلق بإصدار دستور 2002 والأحداث التي تلت وهي أمور حدثت حين كنت طالبًا في المرحلتين الابتدائية والإعدادية. وقد حفزني الكتاب على قراءة التعديلات الدستورية التي تمّت في سنة 2012 مع المذكرة الدستورية المصاحبة لها.

أبرز مآخذي على الكتاب هو أنه لم يتطرّق إلى التدخلات البريطانية في شئون دول الخليج الداخلية أو على الأقل الشئون الداخلية البحرينية. فهناك عدة حوادث في القرنين التاسع عشر والعشرين استخدمت فيها بريطانيا القوة من أجل تغيير الداخل البحريني بما في ذلك عزل وتعيين الحكام. ويطلق كتّاب التاريخ على الطريقة التي كانت تمارس فيها بريطانيا سياستها بـ «دبلوماسية السفن الحربية «Gunboat Diplomacy» «حيث كان هناك تهديد متكرر باستخدام القوة في حال عدم الاستجابة للمطالب البريطانية.

يقول الكاتب التشيكي المعروف فرانس كافكا إننا يجب أن نقرأ الكتب التي توقظنا والتي تكون «الفأس للبحار المتجمّدة بداخلنا»، وقد صدمني هذا الكتاب بحق، فعلى رغم معرفتي الإجمالية بمواد الدستور، إلا أن المعرفة والفهم التفصيليين كانا أشد وقعًا عليّ وكأني أقف على هذه الأمور للمرة الأولى. يظل معيار نجاح الكتاب ليس بما يحتويه من قضايا يناقشها فقط، بل بما يثيره من تفكير وتساؤلات، ويمكنني القول، إن الكتاب نجح في تحقيق ذلك وبشكل لافت.

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب




التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 7:12 ص

      شكراً للكاتب على عرضه، ولكنني تمنيت لو تم تناول بعض الأفكار "الصادمة" كما وصفها بحيث نتعرف على بعض الأفكار والتوجهات التي تناولها المؤلف... وشكراً

اقرأ ايضاً