الشخصيتان اللتان لعبتا دوراً محورياً في دعم استقلال الكويت، وبالذات في المراحل الأولى لأزمة الاستقلال، كانتا جمال عبدالناصر والملك سعود، رحمهما الله. وفي حين كان دور الرئيس عبدالناصر قد حصل على قدر جيد من التوثيق والتقدير، لم يحظ الملك سعود بذات التوثيق والتقدير لأسباب غير جلية، مع أنه كان يستحق التقدير العالي أو فلنقل التوثيق المتوازن.
فقد كان موقف جلالة الملك سعود في دفاعه عن الكويت، استراتيجياً بقدر ما هو شخصي. فقد وُلد الملك سعود في الكويت في يناير/ كانون الثاني 1902 قرب سكة عنزة قرب المدرسة المباركية، ويقال إن تسمية فريج سعود تنسب لإقامة عائلة آل سعود فيها.
كان الموقف الشخصي للملك واضحاً في تعقيبه على حديث الشيخ جابر الأحمد رحمه الله، عندما زاره كرئيسٍ للوفد الكويتي الذي تنقل في عدد من الدول العربية، لشرح الموقف الكويتي، والذي سنعود له لاحقاً. فماذا قال جلالة الملك: «إني أعتبر نفسي مواطناً مخلصاً لتلك البقعة الطيبة من بلادنا العربية وهي الكويت فهي كما قال الشاعر: أول أرضٍ مسّ جلدي ترابها، أقول هذا وفاءً للعهد وقياماً بواجب المبدأ وحرصاً على عدم تعرض الكويت لأي احتلال أجنبي أو عربي فلا احتلال ولا ضم ولا اغتصاب».
بالطبع لم يتوقف الأمر عند المشاعر الجياشة والكلمات المعبرة لمسقط رأسه، بل أمر جلالته بتوجيه 1800 جندي مباشرةً للدفاع عن أرض الكويت. وكان أول بيان رسمي يصدر عن أي دولة للرد على مزاعم وادعاءات عبدالكريم قاسم قد جاء من إذاعة مكة المكرمة معلناً: «أي اعتداء على الكويت يعتبر اعتداءً على السعودية، وأرسلت المملكة لسفيرها في بغداد لإبلاغ الحكومة العراقية رسمياً بذلك، وكذلك سيتم إرسال رئيس الأركان السعودي لزيارة الكويت في اليوم التالي للتشاور مع أمير الكويت بشأن الخطوات التي يجب اتخاذها إزاء تهديدات قاسم».
كذلك بعث الملك سعود برسالةٍ إلى ملوك ورؤساء الدول العربية، جاء فيها: «أعتقد أنكم تشاركوني الأسف فيما أصدره رئيس الحكومة العراقية بخصوص ضم الكويت للعراق، وبالنظر لما يربطنا بالكويت من علاقة فقد أصدرت بياناً جاء فيه أنه يجب أن يكون مفهوماً لدى الجميع أن الكويت والعربية السعودية بلد واحد وما يمسّ الكويت يمس السعودية وما يمس السعودية يمس الكويت، وقد أحببت أن أحيطكم علماً بهذا وكلي أمل في العمل على رتق هذا الفتق راجياً أن نسترشد بآرائكم».
لم يكن الدور الذي لعبته السعودية حينذاك بقيادة شخصية من الملك سعود، دوراً عابراً، فالأمر لم ينته عند هذا الحد كما سنرى.
إقرأ أيضا لـ "غانم النجار"العدد 5065 - الثلثاء 19 يوليو 2016م الموافق 14 شوال 1437هـ
شكرا اﻻستاذ غانم النجار على سلسلة مقاﻻت عن تاريخ الخليج.