قالت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم الإثنين (1 أغسطس / آب 2016) أن القانون الجديد في المغرب يكرس حقوق عاملات المنازل.
وفيما يلي نص البيان:
القانون المغربي الجديد المنظم لعمل عاملات المنازل من شأنه توفير حماية لآلاف النساء والفتيات من الاستغلال والانتهاكات. اعتمد مجلس النواب القانون الجديد يوم 26 يوليو/تموز 2016، وسيصبح ساري المفعول بعد سنة من نشره في الجريدة الرسمية.
حققت هيومن رايتس ووتش في ظروف عمل عاملات المنازل القاصرات – تحت 18 عاما – في المغرب عامي 2005 و2012، ووجدت أن فتيات لم يتجاوزن 8 أعوام يتعرضن لانتهاكات بدنية، ويعملن لساعات طويلة مقابل أجر زهيد. قالت فتيات عاملات في المنازل لهيومن رايتس ووتش إن أصحاب عملهن كثيرا ما يضربوهن ويسيئون لهن لفظيا، ولا يسمحون لهن بالذهاب للمدارس، وفي بعض الأحيان يحرموهن من الغذاء الكافي. كانت بعض العاملات القاصرات يعملن لمدة 12 ساعة يوميا على مدار أيام الأسبوع، مقابل أجر لا يتجاوز 11 دولارا في الشهر.
قال أحمد بن شمسي، مدير التواصل والمرافعة في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "القانون الجديد قفزة نوعية لفائدةعاملات المنازل في المغرب، بعد أن تعرضت الكثيرات منهن للاستغلال والأذى. لكن الفصول المتعلقة بالأجور وساعات العمل مازالت ضعيفة، وخاصة الحد الأدنى لأجر عاملات المنازل، الذي مازال منخفضا كثيرا مقارنة بالحد الأدنى القانوني لغيرهن من العمال".
قبل اعتماد القانون الجديد، كانت عاملات المنازل مستبعدات من مدونة الشغل المغربية (قانون العمل)، ولم تكن لهن حقوقا قانونية تتعلق بالحد الأدنى للأجر أو الحد الأقصى لساعات العمل، أو حتى يوم عطلة أسبوعية.
يفرض القانون الجديد توفير عقود مكتوبة، ويحدد السن الأدنى لعاملات المنازل في 18 سنة، مع فترة تمهيدية تدوم 5 سنوات يُسمح خلالها للفتيات بين 16 و18 عاما بالعمل. كما يحدد القانون ساعات عمل الفتيات في سن 16 و17 سنة بـ 40 ساعة أسبوعيا كحد أقصى، والبالغات 48 ساعة أسبوعيا، رغم أن مدونة الشغل المغربية تنص على حد لا يتجاوز 44 ساعة بالنسبة لفئات العمال الأخريات. يضمن القانون 24 ساعة راحة متصلة أسبوعيا، وحدا أدنى للأجر قدره 1542 درهما (158 دولارا) في الشهر، أي فقط 60 بالمائة من الأجر الأدنى للمهن التي تشملها مدونة الشغل. ينص القانون أيضا على غرامات مالية على أصحاب العمل المخالفين للقانون.
قال بن شمسي: "عاملات المنازل، وهن في الغالب نساء وفتيات قرويات متواضعات التعليم، يعملن في مناطق حضرية يشعرن فيها بالعزلة. في خطوة محودة، يوفر المغرب اليوم حماية قانونية لعاملات المنازل؛ يبقى عليه الآن تنفيد هذه الحماية فعليا، وإن فعل، سيبعث المغرب برسالة قوية مفادها أن حتى العاملات الأكثر ضعفا لهن الحق في معاملة إنسانية".
حققت هيومن رايتس ووتش في استخدام الأطفال في العمل في المغرب لأول مرة في عام 2005. توصل بحث متابعة أجري عام 2012 إلى أن عدد الأطفال العاملين في المناول قد انحسر، لكن ما زال العديد من الأطفال تحت السن الأدنى – وكان 15 عاما حينها – يعانون من ظروف عمل مزرية.
قالت بعض الفتيات لهيومن رايتس ووتش إن أصحاب عملهن ضربوهن بالأحزمة والعصي والأحذية والخراطيم البلاستيكية. عملت بعضهن لأكثر من مائة ساعة أسبوعيا. كان متوسط أجر الفتيات الشهري، ممن أجريت معهن مقابلات في 2012، 545 درهما (61 دولارا)، أي أقل من رُبع الحد الأدنى للأجر في القطاع الصناعي.
تنحدر أغلب عاملات المنازل القاصرات في المغرب من مناطق قروية فقيرة، وكثيرا ما يُستقطبن من قبل وسطاء ينقلوهن للعمل بالمدن الكبرى، ويقدمون لهن وعودا خادعة حول ظروف العمل. بعد أن يبتعدن عن منازلهن وعائلاتهن، تصبح الكثيرات منهن في عزلة، ولا يعرفن إلى أين يلجأن إذا استغلهن أصحاب العمل أو أساءوا إليهن.
لتنفيذ القانون الجديد، على المغرب القيام بحملة توعوية عامة لضمان وعي عاملات المنازل وأصحاب العمل بفصول القانون. على الحكومة أيضا تدريب مفتشي العمل والمسؤولين الآخرين على تنفيذ القانون، والتحسيس بالعقوبات المفروضة على أصحاب العمل المخالفين لفصوله. يجب أن يكون لمفتشي العمل سلطة التفتيش بأي مكان تعمل به عاملة منزلية، ومقابلة العاملات على انفراد للتحدث عن ظروف عملهن.
اعتمدت "منظمة العمل الدولية" في 2011 "اتفاقية العمل اللائق للعمال المنزليين" (اتفاقية 189)، التي نصت على معايير عالمية للعمال المنزليين. أكدت الاتفاقية على أن تكون ساعات عمل عاملات المنازل مساوية لساعات العمل في القطاعات الأخرى، وأن الحد الأدنى للأجر يُطبق في شأنهن على وجه المساوات مع عمال القطاعات الأخرى.
رغم أن العديد من عاملات المنازل المقيمات ببيوت أصحاب العمل يحصلن على الإقامة والطعام كجزء من مقابل العمل، إلا أن قيمة هذه المرافق في أغلب الحالات لا تغطي فجوة الـ 40 بالمائة بين الحد الأدنى لأجر عاملات المنازل والحد الأدنى لأجر المهن الأخرى التي تشملها مدونة الشغل المغربية. التوصية المصاحبة لاتفاقية العمال المنزليين تسمح بسداد الأجر النوعي لا النقدي، لكن تنص على أن يكون هذا المقابل محدودا بما يسمح بتقديم الراتب الضروري لمعاش العاملة المنزلية وأسرتها.
صوت المغرب على اعتماد اتفاقية العمال المنزليين في 2011، لكن لم يصدق عليها بعد. إلى الآن، صدقت 22 دولة على الاتفاقية، بينها دول من جميع مناطق العالم ما عدا الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
قال بن شمسي: "بعد أن أرسى المغرب تدابير قانونية تخص عاملات المنازل، عليه الآن التصديق على اتفاقية العمال المنزليين الصادرة عن منظمة العمل الدولية. إن فعل ذلك، سيصبح المغرب رائدا بين دول المنطقة في حماية عاملات المنازل".