لقد أثبتت المرأة البحرينية منذ أكثر من 90 عاماً أنها واعية وقادرة على النهوض بوطنها في الكثير من المجالات العلمية والتقنية والتكنولوجية، وأثبتت بكل جدارة أنها لا تقل في كفاءتها وخبرتها وجدارتها وتفوقها وتميزها ووعيها عن الرجل، فهي علامة بارزة ومضيئة في مختلف المجالات، التربوية والتعليمية والطبية والتمريضية والهندسية والقانونية والإدارية والتجارية والتقنية والتكنولوجية والفنية وفي الأعمال التطوعية الخيرية والإنسانية، لا أحد يستطيع تجاهلها أو التغافل عنها، لا ريب إذا ما أعطيت الفرصة كاملة، بإمكانها تحقيق إنجازات كبرى في كل المجالات، فلوحات الشرف في الثانوية العامة والجامعات الرسمية والخاصة والنجاحات التي تحققها في مختلف المجالات خير دليل على كل ما قيل عنها.
فالمرأة التي كرمها وقدرها الإسلام وأعطاها المكانة الراقية التي تستحقها، وجعل لرأيها قيمة كبيرة، وجعلها وحدها التي تقرر في اختيار شريك حياتها، وبناء مستقبلها الأسري، لا أحد شرعاً يستطيع أن يفرض عليها زوجاً لا ترغب الارتباط به، فلو قالت لا في حال عقد الزواج لم يجر العقد ويتوقف كل شيء، وفوق هذا وذاك يؤخذ بكل شروطها العقلانية، فالكلمة الأولى والأخيرة في هذا الشأن المهم، جعلها الإسلام لها وليس لغيرها، فكثير من عقود الزواج لم تتم، وألغيت كل مراسيمه الشرعية والاجتماعية، بسبب عدم قبول المرأة بالرجل المتقدم لخطبتها، وقس على هذا الأمر المهم أموراً أخرى في حياتها الخاصة والعامة، فمن حقها اختيار التخصص الدراسي الذي تميل إليه وترغب في دراسته، وليس لأحد إجبارها على الدخول في مجال دراسي لا تميل إليه.
فهذه القيمة العالية للمرأة لم تجدها إلا في الدين الإسلامي، فقد نعتها بالرحمة منذ ولادتها، وجعل رعايتها النفسية والمعنوية والمادية، وحفظ حقوقها وكرامتها وعزتها، وعدم خدش مشاعرها الإنسانية سبباً رئيسياً في كسب الأجر والثواب الجزيل من الله جل جلاله، فلهذا أوصى رسول الله (ص) الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، الآباء بتقديم البنت على الولد دائماً في العطاء والهدايا والكسوة والمأكل والمشرب، وأن يقوموا بتحصينها عاطفياً، وإشباعها بالحب والحنان، لكي لا يفسح للمتصيدين أي مجال لاستغلال الفراغ العاطفي الذي حرمت منه، بعيداً عن الدائرة المشروعة، وقال إن الأم والزوجة والبنت والأخت إذا ما حصلن على جميع حقوقهن النفسية والمعنوية والمادية والإنسانية، فإنهن ستكونن سبيلاً مهماً في إصلاح المجتمع، فإهمالهن والاعتداء عليهن وانتهاك حقوقهن وجعلها صفراً على الشمال كما يقولون، يؤدي إلى تدمير المجتمع أخلاقياً وسلوكياً وإنسانياً واجتماعياً.
لا يمكن للرجل أن يقوم بمسئوليته في كل المجالات الحياتية وغيرها من المجالات من غير مؤازرة المرأة له، وهذه حقيقة لا يمكن لأحد من الرجال إنكارها أو تناسيها، كيف لا وهي تمثل أكثر من نصف المجتمع، لقد جعل الله تعالى تربية الأبناء وتحمل مسئولية الحياة وتصريف شئونها، ورعاية مصالح الناس على عاتق الرجل والمرأة معاً، والواقع يؤكد بقوة ما ذهب إليه الدين الإسلامي، فالرجل الذي رحلت عنه زوجاته إلى الرفيق الأعلى يشعر بالوحدة القاتلة، وأنه لا قيمة له بعد رحيلها عنه، كيف لا وهي التي شاركته في أفراحه وأتراحه، وكانت السند القوي له في كل الأحوال والظروف، قال الله تعالى «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم» (التوبة : 71)، ولم يفرق الله جلت عظمته بين الرجل والمرأة في عمل الصالحات، قال الله تعالى: «ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيراً» (النساء: 124)، فرسول الله (ص) أعطى درساً بليغاً في تقدير المرأة، عندما أخذ برأي أم المؤمنين (أم سلمة) رضي الله عنها في يوم صلح الحديبية، عندما رأى (ص) فيه بالحكمة والواقعية، وقد أعطى (ص) المرأة (الأم) قيمة إيمانية كبرى، وقد أمر الله تعالى بالسمع والطاعة للأم، وأقرن طاعته بطاعة الوالدين، وجعل برهما ورعايتهما والإحسان لهما من أفضل الطاعات، ولم يستثنِ الإسلام «المرأة الواعية» في وضع الخطط الاستراتيجية التي تحقق مصالح البلاد والعباد، فالمرأة بكل مراحلها ومسمياتها هي مقدرة ومحترمة، إسلامياً وأخلاقياً وإنسانياً واجتماعياً.
والمجتمعات التي لا تقدر المرأة ولا تعطيها حقوقها كاملة، ينظر إليها بأنها مخالفة لكل النواميس الأخلاقية والإنسانية والإسلامية، وأنها قد حكمت على نفسها بالتخلف في الجوانب الحقوقية والقانونية والأخلاقية والإنسانية، فلهذا نجد المجتمعات التي تعطي الجزء اليسير من حقوقها، تتفاخر في المحافل الإنسانية والحقوقية بهذا العطاء القليل، وتعتبر ما فعلته كبيراً في حق المرأة، وما تدري أنها مقصرة في حقها بحسب الشريعة الإسلامية والقوانين الدولية، نأمل للمرأة البحرينية التي أثبتت بوجودها الفاعل في كل الاتجاهات أن تحقق كل طموحاتها وأمنياتها وآمالها التطويرية والتنموية التي هي طموحات وأمنيات وآمال الوطن.
إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"العدد 5073 - الأربعاء 27 يوليو 2016م الموافق 22 شوال 1437هـ