بحراً، كانت «الوسط» تنفذ جولتها السياحية الثامنة، وهي في هذه المرة تمخر العباب ناحية طريق اللؤلؤ، المشروع الضخم الذي تشتغل عليه هيئة البحرين للثقافة والآثار، والمدرج منذ العام 2012 على قائمة التراث الإنساني العالمي لـ«اليونسكو».
ومن موقع متحف البحرين الوطني، كانت الانطلاقة بالقارب البحري، وصولاً لشاطئ قلعة بوماهر، في رحلة استغرقت 10 دقائق، قبل أن تحط الرحال في موقع القلعة، هناك حيث يستقبل السائح، مركز المعلومات الذي يضم مجسمات تعريفية بمشروع طريق اللؤلؤ.
المشروع الذي لايزال «مبهماً»، زارته «الوسط»، لاستيضاح مقومات «المشروع الذي يؤمل له أن يسهم في استعادة عبق المحرق القديمة، حيث بدا المشروع، أكبر من مجرد «طريق»، متجاوزاً ذلك ليصبح «مشروع إنقاذ» لمعالم المدينة القديمة المهددة بفعل تبدل مجتمعها المحلي، وزوال مبانيها التراثية، يشمل ذلك ترميم وتأهيل 20 معلماً (بيوت ومجالس وعمارات تراثية)، تأهيل المئات من واجهات البيوت المحيطة بطريق اللؤلؤ، إنشاء 18 ساحة عامة، وعدد من الساحات لتخصيصها لمواقف للسيارات».
وبحسب المعلومات الرسمية، فإن العمل لايزال قائماً من أجل تجهيز البيوت التراثية، عبر الترميم وتأهيل الواجهات، تمهيداً لافتتاح طريق اللؤلؤ خلال العام 2018، وليمثل بذلك شاهداً على اقتصاد الجزيرة، مصحوباً ذلك بتأكيدات لمسئولي الهيئة، بينوا فيها «التبدل الإيجابي لأمزجة أصحاب البيوت بعد النتائج المذهلة التي أظهرها مشروع الترميم وتأهيل الواجهات، بما من شأنه اصطياد عصفورين بحجر؛ استعادة قيمة البيت التراثية من جانب، ومضاعفة قيمته المالية من جانب آخر».
وينتظر الطريق الذي يمتد على مساحة تبلغ 3 كيلومترات ونصف، تشييد الجسر الصغير الذي سيخصص للمشاة، ليصل بين موقع قلعة بوماهر وأولى بيوتات ومعالم المشروع، في تحدٍ تخوضه الهيئة في سبيل استعادة المدينة القديمة لمجتمعها المحلي.
المحرق... وإحياء صناعة اللؤلؤ
تعبر هيئة البحرين للثقافة والآثار عن مدينة المحرق التاريخية بـ«الكتلة العمرانية التراثية المتكاملة والفريدة، الشاهدة على صناعة اللؤلؤ».
من رحم ذلك، ولدت فكرة المشروع الذي يضم ما يعرف بنطاقات الحماية العمرانية، والتي ترسي أسس إحياء صناعة اللؤلؤ وما يتبعها ويدعمها من حرف وصناعات تراثية وحديثة، من بين ذلك صناعة السفن (القلافة) المهددة بالاندثار.
وتضم المحرق، معالم وطنية، من بينها بيت المغفور له بإذن الله صاحب العظمة الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، بيت الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، وسوق القيصرية، إلى جانب ما تزخر به المحرق من تراث لا مادي متمثل في دور الموسيقى التي مازالت تنبض بالحياة.
في الإطار ذاته، تشير الهيئة إلى اشتغالها على «تهيئة مؤسسة موسيقية في دار جناع، وذلك بغرض إحياء وتطوير هذا الموروث الموسيقي المميز».
وتضيف «في سبيل الحفاظ على مكتسبات الموروث العمراني التاريخي، جاء المخطط الخاص بالحفاظ على وتطوير مدينة المحرق القديمة، والذي يحدد دور جميع هيئات ووزارات الدولة في تفعيله، ويشتمل على دراسة تفعيل الاشتراطات الخاصة للمدن القديمة، ترميم وإعادة تأهيل المباني القديمة المهجورة، وترميم البيوت التاريخية وتهيئتها لسكن العائلات البحرينية، بالاضافة الى تعمير الاراضي الفضاء بمبان يكون تصميمها المعماري متوافقا مع نسيج التراث العمراني والمعماري المحيط».
