ثمنت الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية التوجيهات الكريمة لرئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، بتشديد الرقابة والإجراءات التي تحول دون وقوع الأخطاء الطبية وتحديد الخطأ - إن وقع - والمتسبب فيه ومحاسبته وفق الأنظمة واللوائح المعمول بها وتعزيز آليات تسجيل الأخطاء الطبية ومعالجتها في أية مؤسسة طبية عامة أو خاصة وذلك حرصاً من سموه على الارتقاء بجودة الخدمات الصحية وجعل سلامة المرضى على رأس الأولويات.
جاء ذلك خلال الاجتماع العاجل الذي عقدته الرئيس التنفيذي للهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية مريم الجلاهمة، صباح أمس الثلثاء (26 يوليو/ تموز 2016)، في مقر الهيئة مع رؤساء الأقسام المعنيين في الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية لتنفيذ توجيهات سمو رئيس الوزراء، مؤكدة أن الهيئة وضعت لها هدفاً استراتيجياً مهماً لحفظ حقوق المرضى وصونها وضمان وجود مؤسسات صحية منظمة وملتزمة وذات جودة.
وأكدت الرئيس التنفيذي للهيئة أنها وبمتابعة من رئيس المجلس الأعلى للصحة الفريق طبيب الشيخ محمد بن عبدالله آل خليفة، اتخذت الهيئة الإجراءات اللازمة للتنفيذ الفوري لتوجيهات صاحب السمو رئيس الوزراء، والتي تنم عن حرص سموه واهتمامه بصحة المرضى وسلامتهم على تقديم أفضل سبل الرعاية الصحية لهم، ومتابعته الحثيثة وتوجيهاته للارتقاء بالخدمات الصحية المقدمة للمرضى وجعل سلامة المرضى على رأس الأولويات.
وأكدت الجلاهمة أنّ الغرض الرئيسي من صدور قانون رقم 38 لسنة 2009 بإنشاء الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية جاء في الأساس ليحدد جهة مستقلة محايدة معنية بتنظيم المهن الصحية والرقابة على الخدمات الصحية بكل حيادية حيث نصت المادة مادة (2) على أن «تُنشأ هيئة عامة تسمى «الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية» وتكون لها الشخصية الاعتبارية، وتتمتع بالاستقلال المالي والإداري،» كما نصت المادة (3) على أن «تهدف الهيئة إلى مراقبة تطبيق نظم المهن والخدمات الصحية بمملكة البحرين واقتراح تطويرها، بما يضمن الكفاءة العالية والسلامة والسرعة اللازمة والفاعلية في تقديم هذه الخدمات سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص، وفقاً لأفضل الأسس العلمية ومعايير الممارسة الصحية المعتمدة في مملكة البحرين وفقاً لهذا القانون».
وعليه حددت هذه المواد استقلالية الهيئة ومهمتها، وجاء المرسوم بقانون رقم 32 لسنة 2015 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 38 لسنة 2009 ليحدد المجلس الأعلى للصحة ليكون هو مجلس إدارة الهيئة والمشرف عليها اعتباره جهة مستقلة ويؤكد في ذلك استقلالية الهيئة. حيث نصت المادة الأولى على أن «يباشر المجلس الأعلى للصحة المُنشأ بالمرسوم رقم (5) لسنة 2013 اختصاصات مجلس إدارة الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية المنصوص عليها في القانون رقم (38) لسنة 2009 بإنشاء الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية إلى جانب اختصاصاته المنصوص عليها في مرسوم إنشائه».
وبشأن التحقيق في الشكاوى ومساءلة المرخص لهم تأديبياً، حددت المادة 4 من القانون البندين 9 و10 اختصاصات الهيئة في ذلك كما يلي: دراسة شكاوى المرضى ومتابعة ما يتم بشأنها ومساءلة المرخص لهم تأديبياً عما يقع منهم من أخطاء مهنية ومخالفات لأحكام قانون مزاولة المهنة أو لأصول ومقتضيات وآداب المهنة.
