تشير معظم الدراسات إلى الإقبال المتزايد على طلب العلاج بالأعشاب الطبية في كل العالم اعتقاداً بأن «الطبيعي مأمون» و ليس له أعراض جانبية، وهو ما نراه من رغبة المرضى وذويهم من محاولة لاستبدال الأدوية «الكيميائية» بأخرى «طبيعية» تجنباً للأعراض الجانبية للأولى، وهو ما يقترن عادة بحرمان المريض من علاج أكثر كفاءة، دون أن يتحقق له وهم الأعراض الجانبية الأقل.
والغريب هو أن هذه الخرافة لم يقل بها أي من الأطباء منذ جالينوس إلى آلالاف الأبحاث المحكمة حديثاً مروراً بأطباء الحضارة الاسلامية مثل الرازي وابن سينا حيث ذُكرت الكثير من مضار «الأعشاب الطبية» بل صُرح بأن منها السموم القاتلة، ولهذا كانت الدقة في استخراج مقدار «الجرعة» العلاجية والحد الأقصى من «الجرعة»، إضافة لاستخراج «الجرعة» القاتلة.
لعل مما يؤدي إلى انتشار هذه العقائد الجهل بالأعراض الجانبية للأدوية - الكيميائي منها والطبيعي- وكيفية حدوثها، و من هذه الأضرار المحتملة:
1) التداخل الدوائي مع أدوية طبيعية أو كيميائية أخرى:
من المعروف أن أثر بعض الأدوية يتزايد، يقل أو يتغير إن استخدم بالترامن مع دواء آخر. يسبب التداخل الدوائي هذا الكثير من الأعراض التي قد تصل للوفاة كما قد يحدث عند استخدام الفياجرا (Sildenafil) مع النيتروجليسرين (Nitroglycerin) لأنهما يسببان معاً هبوطاً شديداً لضغط الدم. الأعشاب الطبية يمكن لها أن تتداخل مع دواء حديث كما يؤثر الزنجبيل في زيادة أثر الأدوية المانعة للتخثر، أو كما يبطل سنبل الطيب المستخدم كمهدئ و منوم أثر بعض الأدوية المضادة للسرطان. إذن من الضروري أن يكون طبيبك على علم بما تستخدم بالتزامن مع الأدوية التي يصفها لك، كما أن من الضروري أن تعتاد زيارة المواقع الموثوقة بفحص التداخل الدوائي -الذي يشيع فيه الخطأ الطبي-.
لم يغفل الأطباء القدامى عن هذا الموضوع بل ألفوا فيه كتباً كاملة مثل كتاب «أصول تركيب الأدوية» لنجيب الدين محمد بن علي السمرقندي.
يتبع
العدد 5072 - الثلثاء 26 يوليو 2016م الموافق 21 شوال 1437هـ