العدد 5062 - السبت 16 يوليو 2016م الموافق 11 شوال 1437هـ

القوات التركية تحبط الانقلاب على أردوغان وتعتقل الآلاف من العسكريين والقضاة

آلاف الأتراك أثناء تجمعهم بالقرب من مطار أتاتورك في إسطنبول - REUTERS
آلاف الأتراك أثناء تجمعهم بالقرب من مطار أتاتورك في إسطنبول - REUTERS

خاضت قوات موالية للحكومة التركية معركة أمس السبت (16 يوليو/ تموز 2016) تمكنت فيها بدرجة كبيرة من سحق ما تبقى من محاولة انقلاب عسكري فشلت بعد أن لبت الجماهير دعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للنزول للشوارع وتخلى عشرات من المتمردين عن دباباتهم.

وقال وزير الدفاع التركي، فكري إيشيك إنه تم دحر الانقلاب العسكري ولا توجد منطقة خارج نطاق سيطرة الحكومة. لكن إيشيك قال للصحافيين إن من السابق لأوانه القول بأن خطر الانقلاب تلاشى تماماً وحث أنصار الحكومة على الخروج إلى الشوارع مجدداً.

وقتل 265 شخصاً بينهم الكثير من المدنيين وأصيب 1440 في أعمال العنف التي اندلعت في وقت متأخر الجمعة بعد أن حاول قطاع من القوات المسلحة السيطرة على السلطة باستخدام الدبابات وطائرات الهليكوبتر الهجومية التي هاجم بعضها مقر المخابرات التركية والبرلمان في أنقرة بينما سيطر البعض الآخر على جسر مهم في إسطنبول.

واتهم أردوغان مدبري الانقلاب بمحاولة قتله ووعد بتطهير القوات المسلحة التي سبق أن نفذت عدداً من الانقلابات العسكرية الناجحة رغم أن آخرها كان من أكثر من 30 عاماً. وقال أردوغان - الذي شهد أيضاً احتجاجات حاشدة على حكمه قبل ثلاثة أعوام - «سيدفعون ثمناً باهظاً لهذا. هذه الانتفاضة هي هدية من الله لنا لأنها ستكون سبباً في تطهير جيشنا».

وذكر تلفزيون تركي في وقت لاحق بأنه تجرى عملية تطهير للقضاء.

وقال وزير في الحكومة إنه في مرحلة ما أثناء المحاولة احتجز مدبرو الانقلاب بعض القادة العسكريين رهائن. وعلى الرغم من أن بعض الجيوب المنعزلة للمتمردين لا تزال موجودة فقد أعلنت الحكومة بحلول مساء أمس (السبت) أن الوضع أصبح تحت السيطرة بالكامل وقالت إن 2839 شخصاً اعتقلوا بين جنود عاديين وضباط رفيعي المستوى وبينهم من شكلوا العمود الفقري لمحاولة الانقلاب. وذكرت وكالة الأناضول للأنباء أن من بين من اعتقلتهم السلطات التركية القائد العام للجيش الثاني وبذلك أصبح الجنرال أدم حدوتي أكبر مسئول عسكري يتم اعتقاله حتى الآن عقب محاولة الانقلاب.

وقال مسئول وتقارير إعلامية إن السلطات ألقت القبض أيضاً على قائد الجيش الثالث الجنرال أردال أوزتورك وإنه سيواجه تهمة الخيانة بعد محاولة الانقلاب. وأضاف المسئول أن أوزتورك تورط في مؤامرة الانقلاب.

و ذكرت قناة «إن.تي.في» التلفزيونية أن السلطات التركية أمرت باحتجاز 2745 من القضاة وممثلي الادعاء بعد محاولة الانقلاب.

ولو كانت نجحت محاولة الإطاحة بأردوغان الذي يحكم تركيا منذ 2003 لكانت مثلت أحد أكبر التحولات في الشرق الأوسط منذ سنوات فضلاً عن تحول كبير في أحد أهم حلفاء الولايات المتحدة بالمنطقة في الوقت الذي تحتدم فيه الحرب على حدودها.

لكن فشل محاولة الانقلاب قد يؤدي أيضاً إلى زعزعة استقرار بلد عضو في حلف شمال الأطلسي يقع بين الاتحاد الأوروبي والفوضى في سورية في الوقت الذي يستهدف فيه انتحاريون من تنظيم «داعش» المدن التركية وفيما تخوض الحكومة حرباً مع انفصاليين أكراد.

وتوجه أردوغان الذي كان يقضي عطلة على الساحل عندما وقع الانقلاب إلى إسطنبول جواً قبل الفجر وظهر على شاشة التلفزيون وسط حشود من المؤيدين خارج المطار الذي فشل مدبرو الانقلاب في تأمينه.

