ليس من السهل الافلات من بين كماشتيه، وليس صعباً التغلب عليه أيضاً. قوة تمسكه كبيرة في من يحل بهم لكن الناجون منه كُثر. فانتشاره واسع على مستوى الأفراد في الجسم أيضاً، والمشكلة تكمن في تكاثره الفوضوي.
فخلايا الجسم تنقسم وتتكاثر بنظام أودعه الله في أجسامنا ومن يتجاوز الرتابة تخرجه الأنظمة الدفاعية من المنظومة، وقد لا تنجح في ذلك وتوكل المهمة للطب مع التسلح بالإيمان بالله للتشافي من أمراض السرطان المختلفة. كانت هذه رسالة السيد محمد المشعل أحد الناجين من سرطان الدم لقراء «الوسط الطبي».
وقبل أن يروي المشعل معركته مع السرطان استهل حديثه بالمأثور «من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق». وقال: «أود تقديم عظيم شكري وامتناني للأطباء وفرقهم الذين أشرفوا على علاجي وتمكنوا بفضل من الله في وصولي للشفاء من هذا المرض. ومن الوفاء الاعتراف بفضلهم في مساعدتي».
الرحلة القاسية
وبيَّن المشعل أن رحلة علاجه كانت قاسية تسلح فيها بالإيمان بالله والتوكل عليه والصبر «لم أخاف من الموت فقد كان إيماني بالله كبيراً، لكن تعبت كثيراً على المستوى الجسدي ولم تضعف إرادتي».
وحول بداية اكتشافه المرض، أوضح: «بدأ كل شيء بسرعة، ففي العام الماضي وتحديداً في عيد الفطر المبارك شعرت بتعب شديد وآلالام في الظهر أصبح المشي عليّ صعباً، وراجعت المركز الصحي لطلب العلاج». وأستأنف: «استمرت الآلام وتعددت تشخيصات الأهل والأصدقاء فمنهم من يقول أني مصاب بالقولونج، وآخرون قالوا أني محتاج لقرطعة الظهر وغيرها من النصائح. وفي قرارة نفسي كنت أخطط لمراجعة عيادة الدكتور ياسر السواد المختص بالعظام، وكنت انتظر عودته من الإجازة».
بدأت رحلة علاج المشعل في أغسطس الماضي بعد أول زيارة له لـ د. ياسر السواد الذي طلب إجراء بعض الفحصوات الإضافية للتأكد من الحالة التي شخصها بأنها سرطان الدم، وانتظر لتؤكد الفحوص شكوكه. وقال: «ما إن ظهرت النتائج حتى سارع د. السواد بتحويلي إلى مستشفى السلمانية، وهناك أبلغوني باصابتي بالمرض. وتقرر إجراء عملية لإستئصال الورم أشرف عليها عدة أطباء منهم د. ياسر السواد، ود. عبد الله العجمي، ود. شبر، ود. ناريمانا، ود. خالد».
تعبت ولم أنكسر
العملية الجراحية لم تكن نهاية المطاف فتبعها علاج نووي كان شديداً على المشعل فقد خسر حوالي 20 كيلو جراماً من وزنه خلال 28 جلسة. وأوضح: «وثقت بالله وتوكلت عليه، ولم أخشَ أي شيء فقد رضيت بقضاء الله وقدره، ولكني تعبت جداً لدرجة أني لم أستطع الأكل مما أدى لانخفاض وزني بشكل كبير». وتابع: «بعد انتهاء الجلسات تحسنتُ كثيراً لدرجة أني استطعت ارجاع وزني المناسب خلال شهر تقريباً».
وفي سنغافورة أخذ مرحلة أخرى من العلاج فتم زراعة نخاع له، وتماثل للشفاء في هذه المرحلة خلال 5 أسابيع وكان من المقرر أن تتم في 6 أسابيع لكن الطبيب المعالج هناك قال أن النفسية والروحية العالية للمشعل ساعدت في استجابته للعلاج كثيراً.
شكر المخلوق
الفرحة بنعمة الصحة كانت كبيرة، وروحه الطيبة دفعته لتقديم شكره لمعالجيه من أطباء وطواقهم الطبية في عدة صور أقلها الثناء باللسان، وأبرزها تكريمهم في الجناح 52 الذي تلقى العلاج فيه، ودعوة على شرفهم في بيته ليظهر لهم عظيم امتنانه لما أسدوه له من خدمة جليلة أنقذته من براثن المرض.
وقال: «أحمد الله فقد لبت الفرق الطبية التي عالجتني دعوتي التي كرمتهم فيها لجهودهم. وأجدد شكري لهم جميعاً وللعاملين من ممرضين وفنيين في جناح 52، وقسم الأورام وأمراض الدم - ولي معهم وقفة شكر خاصة - من خلال هذا المنبر الإعلامي». وأضاف: «أود الإشارة هنا إلى أن تركيز كبير على الأخطاء الطبية وتقريع للعاملين الصحيين يؤلمني، فإلى جانب حالات الأخطاء هناك قوائم تطول من النجاحات للأطباء وقلما نجد وقفة شكر لهم على الأرواح الكثيرة التي ينقذونها يومياً، وتحسين جودة الحياة للمئات من الناس».
وختم السيد المشعل بضرورة وضع برامج ذاتية للفحوص الدورية لأنها أولى خطوات الوقاية من الأمراض. وقال: «نخصص الكثير من الأموال على أمور عدة ونهمل صحتنا للأسف. تغلبت بفضل الله وجهود الأطباء وطواقمهم على المرض والآن أتابع علاجي وأنصح الجميع بالخضوع لبرامج الفحوص الدورية المختلفة».
العدد 5072 - الثلثاء 26 يوليو 2016م الموافق 21 شوال 1437هـ