لا يصدق المدرس ما يراه في هذه المدرسة الفقيرة الواقعة في حي صفيح في سويتو حيث ينصت التلاميذ البالغ عددهم 64 باهتمام للمعلومات التي يقدمها في ورشة مخصصة للفنان الفرنسي ماتيس بينما يواجه عادة مشكلة انضباط معهم.
في قاعة الصف علقت رسوم تستعيد أعمالا لماتيس إلى جانب قائمة بأحرف العلة وبأسماء الأطفال المكلفين تنظيف المكان.
ويسأل أستاذ الفنون في جامعة جوهانسبرغ فيليم فان رينزبرغ التلاميذ الذين يراوح عمرهم بين 12 و13 عاما "هنري ماتيس عاش في فرنسا. أتعرفون أي تقع فرنسا؟".
ويقول احدهم بصوت خافت "في أوروبا" فيرد الأستاذ "تماما! نستقل الطائرة في جوهانسبورغ ونطير باتجاه الشمال وبعد عشر ساعات نحط في باريس التي هي عاصمة فرنسا".
ويضيف فيليم "ولد ماتيس في العام 1869 وقد أنجز البورتريه الذاتي هذا في العام 1899" مشيرا الى نسخة من الرسم المنجز بالحبر يمثل ماتيس بشعره المبعثر ونظارتيه سائلا "كم كان عمره؟ هل يمكنكم احتساب ذلك" واضعا عملية الطرح على اللوح الأسود. ويرد طفل "ثلاثون عاما".
وتتابع كاثي تشامبان أستاذة الفن التي تستحوذ على انتباه الأطفال بموهبتها في رواية الأحداث "أصيب بالمرض في نهاية حياته ولم يعد قادرا على الرسم فبدأ يقوم بعمليات قص ولصق" وأمسكت عندها بأوراق ملونة وبمقص لإعطاء مثل عن هذا الفن مضيفة بعض الطحالب على طريقة ماتيس على لوحة سوداء.
في ملف الفنون الجميلة الذي وزع عليهم في الصباح وهو بعنوان "لقاء مع السيد ماتيس" يكتشف الأطفال ويعلقون على عمل "الحلزون" وهو رسم حلزوني أنجز بتقنية "الرسم بالمقص".
ويمول ورشة العمل هذه شركاء فرنسيون ومصرف "ستاندارد بنك".
وينبغي الآن على الأطفال أن يتصوروا حيوانا يختارونه. الكثير من الفتيات اخترن الفراشة فيما اعتمد فتى الأفعى وآخر ديناصورا أو زرافة.
"الألوان مصدر سعادة"
ينصح الطالب في معهد الفنون الجميلة مثوكوزيسي شابانغو الذي يساعد مع نحو عشرة من زملائه أطفال المدرسة الابتدائية هذه في مولاتسا في إطار هذه الورشة الاستثنائية "قصوا أجزاء كبيرة من الورق! زودوا هذه الزرافة ببعض الفيتامينات واللحم أيضا! فهي نحيلة جدا!".
هؤلاء الأطفال الذين لم يزوروا أي متحف يوما وكانوا يجهلون وجود ماتيس قبل ساعة من الآن يبتسمون ويشعرون بالحماسة.
وتقول المدرسة هابي ماجولا التي جلست في آخر الصف "الأطفال مختلفون تماما اليوم. فهم مهتمون جدا بما يقومون به وهو أمر أساسي للتعلم. يجب إلا نحد من قدرات هؤلاء الأطفال لان هذه الورشة أظهرت أنهم أذكياء فعلا".
وسبق لمثوكوزيسي أن شارك في حوالي عشر ورش ماتيس في سويتو التي تنظم بمناسبة أول معرض للرسام الفرنسي في إفريقيا يقام في جوهانسبورغ راهنا. وتحت بزة المدرسة الخضراء والذهبية طبعت مقولة "العلم نور".
وقد تحمس بونغويه البالغ 13 عاما مع أصحابه ويقول "أريد أن أصبح عالما... وقد أصبح فنانا أيضا" وهو ينجز قص زرافة ولصقها بتقنية الكولاج.
أما التمرين التالي فهو التلوين بواسطة أقلام قدمت للتلاميذ خصيصا بهذه المناسبة تكريما لماتيس الذي كان معجبا جدا بالثقافة الإفريقية.
وتوضح كاثي تشامبان "غالبا ما تكون الفرصة الوحيدة المتاحة للرسم في هذا المدارس بواسطة أقلام الرصاص. فقلة قليلة من الأطفال سبق لهم أن استخدموا أقلام التلوين فضلا عن الأوراق الملونة. الألوان مصدر سعادة".
وتستمر الورشة يوما واحدا إلا ان تشامبان تؤكد "من خلالها نبذر البذور. يزهر بعض هؤلاء التلاميذ موهبة من الآن. نأمل أن نوقد شعلة صغيرة في نفس واحد من بينهم على الأقل وأن يصبح بعضهم فنانين".