وفي كلمة لحشد من آلاف المؤيدين في المطار قال أردوغان في وقت لاحق إن الحكومة لا تزال تتولى الدفة رغم استمرار الاضطرابات وقتها في أنقرة.

وقال أردوغان إن مدبري الانقلاب حاولوا مهاجمته في منتجع مرمرة. وتابع قوله «قصفوا أماكن بعد رحيلي عنها مباشرة. اعتقدوا على الأرجح أننا كنا لا نزال هناك».

وقال أردوغان أمام حشد من أنصاره يهتفون مطالبين بتطبيق عقوبة الإعدام أمس (السبت) إن مثل هذه المطالب قد تبحث في البرلمان.

ولطالما كانت علاقات حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي ينتمي له أردوغان متوترة مع الجيش الذي له باع في الانقلابات العسكرية دفاعاً عن العلمانية رغم أنه لم يسيطر على السلطة بشكل مباشر سوى في 1980.

وأدت رؤية أردوغان المحافظة لمستقبل تركيا إلى انصراف الكثير من المواطنين العاديين عنه واتهامه بالاستبداد. واستخدمت الشرطة القوة المفرطة في 2013 لقمع احتجاجات حاشدة تطالب بمزيد من الحرية.

لكن أردوغان يتمتع أيضاً بإعجاب وولاء الملايين من الأتراك ولاسيما بسبب إعادة النظام لاقتصاد كان يواجه أزمات بشكل متكرر. وارتفع مستوى المعيشة بشكل ثابت تحت حكمه وبينما واجه الاقتصاد مشاكل خطيرة في السنوات الأخيرة فقد سجل نمواً فاق المتوقع بنسبة 4.8 في المئة في الربع الأول من العام مقارنة بنفس الفترة من العام السابق.

خطاب من هاتف محمول

في ليلة شابتها الغرابة في بعض الأحيان استخدم أردوغان مواقع التواصل الاجتماعي للحديث إلى الشعب التركي - رغم عداوته المعلنة لمثل هذه التقنيات عندما يستخدمها معارضوه واستهدافه المتكرر لـ «فيسبوك» و «تويتر».

وفي مرحلة ما استطاع أردوغان أن يلقي خطاباً للأمة عبر خدمة اتصال بالفيديو وظهر على شاشة هاتف محمول ذكي لمذيعة في قناة (سي.إن.إن تورك) والتي رفعت هاتفها أمام الكاميرا في الاستوديو حتى يتسنى للمشاهدين أن يروا أردوغان.

وقال أردوغان إن محاولة الانقلاب تمت بتشجيع من «هيكل مواز» في إشارة لأنصار رجل الدين البارز فتح الله غولن الذي يتهمه أردوغان مراراً بأنه يحاول تأجيج تمرد داخل الجيش والإعلام والقضاء.

وكان غولن الذي يعيش في المنفى الاختياري في الولايات المتحدة مؤيداً لأردوغان في فترة ما لكنه أصبح خصماً له. ونفى غولن الاتهامات بأنه لعب دوراً في محاولة الانقلاب وقال إنه يدينها بأشد العبارات.

وقال غولن في بيان «بوصفي شخصاً عانى في ظل انقلابات عسكرية عديدة خلال العقود الخمسة الماضية ... فإن من المهين على نحو خاص اتهامي بأن لي أي صلة بمثل هذه المحاولة. وأنفي بشكل قطعي مثل هذه الاتهامات».

وقال وزير الخارجية الأميركي، جون كيري إن الولايات المتحدة لم تتلق أي طلب لترحيل غولن.

وبدا أن عملية التطهير تتجاوز الجيش. فقد ذكرت محطة (إن.تي.في) التلفزيونية نقلاً عن قرار للمجلس الأعلى للقضاة والمدعين أن السلطات عزلت 2745 قاضياً من مناصبهم.

الجنود يستسلمون

هزت انفجارات وأصوات إطلاق النار إسطنبول والعاصمة أنقرة في ليلة اتسمت بالفوضى بعد أن سيطر جنود على مواقع في المدينتين وأمروا التلفزيون الحكومي بتلاوة بيان أعلنوا فيه السيطرة على السلطة. لكن بحلول الفجر تراجعت أصداء المعارك بشكل كبير.

واستسلم نحو 50 جندياً شاركوا في الانقلاب على أحد الجسور عبر مضيق البوسفور في إسطنبول بعد فجر أمس (السبت) وتركوا دباباتهم ورفعوا أيديهم في الهواء. ورأى شهود من «رويترز» أنصار الحكومة وهم يهاجمون جنوداً مؤيدين للانقلاب بعد استسلامهم.

