لم تنجب حلبات أم الألعاب (العاب القوى) حتى اليوم مثل العداء الأميركي جيسي اوينز الذي هز العالم مرتين، الأولى عندما حطم وعادل ستة أرقام قياسية في مدى 45 دقيقة، والثانية عندما أحرز 4 ميداليات ذهبية في الألعاب الاولمبية التي استضافتها برلين العام 1936.
وسطر اوينز "الاسود" المولود في 12 سبتمبر/ أيلول 1913 في دانفيل (الاباما)، اسمه بأحرف من ذهب في سجل العاب القوى العالمية في وقت لم تكن فيه وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية تملك القوة والسرعة كما هي الحال في عصرنا هذا.
في 25 مايو/ أيار 1935 في أن اربور (ولاية ميشيغان)، نجح اوينز (1.79 م و73 كلغ) في تحطيم ومعادلة ستة أرقام قياسية في 45 دقيقة. ففي تمام الساعة 15ر15 عادل الرقم العالمي لمسافة 100 ياردة مسجلا 4ر9 ثوان، وفي الساعة 25ر15 حطم الرقم القياسي في الوثب الطويل في محاولته الأولى مسجلا 8.13 م والذي صمد ربع قرن حتى 1960، وفي الساعة 15.45 حطم الرقمين القياسي العالميين لمسافتي 220 ياردة و200 م على التوالي في زمن 3ر20 ثانية، وفي الساعة 16 قطع مسافتي 220 ياردة حواجز و200 م حواجز في 22.6 ثانية.
وبعد 15 شهرا من انجازه التاريخي، أبهر اوينز العالم في الألعاب الاولمبية في برلين وفي مقدمتهم الزعيم النازي ادولف هتلر عندما أحرز أربع ميداليات ذهبية لمنتخب بلاده الولايات المتحدة الأولى في سباق 100 م عندما سجل 10.3 ثوان (2ر10 ث في التصفيات)، والثانية في سباق 200 م (20.7 ث)، والثالثة في الوثب الطويل (8.06 م) متقدما على البطل الألماني لوتس لونغ، والرابعة مع منتخب بلاده في سباق التتابع 4 مرات 100 م (39.8 ثانية).
وكان هتلر توقع أن تكون الألعاب الاولمبية فرصة لتأكيد تفوق البيض على السود، وهي الفرضية التي وضع لها اوينز حدا بتأكيده العكس.
وفي هذا الصدد، صنف الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون جيسي اوينز احد أفضل عشرة رياضيين في القرن العشرين وقال "لم يسجل اوينز الأرقام القياسية فقط، بل حطم خرافة هتلر القاضية بتفوق البيض مؤكدا أن العرق ليست له علاقة بالانتصارات في السباق".
كان اوينز الابن العاشر لعائلة بدوية لم يكن لها أي موطن، كان أجداده عبيدا، واستقر والداه في كليفلاند في العشرينات، وكان لمؤهلاته البدينة الأثر الكبير في دخوله جامعة اوهاي.
وانشغل اوينز، صاحب القلب الكبير، بمشاكل السود الأمر الذي دفع الرئيس الأميركي دوايت ايزنهاور إلى تسميته "السفير المتجول للولايات المتحدة في بلدان العالم الثالث".
ومن المواقف البارزة لاوينز معارضته مقاطعة اولمبياد موسكو وقال "أننا مخطئون بمقاطعة الألعاب، لا يجب معاقبة العدائين بأخطاء رجال السياسة".
وتوفي اوينز بسبب أصابته بمرض السرطان في الرئة وذلك في مستشفى جامعة اريزونا في توسكون في 31 مارس/ آذار 1980 وعمره 66 عاما.
وفي شيكاغو، حيث نكست الاعلام، أعلن روبرت كان رئيس اللجنة الاولمبية الأميركية :"لقد كان اوينز أعظم بطل اولمبي".
وفي العام 1984 في برلين دشنت ارملة اوينز بحضور رئيس اللجنة الاولمبية الدولية السابق الاسباني خوان انطونيو سامارانش "ممر جيسي اوينز" بالقرب من ملعب برلين حيث حقق زوجها الراحل انجازه التاريخي.