بجانب ذلك، تقوم الهيئة بدراسة مشاريع لتطوير البنية التحتية والخدمات، بالتعاون مع المتخصصين والجهات المعنية، من بين ذلك إعادة تخطيط وتنسيق الطرق والإعداد لمواقف السيارات، كما يحدد المخطط آلية ومعايير إصدار تراخيص البناء أو الهدم أو الترميم بما يتوافق مع المخطط العام.
إنشاء 18 ساحة عامة
لا تكتمل منظومة الحفاظ العمراني الا بالاهتمام بالفراغات العامة المفتوحة الى جانب الاهتمام بالمباني والمعالم.
ذلك، ما توضحه الهيئة، وهي تتحدث عن تعيين بعض الساحات المفتوحة على طول طريق اللؤلؤ بمدينة المحرق التاريخية، بعد ان تبين ان معظم هذه الفراغات العامة ما هي الا نتاج لمبان قديمة قد هدمت قبل تفعيل منظومة الحفاظ على المباني التراثية.
وتضيف «لذا كان التوجه هو تحديد تلك الساحات التي نتج عنها تشويه النسيج العمراني التراثي للتوصية بإعادة إعمار الكتلة البنائية بها لتتكامل المنظومة العمرانية ولتفادي ما نتج عن هدم هذه المباني من تغريب للقيم الاجتماعية والبيئية للنسيج العمراني للمدينة التاريخية».
وتتابع «أما الفراغات الاخرى التي لا تؤثر بشكل مباشر على هذه القيم، فيتم استملاك العقارات الخاصة لصالح الدولة وتحويل هذه العقارات والشوارع والتي كانت تحيطها الى ساحات عامة لتكون متنفساً لسكان المدينة ليمارسوا أنشطتهم الاجتماعية الخاصة بكل منطقة، وكذلك لتكون بمثابة ملتقى بين أفراد المجتمع وزائري المدينة».
ميدانياً، عاينت «الوسط» تنفيذ الهيئة لأولى ساحتين من مجموع 18 ساحة عامة، لتمثلان «نموذجين لدراسة مدى تفاعل المجتمع المحلي والاستفادة من الاخطاء في التصميم والتنفيذ، وأخذ ذلك بعين الاعتبار في تنفيذ باقي الساحات».
وحددت هيئة البحرين للثقافة والآثار 18 ساحة عامة على طول طريق اللؤلؤ بمدينة المحرق، اذ تم تصميم جميع هذه الساحات بخاصية مشتركة تعنى بتحويل العقار الذي كان مبنيا في هذه الساحة الى حديقة لتعوض الفراغ من ناحية الكتلة البنائية التي هدمت في السابق وتحافظ بذلك على شكل النسيج، كما توفر الحديقة الظلال المرغوب بها لتحتضن أنشطة مجتمعية في الفراغ العام من الناحية الاخرى.
لذلك، تضيف الهيئة «زودت جميع هذه الساحات بينابيع مياه الشرب ومقاعد للمارة وبعضها بسلسبيل مياه يلطف الجو ويشعره بصوت خرير المياه الذي يعبر عن عودة الحياة مرة أخرى للمدينة القديمة».
وتتابع «تتنوع الساحات الـ 18 في تصاميمها لتشكل مسرحا مكشوفا في المدينة يستضيف العروض الثقافية المجتمعية، وملاعب لكرة القدم أو الطائرة لترفيه الاطفال، وساحة أخرى لسوق أسبوعي وموسمي تعرض فيه المنتجات الحرفية لاهل المجتمع المحلي، وأخرى كساحة للقراءة، وخامسة لتكون امتدادا للمصلين في احد اهم جوامع المدينة القديم، وأخرى توفر مجالس للعائلات المحيطة، وبذلك يصبح لكل ساحة في المدينة صفة تميزها ودورا وظيفيا منفردا بكامل البيئة المعيشية للمدينة، وذلك احياء لطبيعة النسيج العمراني التراثي الذي كان مركبا من فرجان عديدة لكل منها خصوصية في الطابع وفي نوع الانشطة والهوية المجتمعية».
وبعد ان اندثرت هذه الخاصية العمرانية وبقيت فقط اسماء بعض هذه الفرجان التي تدل عليها، تعيد الهيئة طرح هذه الخصوصية من خلال تهيئة وتأهيل الساحات العامة لتقوم بدورها كبؤرة لأنشطة كل مجاورة سكنية.
الارتقاء بواجهات المباني
ضمن طريق اللؤلؤ، جاءت الدراسة التي أعدتها الهيئة للارتقاء والحفاظ العمراني بواجهات المباني في المناطق التاريخية، وخصت الدراسة بطريق اللؤلؤ بمدينة المحرق التاريخية، ليتبين لها وجود 3 أصناف من هذه المباني.
توضحها الهيئة على النحو التالي «الأولى وهي واجهات المباني التراثية وهي تلك الواجهات التي بنيت بمواد تقليدية وغالبا ما هجرها أهلها أو تم تأجيرها الى العمالة الاجنبية، وقد تم تشويه المفردات التراثية؛ بسبب التدخلات العمرانية والمعمارية، حتى بات صعبا على المارة التيقن من زمن بناء هذه المباني، وان كانت تعود للقرن التاسع عشر أو بدايات القرن العشرين».
وتضيف «أما الثانية فهي واجهات المباني التي صنفت كمبان انتقالية، وهي المباني التي بنيت منذ الستينات من القرن العشرين على نهج وأشكال وقيم المباني التراثية، ولكن باستخدام مواد بناء حديثة تم استيرادها وتصنيعها في المملكة، وقد لوحظ ان المجتمع الحالي الذي يقطن هذه المباني لا يدري بقيمتها وقيمة العناصر المنقولة بها، لذا كان يستبدل على سبيل المثال الشبابيك والابواب الحديدية التي تتغنى بها المجتمعات الأوروبية بأخرى من الألمنيوم والزجاج والتي تقل في جودتها عن الاصلية ولا تتوافق بالمرة مع العمارة المميزة لهذه الحقبة الزمنية».
وتتابع «والثالثة هي واجهات المباني الحديثة، والتي بنيت داخل المدينة القديمة لتستبدل مباني تاريخية هدمت عنوة وبدون أسباب واضحة، الا انه اعتبرت رمزا الى التخلف والرجعية، وبدأ هذا أواخر الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين وظلت تبنى الى يومنا هذا، وقد بنيت هذه المباني بمنأى تام عن مفردات العمارة التراثية ليتبنى نمط المباني الحديثة، حيث الشرفات المفتوحة على الشارع بما أدى لجرح خصوصية الفراغ العام من ناحية وعرض الفراغات الداخلية لحرارة الجو الخارجية من ناحية أخرى، لتصبح هذه المباني خارجة عن السياق البيئي والمجتمعي والبصري للنسيج العمراني التراثي للمدينة القديمة».
ووفقاً لبيانات الهيئة، فقد تم حصر وتوثيق جميع واجهات المباني على طول طريق اللؤلؤ وتحديد تصنيف كل منها بحسب التصنيفات المذكورة أعلاه، وارساء مشروع طموح يهدف للارتقاء بهذه الواجهات والحفاظ على التراثي والانتقالي منها وتعديل غير المتوافق منها حتى يتناسب مع الاطار العمراني التراثي، وقد عممت الهيئة بعض المواصفات على جميع هذه الواجهات، من بينها ضمان الثبات الانشائي لهذه الواجهات والتأكد من ارتباط الواجهة الخارجية بالنظام الانشائي للمباني، إزالة التركيبات الفنية التي تم تثبيتها على الواجهات الخارجية مثل وحدات التكييف ومواسير الصرف وتغذية المياه وكذلك خزانات وسخانات المياه، اعادة صياغة وابراز العناصر التراثية التي تم طمسها خلال اعمال الترميم غير المناسبة السابقة، والتمييز بين المراحل والاضافات المختلفة التي مرت على تاريخ الواجهة الخارجية للمباني حتى يسهل تحديد الاجزاء التراثية من الاضافات الانتقالية.
20 معلماً على طريق اللؤلؤ
ضمن المجموعة المتسلسلة في طريق اللؤلؤ، أدرجت هيئة البحرين للثقافة والآثار، محطة رئيسية، أحصت منها «الوسط» 20 محطة، لحظة تنقلها في «دواعيس» المحرق القديمة. شمل ذلك، هيرات، مجالس، بيوت، عمارات، ومساجد، لتمثل سرداً لحكاية طريق اللؤلؤ.
