هل تحقق السعودية هدفها الجديد لإنتاج الطاقة المتجددة؟ في 7 مايو/ أيار 2016، أعلن الملك سلمان بن عبدالعزيز هدفاً جديداً لإنتاج الطاقة النظيفة هو 9.5 غيغاواط كخطوة أولى بحلول سنة 2023، وفق «رؤية السعودية 2030» التي قدمها مجلس الشئون الاقتصادية والتنمية برئاسة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وتركز الوثيقة على تنويع الاقتصاد السعودي بعيداً عن الاتكالية على النفط.
قد لا يأخذ البعض هذا الإعلان على محمل الجد. فقد سبق أن أعلنت السعودية العام 2011 اعتزامها إنتاج 54 غيغاواط (54 ألف ميغاواط) من الطاقة المتجددة بحلول سنة 2032، ما يؤمن ثلث حاجتها من الكهرباء. ولم يتحقق من ذلك الهدف خلال خمس سنوات إلا 25 ميغاواط.
لكن خبير الطاقة لمنطقة الشرق الأوسط في جامعة أكسفورد البريطانية جاستن دارغن، الذي كان من كبار المشككين في الهدف السعودي السابق، يعتبر أن الظروف الجديدة تجعل الوضع الآن مختلفاً تماماً. وهو قال في مقابلة مع موقع CleanTechnica إن الهدف الجديد «الأكثر عقلانية» قابل للتحقيق، وسوف يتحقق. وإذا أنجزت المشاريع وفق جولة العروض الأولى بحلول سنة 2018، فسيتم تركيب ما معدله 1600 ميغاواط من القدرة الجديدة كل سنة لمدة ست سنوات.
يقول دارغن إن قدرة 9.5 غيغاواط هي مجرد خطوة أولى لتحول سيستمر عدة عقود، والتغيرات الحاصلة تجعل الوقت مناسباً للتحول الآن إلى الطاقة النظيفة. ويضيف: «هذه ليست السعودية التي كنا نعرفها منذ سنوات قليلة». فهو يعتبر أن التغيير يجب أن يبدأ من القمة، وبما أن التبني الجديد للطاقة المتجددة يأتي مباشرة من ولي ولي العهد محمد بن سلمان، فإن التغيير ممكن.
فما هي الأوضاع المستجدة التي تتيح للسعودية تحقيق هدفها الجديد؟
تحطيم الأرقام القياسية في الأسعار: كانت دبي الأولى في منطقة الخليج التي اعتمدت مناقصات تنافسية، فحطمت أرقاماً قياسية لأسعار الطاقة الشمسية بعروض بناء كل مرحلة بقدرة 200 ميغاواط من مجمع الشيخ محمد بن راشد للطاقة الشمسية. ففي العام الماضي عرضت «أكوا باور»، سعراً غير مدعوم يقل عن 6 سنتات للكيلوواط ساعة. وهذه السنة عرض كونسورتيوم سعودي ـ إماراتي سعر 3 سنتات.
هذه ليست أدنى أسعار للطاقة الشمسية في العالم فحسب، بل هي على قدم المساواة مع أسعار الكهرباء المولدة بواسطة الغاز في الإمارات، وأدنى من أسعار الكهرباء المولدة بحرق الفحم.
وقد تحققت الأسعار المنخفضة، جزئياً، نتيجة المناقصات التنافسية. وبإمكان السعودية اتباعها بدلاً من تعرفات التغذية العالية، التي زعزعت استقرار صناعة الطاقة الشمسية في ألمانيا وإسبانيا في البداية، ما جعل الحكومات اللاحقة تتخلى عنها.
الشركات السعودية بين طلائع المطورين الإقليميين للطاقة الشمسية: كانت شركات سعودية ضمن المجموعات الفائزة بتقديم عطاءات في مشروع هيئة مياه وكهرباء دبي. هذه السنة، قدمت شركة عبداللطيف جميل (ALJ) السعودية، في كونسورتيوم مع FRV الفرنسية للكهرباء الشمسية التي اشترتها العام 2015 و»مصدر» الإماراتية، أدنى عروض للمرحلة الثالثة في دبي، محطمة أرقاماً قياسية عالمية للطاقة الشمسية بأدنى سعر في العالم على الإطلاق هو 3 سنت للكيلوواط.
وفي العام الماضي، حطمت «أكواباور» السعودية أرقاماً قياسية في دبي للمرحلة الثانية من مجمع الشيخ محمد بن راشد بأدنى سعر مدعوم للكهرباء الشمسية العام 2015، وهو 5.85 سنتات لكل كيلوواط ساعة. وفي حديث إلى CleanTechnica قال ستيفن جيغر، الشريك في شركة «إينوفا» الأميركية للاستثمار والمدير السابق في «مصدر»: «لقد بنت أكواباور نموذجاً تجارياً قوياً يمكنها من الحصول على رأس مال بفوائد جذابة. هم مكافحون جداً ومندفعون جداً ويريدون امتلاك هذه اللعبة. ورئيسها التنفيذي بادي بادماناثان قائد ممتاز».
الطاقة الشمسية تحصل الآن على تمويل مؤاتٍ مثل البترول: يعتبر دارغن وجيغر أن هذه الأسعار المتدنية ممكنة، جزئياً، لأن قطاع الطاقة الشمسية في السعودية بات يحصل على تمويل يتعادل مع معدلات تمويل قطاع النفط.
يقول دارغن: «في منطقة الخليج، تهيمن على قطاع النفط شركات وطنية تملكها الدولة. وهناك دعم قوي من الحكومات لتطوير مشاريع الطاقة. وهذا التمويل المنخفض الكلفة يتطور أيضاً في قطاع الطاقة الشمسية. وما شهدناه في دبي نتيجة لذلك هو تحطيم الطاقة الشمسية للأسعار، إذ باتت كهرباؤها أرخص من الكهرباء المولدة بالفحم».
واضح أن نهاية النفط آتية: تواجه بلدان الخليج أزمة اقتصادية نتيجة اعتمادها شبه التام على أسعار النفط المنهارة. وفي مقال بعنوان «الغروب الطويل لشركات النفط الكبرى» حذرت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، التي تركز بشكل خاص على صناعة الوقود الأحفوري، من أن منتجيه يواجهون مستقبلاً من التدهور البطيء المتواصل.
عندما أعلنت السعودية هدفها الأول للطاقة المتجددة العام 2011، كان الطلب على شبكتها العامة 50 غيغاواط، وهو يرتفع بنسبة 8 في المئة سنوياً. وتعتمد السعودية كلياً على حرق نفطها لتوليد الكهرباء، النصف من غاز الآبار المشتعل والبقية من الديزل والنفط الخام وزيت الوقود الثقيل.
يقول جيغر: «الضغط المالي يحتم على السعودية أن تبني تنوعاً حقيقياً في جميع الصناعات، وأن تفعل ذلك خلال فترة زمنية قصيرة».