يفرض الاحتلال الإسرائيلي حصارًا ثقافيًّا على قطاع غزة منذ سنوات طويلة، يمنع دخول أو خروج أي شكل من أشكال الثقافة والفن، حتى طالت منع الكتب والآلات الموسيقية. ورغم التقدم البطيء الذي تبديه فئة الشباب في القطاع، إلا أن إصرارهم على نشر رسالتهم التي يحملونها، سواء كانت بالموسيقى أو الرسم أو الفن، يوصلهم حيث أرادوا.
واستغرق الأمر وقتًا طويلًا لفرقة “وتر باند” الموسيقية من الصبر والمثابرة، حتى أصبحت معروفة على مستوى عالمي، بحسب تقرير ذكرته شبكة "البديل" المصرية اليوم الثلثاء (26 يوليو / تموز 2016).
وتمزج فرقة “وتر باند” بين موسيقى الروك والبوب بأسلوب فني وطني ومقاوم وبلغات متعددة؛ لتوصل للعالم رسالة مفادها أن الفلسطينيين قادرون على صناعة فن وموسيقى مشبعة بالحياة وسط ما يشهدونه من خراب ودمار وحصار.
وأنهت الفرقة مؤخرًا جولة في فرنسا، بدعوة من المعهد الفرنسي بالقدس، أحد فروع المركز الفرنسي الثقافي حول العالم، حيث تعد هذه الجولة الثانية خلال أربع سنوات، ينقلون فيها صوت الفلسطيني المحاصر إلى العالم، ويؤكدون أن الشعب الفلسطيني مقاوم لا يقبل بالذل.
وكانت أول الأغاني التي غنتها الفرقة بحسب ملحن الفرقة خميس أبو شعبان، بعد حرب 2008، حيث غنت الفرقة على أنقاض البيوت المدمرة ومؤسسة الهلال الأحمر. وكانوا وقتها أربعة شبان أصدقاء، كونوا هذه الفرقة باعتمادهم على آلاتهم الخاصة وعزفهم، وانضم إليهم فيما بعد عازفون آخرون.
وشاركت الفرقة في أكثر من عشرين احتفالًا محليًّا ودوليًّا، بلغات مختلفة، بعضها في فرنسا وإسبانيا، وحازت إعجاب الجمهور، وكتبت عنها الصحافة الأوروبية والعربية.
حفلات على أنقاض غزة
في حرب 2008-2009، عندما قصف الطيران الصهيوني مبنى الهلال الأحمر، والذي يحوي المركز الموسيقي الوحيد في قطاع غزة، سجلت الفرقة أول أغنية لها على أنقاض المبنى، كإشارة للمحتل بأن ما تحاول طمسه هنا سنبنيه مجددًا.
وفي الحرب الأخيرة عام 2014، سجلت الفرقة “نحن نعلم الحياة سيدي”، أسوة بالناشطة العالمية رفيف زيادة، حيث وجد الشبان وقتًا خلال ساعات التهدئة التي كانت تتخلل الحرب؛ لينشروا الأغنية التي لاقت رواجًا كبيرًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
رحلة طويلة
يقول أحد العازفين في الفرقة إياد أبو ليلى، إن الوصول لفرنسا لم يكن أمرًا سهلًا، حيث مرت الفرقة من خلال معبر إيرز، وكانت الرحلة معقدة للحصول على تصاريح لدخول الأردن، حيث نأخذ رحلتنا لباريس منها، وعند الوصول لباريس، قطعنا طريقنا مباشرة للحفل الذي كانت تنظمه مؤسسة العالم العربي في باريس.
وأضاف أن رد فعل الجمهور كان إيجابيًّا جدًّا، ولم نتوقعه، حيث غنى وتعاطف وصفق لنا، وأظهر مدى تأثره بالقضية الفلسطينية ومن يظهرها بأي شكل من الأشكال، خصوصًا الفن.
وأقامت الفرقة حفلًا ثانيًا، نظمته مجموعات مساندة للفلسطينيين، ضمن حملة مقاطعة الاحتلال الإسرائيلي في مدينة مرسيليا الفرنسية، أمام جمهور وصفه أعضاء الفرقة بالفاعل والنشط مع القضية الفلسطينية.
ورغم تدمير الاحتلال لكل مظاهر الحياة، ومنها الثقافية والفنية، إلا أن الواعين والمثقفين داخل القطاع لا ييأسون ولا يتوقفون عن المقاومة، ولديهم أشكال متعددة لرفض الاحتلال والطمس المتعمد.