المحطة الـ (1-3): الهيرات
من بين الهيرات الثلاث المسجلة على قائمة التراث العالمي ضمن طريق اللؤلؤ، يأتي هير بولثامة الذي يحتضن الثروات البيولوجية الاكثر من ناحية التنوع الحيوي، من بينها أصناف متعددة من الشعب المرجانية.
وتعتبر كثافة محار اللؤلؤ في هير بولثامة، الاعلى في مياه وسط الخليج العربي (تتراوح الكثافة ما بين 4 – 20 لكل متر مربع)، الا ان نسبة اللؤلؤ المستخرج من المحار الموجود اقل مقارنة بالهيرات الاخرى المسجلة.
وقد اشتهر هير بولثامة باحتضانه أكبر وأجمل اللالئ المعروفة باسم الدانات، حيث كانت سفن الغوص تبحر في موسم صيد اللؤلؤ الى هير بولثامة حالما يتوافر الطقس الملائم بأمل انتشال الكنوز الفريدة والقيمة.
أما ثاني الهيرات، هير بوعمامة، فقد اشتهر في عهد صيد اللؤلؤ بكثافة وجود اللؤلؤ في محار مياهه، لذا كان أشهر الهيرات خلال موسم الغوص الرئيسي والوجهة الأهم لسفن الغوص والبحارة من مختلف موانئ الخليج العربي.
ونظرا لثراء وغنى هير بوعمامة فقد كان يجذب الغواصين واعدا اياهم بالكنوز الدفينة، كما يمتاز الهير نسبيا بانتظام عمق مياهه الى 15 مترا.
يحتوي هير بوعمامة ايضا على تنوع واسع للثروة الحيوانية، وبذلك فان نسبة اللؤلؤ العالية وتنوع الثروة الحيوانية هما السمتان التي يساهم بها هير بوعمامة بالقيمة العالمية الاستثنائية لطريق اللؤلؤ.
أما ثالث الهيرات، هير شتية، فيمتاز بضحالة مياهه ووضوح الرؤية الكبير فيها، مما يجعله موقعا مميزا بالنسبة للبحارة والغواصين في بداية موسم الغوص لاستعادة لياقتهم الجسدية بعد غياب عن البحر لثمانية أشهر.
وتعتبر درجة حرارة المياه في هذا الهير أكثر دفئا بثلاث درجات مما هي عليه في الهيرات الأخرى، لذا فإنها الامثل لقضاء الاسابيع الاولى والاخيرة من موسم الغوص وخصوصا بالنسبة للغواصة الذين يتواجدون في المياه حتى ساعتين متواصلتين دونما استراحة، كما يمتاز هير شتية بتراكم المحار وتجمعه في مواقع منه؛ مما يجعل عملية جمعه أسهل وأسرع.
المحطة الـ 4: ساحل بوماهر
يشكل ساحل بوماهر نتوءا رمليا في الطرف الجنوبي لجزيرة المحرق وهو الخط الساحلي الاخير الذي كان يقف عليه البحارة وغواصو اللؤلؤ قبل الانطلاق بموسم الغوص الرئيسي (الغوص الكبير)، والاول الذي تطأه أقدامهم بعد العودة من رحلة البحر والتي تستمر لأِشهر عديدة.
على هذه المساحة كانت تقام احتفالات انطلاقة رحلة الغوص وصيد اللؤلؤ (الركبة)، وعودتها (القفال) ضمن الاحتفالات العامة على شاطئ البحر.
يتكون ساحل بوماهر من: سيف بوماهر وهو الجزء الرملي الجاف من الشاطئ حيث تنتهي أمواج الخليج العربي عنده، وقرة بوماهر وهو قاع البحر الذي يظهر في انخفاض الامواج وحالة الجزر، كما انه يشمل منطقة مياه عميقة يصطاد البحارة منها الاسماك باستخدام (الحظرة).
وقد ظلت هذه الخصائص والسمات التي تشكل تضاريس الشاطئ والمكان، كما هي فلم تتعرض لتغييرات جذرية منذ تراجع نظام الصيد والاقتصاد القائم على اللؤلؤ في ثلاثينات القرن العشرين.