وتنفيذاً لهذين البندين صدر قرار رقم (10) لسنة 2015 من رئيس المجلس الأعلى للصحة بإصدار لائحة تنظيم اللجان التأديبية لمزاولي المهن الصحية حيث حددت اللائحة إنشاء أربع لجان تأديبية واختصاصات هذه اللجان والعقوبات التأديبية الواجب اتخاذها.
وعلى ضوء هذا القرار، صدرت أربعة قرارات من الرئيس التنفيذي بتشكيل اللجان التأديبية للمرخص لهم بمزاولة مهن الطب البشري وطب الأسنان والمرخص لهم بمزاولة مهنة التمريض والقبالة والتوليد والمرخص لهم بمزاولة أحد مهن الصيدلة والمرخص لهم بمزاولة المهن المعاونة. وذلك لضمان أن يكون التحقيق فنياً ويشتمل على المتخصصين بكل مهنة من المهن المرخص لهم. وتضم اللجان في عضويتها ممثلين عن الجهات الحكومية والخاصة والجمعيات المهنية ذات العلاقة، مثل جمعية الأطباء وجمعية الصيادلة وجمعية العلاج الطبيعي.
كما نص القانون رقم (21) لسنة 2015 بشأن المؤسسات الصحية الخاصة على إنشاء لجنة المساءلة والمعنية بمساءلة المستشفيات والمراكز الطبية وكل المؤسسات الصحية برئاسة قاضٍ وعضوية ممثل عن الهيئة وممثل عن جمعية الأطباء البحرينية، وتكون مختصة باتخاذ الإجراءات التأديبية ضد المؤسسات الصحية الخاصة المخالفة، وفي حالة ثبوت المخالفة تصدر أمراً للمخالف بالتوقف عن المخالفة وإزالة أسبابها أو آثارها فوراً أو خلال فترة زمنية تحددها اللجنة، وفي حالة عدم الاستجابة قرر القانون للجنة اتخاذ إجراءات وتدابير ضد المؤسسة المخالفة تبدأ بفرض غرامات تهديدية وإيقاف الترخيص وتنتهي بسحب الترخيص.
وعن إجراءات التحقيق المتبعة، أوضحت الجلاهمة أنّ الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية تتلقى الشكاوى أما مباشرة من خلال المريض أو ذويه أو تبلغ من قبل المستشفيات والمراكز الطبية بحالات الأخطاء الطبية أو تتلقى تحويلاً لقضايا من خلال النيابة والمحاكم وفي كل الحالات تحوّل الشكاوى للجان التأديبية المختصة للنظر فيها وتقرير وقوع الخطأ الطبي من عدمه.
وتشمل الشكاوى التي تمت متابعتها، شكاوى متعلقة بالأخطاء الطبية الخاصة بمخالفة أصول مزاولة المهن الصحية للأطباء والممرضين والمهن الصحية المعاونة مثال الخطأ في التشخيص أو العلاج المقدم أو المضاعفات الناتجة عن العلاج. كما تشمل الشكاوى المقدمة ضد المؤسسات الصحية نفسها.
وشددت الجلاهمة على تعزيز دور وحدة الشكاوى بالهيئة لكونها الجهة المختصة بتلقي الشكاوى، حيث تقوم بمخاطبة الجهة المعنية بالشكوى سواء في القطاع الخاص أم العام وتطلب كل الوثائق والملفات والتقارير الطبية ذات العلاقة بالشكوى. كما تطلب من مفتشي الهيئة الذين يحملون صفة الضبطية القضائية في حال دعت الحاجة إلى زيارة المؤسسة والتفتيش عليها والاطلاع على الملفات الطبية وعمل محاضر التفتيش والضبط القضائي وإحالتها للرئيس التنفيذي لاتخاذ الإجراء بشأنها. والذي يقوم بدوره بإصدار قرار إحالة إلى اللجان التأديبية للبدء في إجراءات التحقيق مع المرخص لهم والمتهمين بحدوث الخطأ الطبي.
وبينت الجلاهمة أن اللجان التأديبية تعتبر اللجان الفنية الوحيدة المخولة بالقانون لإصدار قرارها بتقرير وجود خطأ طبي من عدمه من دون تدخل أية جهة خارجية. وذلك استناداً للمرسوم بقانون رقم (7) لسنة 1989 بشأن مزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان في المادة (27) والتي نصت على ألا يكون الطبيب مسئولاً عن الحـالة التي وصل إليها المريض، إذا تبين أنه بذل العناية اللازمة، ولجأ إلى جميع الوسائل التي يستطيعها من كان في مثل ظروفه لتشخيص المرض وعلاج المريض، ولكنه يكون مسئولاً في الأحوال التالية: إذا ارتكب خطأ أدى إلى الأضرار بالمريض نتيجة الجهل بأمور فنية أو عملية يفترض في كل طبيب الإلمام بها، إذا لحق ضرر بالمريض نتيجة لإهمال الطبيب أو تقصيره في العناية به، إذا أجرى على مرضاه تجارب أو أبحاثاً علمية غير معتمدة من قبل وزارة الصحة، وترتب على ذلك الإضرار بهم.
وأتاح المرسوم بقانون للجان التأديبية الحق في استدعاء المخالفين والتحقيق معهم وإعطاءهم الفرصة لتقديم مذكرة دفاعية عنهم. وإذا ثبت وجود خطأ طبي يشكل جريمة بحكم القانون فيحال المخالفةن مباشرة إلى النيابة العامة أما إذا تبين من خلال التحقيق وجود إهمال يتطلب إجراءً تأديبياً فتحدد اللجان نوع العقوبة التأديبية والذي يكون كالتالي بحسب نوعية ودرجة المخالفة: الإنذار، الإيقاف عن العمل لمدة لا تتجاوز السنة، إلغاء الترخيص بمزاولة المهن وشطب اسم المزاول من سجلات الهيئة، وتعتمد هذه العقوبات فقط بعد عرضها على المجلس الأعلى للصحة والذي يناقشها باستفاضة وله في ذلك إرجاع القرار للجان التأديبية لإعادة التحقيق في حال ارتأى عدم تناسب العقوبة مع المخالفة.
وأكدت الجلاهمة أن الإجراءات القانونية التي تتبعها الهيئة بكل شفافية ودقة ونزاهة وحيادية، وأنّ القوانين والقرارات والإجراءات الصادرة بهذا الشأن كفيلة بضمان حقوق المرضى. وللمرضى الحق في اللجوء للقضاء في حال عدم قبولهم لنتائج التحقيق المعتمد.
وكشفت الرئيس التنفيذي أنّ الهيئة ومنذ 2010 انتهت من التحقيق في 404 شكوى ثبت منها 77 فقط وجود ممارسة مخالفة وحولت للجان التأديبية المختلفة والتي انتهت إلى إثبات وجود خطأ أو تقصير في (17) حالة فقط شكلت جريمة يعاقب عليها القانون شملت خطأ طبياً أو مزاولة مهنة من دون ترخيص أو بيع أدوية بسعر أكثر من المحدد للدواء وتم تحويلها للنيابة العامة والعقوبة في هذه الحالة تقررها الجهة القضائية المختصة.
أما بالنسبة الشكاوى المحولة للجان التأديبية فقد تم إصدار (35) قراراً تأديبياً لمن ثبت بحقهم وجود تقصير في الأداء حتى الآن من مختلف المهن الصحية.
