هزت سلسلة من الحوادث العنيفة في ألمانيا ،على مدار الايام العشرة الماضية ، البلاد بشدة، وسط مؤشرات على أن الهجمات الإرهابية التي يخطط لها تنظيم (داعش) ، في جميع أنحاء العالم ، قد وصلت إلى البلاد.
وقال مسئولون، يوم الإثنين الماضي ،إن طالب اللجوء السوري البالغ من العمر 27 عاما الذي فجر نفسه وجرح 15 شخصا خلال حفل موسيقي في الهواء الطلق في بلدة أنسباخ بولاية بافاريا، يوم الأحد الماضي، تعهد بارتكاب هجوم إرهابي في ألمانيا، وأقسم على الولاء لزعيم تنظيم "داعش"، أبو بكر البغدادي.
وقال وزير الداخلية البافاري يواخيم هيرمان "علينا أن نرى أنه بالإضافة إلى أن العديد من اللاجئين والأشخاص يأتون إلى بلادنا لأنهم يواجهون مصائر مروعة، فأن هناك أولئك الذين يشكلون خطرا حقيقيا على أمن الناس في بلادنا".
وجاء هذا التفجير الانتحاري الذي يعد الأول من نوعه على الأراضي الألمانية، بعد أقل من أسبوع على هجوم بفأس وسكين على ركاب قطار إقليمي قرب بلدة فورتسبورج بولاية بافاريا نفذه لاجئ أفغاني يبلغ من العمر 17 عاما، قالت الشرطة إن دعاية تنظيم "داعش" هي التي دفعته للاقدام على هذا العمل.
واكدت سلسلة الاعتداءات المروعة أيضا على المخاطر السياسية الهائلة التي تواجها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بعد أن فتحت حدود ألمانيا في أيلول/سبتمبر الماضي للسماح بتدفق أعداد كبيرة من اللاجئين الفارين من الحروب في إفريقيا والشرق الأوسط.
واعتقلت الشرطة يوم الأحد الماضي أيضا لاجئا أفغانيا يبلغ من العمر 16 عاما، قالت إنه ربما يكون قد تصرف كشريك في حادث إطلاق النار يوم الجمعة في ميونيخ عندما فتح ألماني من أصل إيراني يبلغ من العمر 18 عاما النار في أحد مطاعم ماكدونالدز ومركز للتسوق ليقتل 10 أشخاص هو من بينهم.
وتعتقد الشرطة أن هذا الحادث كان مستوحى من عمليات إطلاق النار جماعية أخرى، وليس من الإسلام المتشدد.
وتقول أيضا إن الهجوم الذي نفذه بسكين في بافاريا، يوم الأحد الماضي ، طالب لجوء سوري آخر يبلغ من العمر 21 عاما، وقتلت خلاله امرأة وأصيب خمسة أشخاص، كان بدوافع شخصية وليس بسبب قضايا دينية أو سياسية.
لكن، حادث إطلاق النار في ميونيخ جنبا إلى جنب مع غيره من الهجمات ادى الى تفاقم المناخ المتوتر بالأساس في ألمانيا في أعقاب سلسلة من الهجمات الإرهابية في فرنسا وبلجيكا وتركيا.
وكان هناك شعور في ألمانيا بأن البلاد محظوظة للغاية لتجنبها الهجمات الإرهابية من النوع الذي ضرب شركاءها الأوروبيين.
وهذا على الرغم من انضمام برلين إلى المعركة العسكرية الدولية ضد تنظيم الدولة الإسلامية الغاشم.
ولكن يوم الاثنين الماضي ، قال مكتب الشرطة الجنائية الاتحادي (بي كيه ايه) قال إن السلطات الألمانية تحقق مع 60 من طالبي اللجوء في البلاد للاشتباه في انتمائهم لمنظمات إرهابية، من بينها تنظيم "داعش"، أو دعمهم لها.
وقال وزير الداخلية الألماني ،توماس دي ميزير، إن الأجهزة الأمنية ستفعل كل شيء لضمان عدم تكرار أعمال العنف الفظيعة كالتي حدثت في الأيام الأخيرة. لكنه قال: "ضمان هذا بشكل مطلق أمر غير ممكن".
ويبدو أن أزمة اللاجئين ،التي ظهرت منذ ثمانية أشهر ،وصلت ذروتها في ليلة رأس السنة الميلادية في مدينة كولونيا غرب ألمانيا، وسط مزاعم بأن مجموعات من الأجانب مسؤولة عن الاعتداءات الجنسية وعمليات السطو التي تعرضت لها نساء تجمعن للاحتفال بمناسبة بدء عام .2016
وفي الآونة الأخيرة، بدا وكأن أزمة اللاجئين قد اختفت إلى حد كبير من عناوين وسائل الإعلام، مع اعتقاد برلين بأنها انتقلت إلى مرحلة جديدة من دمج نحو المليون لاجئ الذين وصلوا إلى البلاد في العام الماضي.
ومع ذلك، دعا هيرمان يوم الإثنين الماضي لمزيد من التغييرات في إجراءات اللجوء لضمان أن أولئك الذين يطلب منهم المغادرة يغادرون فعلا، مضيفا أن قدرة ألمانيا على الدمج ليست بلا حدود.
وتم رفض طلب لجوء الانتحاري البالغ من العمر 27 عاما الذي نفذ حادث أنسباخ، وطلب منه مغادرة ألمانيا.
وأظهر استطلاع للرأي، أجري بعد هجوم الفأس والسكين يوم الإثنين الماضي على متن قطار إقليمي في بافاريا، ارتفاعا حادا في مخاوف الألمان من كون بلادهم هدفا للهجمات الإرهابية.
ووجد الاستطلاع الذي نشره التلفزيون الرسمي "زد دي إف" أن 77 في المئة من الألمان يعتقدون أن بلادهم تواجه خطر الهجمات الإرهابية. وقبل أسبوعين، كان هذا الرقم لا يتجاوز 69 في المئة.
وتحرك حزب البديل من أجل ألمانيا (ايه إف دي) اليميني القومي الجديد بالفعل لاستثمار حالة عدم الارتياح في أنحاء من البلاد بشأن هذه الأعداد الكبيرة من اللاجئين، عبر إلقاء اللوم عن الهجمات الأخيرة على ميركل وموقفها الليبرالي من اللاجئين.
وفي بيان صدر يوم الإثنين الماضي، قال حزب البديل من أجل ألمانيا إن اللاجئين الذين يدخلون إلى ألمانيا يشكلون نواة لـ"صراع محتمل في مجتمعنا بسبب خلفياتهم الثقافية"، مشيرا إلى أنه لا يمكن استبعاد وجود إرهابيين بين المهاجرين الذين تدفقوا على المانيا.
ووفقا للدستور الألماني ، يتعين على البلاد أن توفر ملجأ لأي هارب من الحرب والاضطهاد.