وبحلول مساء السبت ذكرت محطة «سي.إن.إن تورك» أن قوات الأمن استكملت عمليتها ضد مدبري الانقلاب في مقرات هيئة الأركان العامة للجيش. كما قالت مصادر أمنية إن الشرطة اعتقلت نحو مئة من ضباط الجيش في قاعدة جوية في جنوب شرق البلاد.

وقالت وزارة الأمن العام وحماية المواطنين في اليونان المجاورة إن السلطات اعتقلت ثمانية رجال كانوا على متن طائرة هليكوبتر عسكرية تركية هبطت في مدينة أليكساندروبوليس شمال البلاد في منتصف النهار أمس وأضافت أنهم طلبوا اللجوء السياسي.

وقالت القنصلية الأميركية في تركيا إن السلطات المحلية تمنع الدخول إلى قاعدة إنجيرليك الجوية والخروج منها. وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إنها تعمل مع تركيا لاستئناف العمليات الجوية في القاعدة التي تستخدم لتنفيذ ضربات جوية ضد تنظيم «داعش» في سورية المجاورة.

نواب مختبئون

بدأ الانقلاب بطائرات حربية وطائرات هليكوبتر تحلق في سماء أنقرة وتحرك جنود لإغلاق جسري مضيق البوسفور الذي يربط أوروبا بآسيا في إسطنبول.

وأعادت السلطات البحرية التركية أمس فتح مضيق البوسفور أمام ناقلات النفط بعد أن أغلقته في وقت سابق لعدة ساعات في أعقاب محاولة الانقلاب.

وبحلول الساعات الأولى من صباح السبت استمر المشرعون في الاختباء في الملاجئ داخل مبنى البرلمان في أنقرة بعد أن تعرض المبنى لإطلاق النار من دبابات. وقال نائب معارض لـ «رويترز» إن البرلمان تعرض لإطلاق النار ثلاث مرات وأن أناساً أصيبوا.

وعندما انعقدت جلسة البرلمان في وقت لاحق من أمس أدانت الأحزاب الأربعة الرئيسية في تركيا محاولة الانقلاب العسكري في بيان مشترك تلي بالبرلمان فيما يمثل ابتعاداً عن المشهد المعتاد للانقسامات السياسية.

والأحزاب الأربعة تنتمي لأطياف سياسية مختلفة في البلاد من اليمين المتمثل في حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية الذي أسسه أردوغان وصولاً إلى حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد والمنتمي ليسار الوسط.

وقال قائد في الجيش التركي أيضاً إن مقاتلات تمكنت من إسقاط طائرة هليكوبتر استخدمها مدبرو الانقلاب فوق أنقرة.

ومع انقضاء الليل تحول الزخم ضد مدبري الانقلاب. وتحدت الحشود أوامر البقاء في منازلهم وتجمعوا في الساحات الرئيسية في إسطنبول وأنقرة ولوحوا بالأعلام ورددوا الهتافات.

وفي حين أخذ أنصار الحكومة في اعتلاء دبابة قرب مطار أتاتورك في إسطنبول قال أحد الرجال «لدينا رئيس وزراء ولدينا رئيس أركان ولن نترك هذا البلد ينهار».

وقال البيت الأبيض إن الرئيس، باراك أوباما كرر دعمه لحكومة تركيا «المدنية المنتخبة ديمقراطياً» ودعا كل الأطراف المشاركة في الأحداث هناك لتجنب انتهاج أي سلوك من شأنه زعزعة الاستقرار.

وقال جون كيري إنه اتصل بنظيره التركي وأكد «الدعم الكامل لحكومة تركيا المدنية المنتخبة ديمقراطياً والمؤسسات الديمقراطية».

ودعا رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك إلى عودة سريعة للنظام الدستوري في تركيا قائلاً إنه لا يمكن حل التوترات هناك بالأسلحة.

العدد 5062 - السبت 16 يوليو 2016م الموافق 11 شوال 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 1:53 ص

      احسن الطرق هو عمل مسرحيات للتخلص من الاعداء

    • زائر 4 زائر 2 | 2:13 ص

      ..

      إنت الي صرت مسرحيه
      طالع المنظره واضحك علي روحك وعلي غبائك

    • زائر 6 زائر 2 | 8:14 ص

      مسرحية شنو !!؟ مره فرحانيين بالانقلاب ومره تقولو مسرحيه ... وانا اقول الطائفيه العمياء ذابحكم اردوغان لان عادل وسوا تركيا دولة مؤسسات واقتصاد قوي من غير بترول

    • زائر 1 | 11:18 م

      ما هيه القوات التركية اللتي أحبطت الانقلاب ