المشهد نفسه بات يتكرّر خلال الأشهر الأخيرة في غرب أوروبا، متنقلاً بين فرنسا وبلجيكا وألمانيا، إذ حصد هجوم إرهابي، أمس الأول، عشرة قتلى، على الأقل، وعدداً مماثلاً من الجرحى، جراء إطلاق نار بدأ في مطعم ماكدونالد للوجبات السريعة في مركز تجاري بمدينة ميونيخ الألمانية، قبل أن يتواصل فيما بعد، كما ذكر شهود، قرب الملعب الأولمبي.
وقد قام بذلك شاب مختل من أصل إيراني، إذ وجدت الشرطة مواد تدريبية للإطلاق العشوائي ضد الناس، بينما اختار يوماً يمثل الذكرى الخامسة لقيام شاب نرويجي بقتل الناس بصورة عشوائية وبشعة.
ما حدث في ميونيخ وصولاً إلى ما يحدث في الشرق الأوسط جميعه يعبّر عن ثقافة واحدة، وهي القتل العشوائي، والتلذذ برؤية الدماء والأشلاء سواء كان هذا القتل على يد إرهابي أو على يد شخص مختل، فكلاهما يحملان طاقةً كبيرةً على القتل والتلذذ بإرهاب الآخرين، دون الاكتراث بنتائج هذا الفعل.
وقد عبّرت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل عن صدمتها إزاء اعتداء ميونيخ، وقالت إن الجريمة أكبر من أن تحتمل، إذ أنها وقعت في وقت الأنباء المفزعة، إذ سبقها قبل أكثر من أسبوع الهجوم الإرهابي في مدينة نيس الفرنسية، وبعدها هجوم مروع بالفأس نفذه شاب أفغاني في قطار بمدينة ألمانية.
هذا كان في أوروبا، وبعدها بيوم واحد، امتدت يد القتل العشوائي إلى أفغانستان، إذ أعلنت السلطات هناك عن مقتل 80 شخصاً وإصابة نحو 200 آخرين إثر تفجير انتحاري وسط مظاهرة طالبت بتوفير خط جديد للكهرباء، لضمان حصول منطقتهم على الإمدادات؛ لكن انتهى بهم المطاف في بحر من الدماء على أيدي الإرهابيين، الذين اندسّوا وسط المتظاهرين، وفجّروا قنابل وقتلوا وأصابوا الكثير من الأفغان.
حركة «طالبان» نفت مسئوليتها عن الهجوم الذي وصفته بـ»المأساوي»، بينما تبنّى تنظيم «داعش» الهجوم، وفق ما نقلته «وكالة أعماق» الذراع الإعلامية لـ»داعش».
المشهد واحد، قتلى وجرحى وضحايا أدوات قتل متنوّعة، لكن الفرق يكمن في المكان بينما الإنسان هو الإنسان، والنفس البشرية هي النفس البشرية، ذات كرامة متساوية مع الجميع، ولا يمكن الاستهانة بالقتل لأي سبب كان وفي أي مكان. فثقافة قتل النفس البشرية تعبّر عن خواء وتوحش وهمجية لا صلة لها بأي دين أو مبدأ سماوي أو أرضي. ومن يقول عكس ذلك فهو لا دين له ولا إنسانية ولا مبدأ، سواء كان مختلاً أم إرهابياً، شرقياً كان أم غربياً.
من قُتل في ميونيخ وباريس وبروكسيل وكابول وحي الكرادة بالعراق جميعهم بشر، وجميعهم قتلوا عبر أدوات القتل العشوائي.
إن الإنسانية ستنتصر على الإرهابيين، وعلى المختلين عقلياً، وعلى المستبدّين، وكل من لا يرى له وجوداً إلا عبر إيذاء الآخرين.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 5076 - السبت 30 يوليو 2016م الموافق 25 شوال 1437هـ
للأسف ضاعت الإنسانية ...وهناك من يشجع القتل وسفك الدماء ويتلذذ برؤيتها. ..والغريب أن البعض يفرح لزيادة عدد القتلى بين البشر ...أصبحوا يقتلون باسم الدين والدين براء منهم. ..قدوتنا النبي المصطفى الذي كان يوصى صحابته وهو في الحرب بالشجر والأطفال والنساء وبعدم التمثيل بالقتلى
اني من يقولون مجزرررة اني ارتجف