المحطة الـ 5: قلعة بوماهر
كل يوم، تستقبل قلعة بوماهر زوارها وسياحها، من البحرينيين والخليجيين والأجانب، للتعرف على «بوابة» طريق اللؤلؤ.
وفي الاصل كان لقلعة بوماهر 4 ابراج ذات جدران حماية منيعة وضخمة، شكلت جبهة دفاعية لحماية القناة الضيقة الواقعة جنوب شرق المحرق والتي كانت تؤدي الى مواقع رسو السفن غرب الجزيرة وحتى ميناء المنامة، كما تشمل القلعة بحمايتها مصدر المياه الرئيسي لمدينة المحرق وهو ينبوع مياه عذبة يقع في البحر.
وفي العام 1868م، قامت قوات البحرية الملكية البريطانية بدك القلعة وتدمير أجزاء منها ولم تخلف سوى البرج الجنوبي.
وفي الحديث عن أهميتها لطريق اللؤلؤ، تقول هيئة البحرين للثقافة والآثار: «كانت القلعة ذات اهمية بالغة بالنسبة لتجارة اللؤلؤ لسببين رئيسيين: اذ كانت تحمي ساحل المحرق وأسطول سفن الغوص واللؤلؤ في بداية ونهاية كل موسم غوص، بالاضافة الى حراسة مصدر المياه الرئيسي لمدينة المحرق».
المحطة الـ 6: بيت الغوص
كان بيت الغوص، او دار غواص اللؤلؤ، اقصى بيت في جهة الجنوب بجزيرة الحالة، وكان مطلا على القناة التي يستخدمها البحارة للوصول الى قلعة بوماهر اثناء فترة الجزر، ويرجح ان ذلك شكل سبباً لاتخاذه سكنا من قبل العديد من الغواصين.
وبيت الغوص عبارة عن مبنى بسيط ذي طابق واحد، يحتوي على 3 غرف ورواق مفتوح (ليوان) تحيط جميعها بالفناء الداخلي للبيت، ليعكس بذلك وسائل الراحة والرفاهية الجديدة التي جلبتها تجارة اللؤلؤ خلال تسعينات القرن التاسع عشر والعقد الاول من القرن العشرين.
تعلق الهيئة على أهمية بيت الغوص «يمثل هذا البيت قيمة استثنائية وعنصرا أساسيا في حكاية طريق اللؤلؤ باعتباره نموذجاً لبيت عائلة بسيط ومتواضع بني في أوج عقود صيد اللؤلؤ، اضافة الى موقعه الاستراتيجي الذي يوثق العلاقة الجغرافية التي تربط بين الجزر الثلاث».
المحطة الـ 7: بيت بدر غلوم
كان بدر غلوم سليمان حلاقا ومعالجا بالطب الشعبي، بدأ بمزاولة عمله في المحرق سنة 1912م، وفي غياب الخدمات الطبية في المحرق آنذاك اصبح بيت بدر غلوم تدريجيا يتخذ فكرة المصحة أو المستوصف الطبي الصغير، فيما يعكس اليوم نموذج أقدم البنى التحتية التي أنشئت في مدينة المحرق لأغراض طبية.
وقد شكل البيت، مقصدا للغواصين والبحارة لتخفيف حدة الالام والمعاناة التي كانوا يقاسونها جراء الامراض الناجمة عن الغطس والغوص المطول تحت الماء، مثل امراض الرئة، العين، والجلد.
تعلق الهيئة «يجسد هذا البيت احد الاماكن النادرة المرحب فيها بالجميع، والتي تقدم خدماتها للكل على أساس المساواة، حيث ساهم بيت بدر غلوم بدعم القيمة التراثية العالمية الشاهدة على اقدم مبنى قائم حتى اليوم لأغراض العلاج الطبي في سياق مشروع طريق اللؤلؤ».
المحطة الـ 8: بيت الجلاهمة
كانت عائلة الجلاهمة تشغل العديد من المهن والحرف الرئيسية المتعلقة باقتصاد اللؤلؤ، وتتراوح بين الغواص وساحب اللؤلؤ على متن السفينة (السيب) الى تاجر اللؤلؤ وتاجر اللؤلؤ الكبير (الطواش)، وقد شيد بيت عائلة الجلاهمة في أقصى الطرف الشمالي بمدينة المحرق عند مدخل جزيرة الحالة.