كما تم خلال الاجتماع مناقشة تحديث سياسة التبليغ عن الوفيات والحوادث الخطرة التي تحصل في المؤسسات الصحية الخاصة والحكومية ووضع آلية للتبليغ عنها خلال مدة 24 ساعة من حدوثها، لاتخاذ الهيئة شئونها وإجراءاتها بجمع المعلومات والتحقيق والإحالة للمساءلة التأديبية للمخالف سواء كان المرخص له في حالة الخطأ الشخصي عن طريق اللجان التأديبية أو المؤسسة في حالة الخطأ المرفقي عن طريق لجنة المساءلة بالهيئة، وتسعى الهيئة دائماً لتطوير تلك السياسات وتفعيلها مع الجهات المعنية بغية الحد من الأخطاء الطبية وذلك بالقيام بالتفتيش الدوري وغير المنتظم لهذه المؤسسات وإعداد التقارير متضمنة التوصيات اللازمة لرفع مستوى كفاءة الخدمات الصحية ولضمان تقديمها بجودة عالية، كما أن الهيئة تقوم بمتابعة تلك التوصيات وتنفيذها من قبل الجهات المعنية وتقديم كل المشورة والدراسات اللازمة لمساعدة المؤسسات الصحية في النهوض بمستوى أدائها المهني والطبي، هذا وتسعى الهيئة باستمرار لتطوير عملها بما يضمن لها القيام بأعبائها وواجباتها نحو تقديم الدعم والعون للقطاع الطبي بالمملكة على النحو الذي يضمن الارتقاء بمستوى ذلك القطاع ليصل به إلى تطبيق المعايير العالمية سواء في الأداء الطبي أو في معالجة الأخطاء الطبية والعمل على الحد منها مستقبلاً.
كما تؤكد على قيام الهيئة بواجبها نحو المسئولية الطبية والأخطاء الطبية بمنتهى الشفافية والوضوح والانضباط القانوني بما يضمن لجميع الأطراف كل الحقوق سواء المرضى وذويهم من تقرير للخطأ ومحاسبة المخطئ أو المخالف من تقرير حق الدفاع له وضمان الحيدة الكاملة والاستقلال للتحقيقات وكل إجراءات المساءلة بغية الوصول للحقيقة من دون تشهير أو تعريض سمعة الأشخاص أو المؤسسات للتشهير قبل المحاسبة والتقرير.
كما تثمن الهيئة دور النيابة العامة والجهات القضائية في حسن تعاونهم معها بالنسبة للحالات التي تحال للنيابة العامة من الهيئة أو للحالات التي تحال من النيابة للهيئة والتي بفضل تلك الجهود المشتركة يتم اتخاذ الإجراءات بشأن التحقيقات وجمع المعلومات وغلق المؤسسات المخالفة وتفتيش الأماكن في أي وقت والانتهاء منها في أوقات قياسية.
وحول الإجراءات التي ستتخذها الهيئة لمنع وقوع الأخطاء الطبية، أشارت الجلاهمة إلى أن الهيئة تعمل حالياً لوضع برنامج اعتماد ساعات التعليم المهني المستمر وربطه بتجديد التراخيص الطبية بما يلزم الأطباء بما لا يقل عن 40 ساعة تدريب في السنة و30 ساعة للممرضين و20 ساعة للمهن الطبية المعاونة. حيث يضمن هذا البرنامج انخراط العاملين الصحيين إجبارياً في برامج التدريب المستمر لضمان تجديد معلوماتهم ومهاراتهم وإطلاعهم على المستجدات في التطورات العلمية والصحية.
كما قامت الهيئة، وضمن مذكرة التعاون مع المركز السعودي لاعتماد المنشآت الصحية، بوضع آلية لتنفيذ نظام الاعتماد الوطني للمؤسسات الصحية والذي على ضوئه سيتم تصنيف هذه المؤسسات بناءً على مؤشرات عالمية للجودة من أجل خلق ثقافة الجودة وتنافسية في الأداء وليكون المواطن والمقيم مطلعاً على المستويات الصحية فلهذه المؤسسات في مملكة البحرين.
وتعقيباً على حالات الأخطاء الطبية التي تم تداولها في وسائل الإعلام مؤخراً، تؤكد الهيئة أن إجراءات التحقيق فيها بدأت لتقرير وقوع الخطأ الطبي من عدمه وإحالة المتسببين فيه إن ثبت إلى النيابة، علماً بأن الهيئة تبدأ التحقيق فيما ينشر أو بمجرد علمها من وجود خطأ طبي حتى وإن لم تصل لها شكوى رسمية بذلك.
العدد 5072 - الثلثاء 26 يوليو 2016م الموافق 21 شوال 1437هـ