وبحسب بيانات هيئة البحرين للثقافة والآثار، فإن «بيت الجلاهمة يمثل نموذجاً حياً للبيوت السكنية الكبيرة والاكثر تعقيدا، والتي تحتل فيها النسوة أغلبية سكان البيت كنتيجة لتعدد الزيجات، وقد أتاح هذا التركيب العائلي الى جانب التصنيف الاجتماعي الرفيع الذي تتمتع به نسوة عائلة الجلاهمة في المنطقة فرصة فريدة لاستكشاف الوضع المميز للنساء في المجتمع المعتمد على تجارة اللؤلؤ».
وتضيف «تتضح القيمة التاريخية الاستثنائية لبيت الجلاهمة من خلال خارطة الطابق الأرضي والتي تتكون من شبكة معقدة من الأروقة والسلالم والشرفات والافنية التي صممت لاستقبال زوار البيت من الرجال، ولتوفير الحماية المطلقة لخصوصية النساء داخل البيت في الوقت ذاته».
المحطة الـ 9: بيت العلوي
كان محمود محمد العلوي (من شيد البيت)، تاجرا كوالده، يزود تجارة واقتصاد اللؤلؤ بالمواد والمستلزمات المختلفة من متجره الواقع بالقرب من سوق المحرق الرئيسي، وقد كان التجار أمثال عائلة العلوي عادة ما يسكنون بجوار الشاطئ كي يتمكنوا من تزويد سفن صيد اللؤلؤ بالمواد الاساسية خلال موسم الغوص، وبالتالي عندما بدأ محمود محمد العلوي بتشييد البيت مطلع ثلاثينات القرن العشرين، اتخذ له موقعا بمنطقة ردم قريبة جدا من الخليج الفاصل بين جزيرتي المحرق والحالة.
البيت الذي يجسد جزءا من حكاية طريق اللؤلؤ باعتباره نموذجا سكنيا للطبقة المتوسطة وشاهدا معماريا بني باستخدام عائدات تجارة تموين وتزويد الصناعات المتصلة بتجارة اللؤلؤ، يتميز بوجود برج الهواء (بادجير)، وهو أحد برجي الهواء الوحيدين في مدينة المحرق اليوم، حيث يوجد الآخر في قصر حاكم البحرين السابق المغفور له بإذن الله الشيخ عيسى بن علي آل خليفة.
المحطة الـ 10: بيت فخرو
كان بيت عائلة فخرو، مكاناً لإقامة يوسف بن عبدالرحمن فخرو، تاجر الخشب ومواد البناء وصانع السفن الناجح والمشهور.
تعقب الهيئة على مكانة بيت فخرو «لكونه مالكاً لأسطول يضم زهاء 50 سفينة، فقد كان لفخرو مرسى خاصاً مجاوراً لبيته الواسع، حيث يتسنى له مراقبة عملية إبحار وعودة أسطوله عبر نافذة حجرته الخاصة أو من مجلسه الواقع بجوار الشاطئ، ويتكون البيت من فنائين كبيرين، لايزال الأول موجودا فيما هدم جزء كبير من الفناء الثاني في ثمانينات القرن العشرين».
وتضيف «كل هذه الجماليات والتركيبة أضافت حكاية أخرى لمشروع طريق اللؤلؤ، لكونه شاهدا استثنائيا لحكاية تاجر السفن والخشب الذي كان قريبا من حياته التجارية وراغبا في الاتصال طيلة الوقت بأعماله، في الوقت الذي يبقى فيه قريبا من عائلته، حتى يمكن القول ان بيت فخرو يجسد مثالا فريدا من نوعه ودليلا حيا على مدى اهمية وجود منفذ الى البحر بالنسبة لتجار السفن والخشب».
المحطة الـ 11: مجلس مراد
يتكون هذا المبنى الصغير نسبيا من غرفة ضيوف كبيرة ودهليز، يتصلان ببعضهما عن طريق فناء صغير وبعض المرافق الخدماتية التي يعود تاريخ تشييدها الى مراحل لاحقة من عمر البناء.
ولأن عائلة مراد كانوا طواويش، وتجار لآلئ لأجيال متلاحقة؛ فقد قاموا ببناء مجلس العائلة منفصلا عن المنزل الرئيسي لاستقبال الضيوف من الرجال، التفاوض على عمليات البيع والشراء واستضافة الزوار للمبيت.
وقد كان المجلس ذا أهمية كبيرة بالنسبة للطواش لعقد الاجتماعات واللقاءات المتعلقة بالعمل والتجارة، فيما تشير الهيئة الى ان اهمية هذا البيت في طريق اللؤلؤ، تتضح من خلال تكوين الفراغ للمجلس واستثمار المساحات لتتناسب مع احتياجات ووظائف الطواش.
المحطة الـ 12: بيت مراد
يتكون بيت عائلة مراد من فناء واسع وهو يقع قبالة مجلس عائلة مراد في الطرف الآخر من مساحة عامة مفتوحة، بفاصل مسجد بينهما. ويعد بيت عائلة مراد أفضل مثال متبق لبيوت الطواويش، وقد بني بإشراف جاسم مراد الذي هاجر الى البحرين مع عائلته في أواخر القرن التاسع عشر.
البيت منزل نموذجي من 8 غرف تنتظم حول فناء مركزي كبير ومفتوح، ويسهم بيت مراد في سرد حكاية اللؤلؤ باعتباره معمارا فخما وواسعا؛ نظرا لخصائصه وعناصره المعمارية التي توثق ثروة ومكانة الطواش الاجتماعية في مجتمع اللؤلؤ بالمحرق.
المحطة الـ 13: عمارات يوسف عبدالرحمن فخرو
تتألف عمارات عائلة فخرو من 3 عمارات في قلب سوق المحرق القديم على مقربة من محلا سيادي، وهي مكونة من مخازن للبضائع التي تأتي عبر البحر من جهة الغرب وتباع في السوق من جهة الشرق وتساهم كل عمارة من هذه العمارات بطريقتها الخاصة في سرد حكاية اللؤلؤ.
وقد أخذت هذه العمارات اسمها من بانيها الذي كان ايضا كبير عائلة فخرو، وهي اليوم في حالة شبه كاملة من الخراب، وفي حين ان الجزء الغربي منها لايزال محتفظا ببعض الاجزاء المسقوفة والمباني الواقفة الا ان الجزء الشرقي منها كان غير مرئي تماما، الى ان تم التنقيب عنها في العام 2011، وتم العثور على آثار تعود تاريخها الى القرن السادس بعد الميلاد.
وتشير الوثائق التاريخية والاثار المتبقية الى تصميم العمارة التي بنيت بشكل طولي حول ممشى محوري طويل يربط شارع التجار بالبلط، فيما تؤشر آثار عمارات يوسف عبدالرحمن فخرو الى فترة تدهور وتراجع وانحسار الاقتصاد المعتمد على تجارة اللؤلؤ.
المحطة الـ 14: عمارة علي راشد فخرو (1)
صممت عمارة على راشد فخرو (1) بشكل طولي وشيدت بمحاذاة ممشى محوري وطويل يربط الشارع التجاري (شارع التجار) من جهة الشرق بالساحل من جهة الغرب من حيث تأتي البضائع.
وقد استخدمت العمارات بشكل رئيسي لتخزين البضائع ومواد البناء مثل الخشب وأدوات تجارة اللؤلؤ، ويسمح وضع المبنى الحالي المحفوظ بشكل جيد بالتعرف على كامل خصائص مباني العمارات.
اليوم، تحتضن العمارة، أحد أقدم مقاهي المحرق الذي لايزال يستقبل زواره، فيما تكمن مساهمة العمارة في سرد حكاية اللؤلؤ في قدرتها على ابراز كامل الملامح والخصائص المعمارية لهذا النوع من المباني التجارية المهمة لتجارة اللؤلؤ.
المحطة الـ 15: عمارة علي راشد فخرو (2)
ينظر لهذه العمارة، بوصفها العمارة التاريخية الوحيدة في سوق المحرق التي لاتزال تستخدم لوظيفتها التقليدية كمخزن. وعلى الرغم من أن الجزء الشرقي منها قد تم هدمه الا ان الجزء المتبقي لم يدخل عليه سوى بعض التعديلات البسيطة.
وتتبين مساهمة العمارة في القيمة العالمية الاستثنائية، الى جانب صلتها المتناظرة مع عمارة علي راشد فخرو الثانية هي الطابع والشعور المميز في المخزن كونه شاهدا مباشرا على عصر تجارة اللؤلؤ.
المحطة الـ 16: محلات سيادي
محلات سيادي هي جزء من سوق القيصرية وهي عبارة عن سلسلة من المحلات التجارية والمخازن (عمارات) في 3 مجمعات تقع على شارعي التجار وبوماهر في قلب مدينة المحرق التجاري، وقد أدرجت اثنتان من هذه المجمعات كعقار واحد ضمن هذا الموقع.
بنيت المحلات (المتاجر) على يد أفراد من عائلة سيادي على مراحل منذ العام 1860م، وتساهم المحلات في سرد حكاية اللؤلؤ كونها موقع معاملات التجار الكبار الى جانب مجالسهم، وتقدم محلات سيادي نموذجا للهندسة المعمارية لسوق المحرق، كون المحلات مرتبة بشكل متوازي على طول الشاطئ.
المحطة الـ 17: بيت النوخذة
شيد النوخذة جاسم عجاج مجلسه الذي يحتوي على غرفة متواضعة لاستقبال الضيوف، بالقرب من منزله العائلي، وقد استخدم المجلس لاستقبال الزوار واستضافة الغواصين الوافدين الى البحرين خلال موسم الغوص الرئيسي (الغوص الكبير).
وترى الهيئة ان بيت النوخذة يساهم في القيمة العالمية الاستثنائية لتجارة اللؤلؤ بما يمثله من مرجعية فريدة بين طابع البيئة البحرية للنوخذة؛ وذلك لكون المجلس موقعا لتجمع طاقم القارب لموسم الصيد المقبل، ومكانا لتكوين وتوطيد علاقات الاخوة والصداقة بين افراد الطاقم.
المحطات (18 – 20): بيت ومجلس ومسجد سيادي
يتألف المجمع من 3 مبان؛ بيت ومجلس ومسجد تعود لعائلة سيادي، وهي عائلة من كبار تجار اللؤلؤ هاجرت الى البحرين مطلع القرن التاسع عشر.
وتشير معلومات الهيئة، إلى أن البيت، شيد على يد عبدالله بن عيسى سيادي، أواخر عشرينات القرن الماضي، مضيفة «هو مثال نموذجي للبيوت الكبيرة ذات الفناء المركزي، ويثبت الطراز المعماري الرائع وبنيانه المتقن جودة وبراعة أعمال البناء التي تمت في 1931، عندما اتخذ العديد من أفراد طاقم اللؤلؤ من اعمال البناء مهنة يترزقون بها لتأمين لقمة العيش لعائلاتهم».
وتتابع «يقف مجلس سيادي ذو الطابع المعماري الفريد كمثال حي لمجلس تاجر اللؤلؤ الذي كان يستقبل فيه تجارا من أماكن بعيدة كالهند وأوروبا بغرض عرض اللآلئ المميزة والتفاوض حولها، أما المسجد، فقد بني العام 1865 بتبرع من قبل كل من عيسى وجاسم بن يوسف سيادي، وهما أول تجار لؤلؤ في عائلة سيادي، ويعتبر المسجد أقدم جزء من مجمع عائلة سيادي وأكثر المساجد أصالة في المحرق».
وترى الهيئة أن إسهام المجمع في سرد حكاية اللؤلؤ، يأتي من خلال ابراز مدى ثروة تاجر اللؤلؤ حتى أثناء الفترة التي بدأت فيها علامات التدهور بالظهور في هذه التجارة؛ بسبب الركود الاقتصادي وتدني أسعار النفط، الى جانب ما يمثله بناء المسجد من دلالة على دمج القيم الدينية الاسلامية بتجارة اللؤلؤ.
العدد 5068 - الجمعة 22 يوليو 2016م الموافق 17 شوال 1437هـ
في انتظار 2018
نشكر الوسط ومحمد العلوي لهذا الربورتاج وكذلك التقارير السابقة ونرجوا ان تتحفنا بما يستجد في المستقبل ان شاء الله
في الشأن السياسي
في الشأن السياسي إن أردت، ، فريج إستيشن بالمحرق كان هناك منبع المناضلين الشرفاء أما الآن انقلب 3600 درجه وليس 180 درجه .. لكن يكفي إن البطل إبراهيم شريف من هناك.
وين دواعيس الحالة وين داعوس ... المهم يعطيكم العافية صحيفة الوسط والله لو نعرف كان واجب علينا اكرامكم في الحالة (حالاوي)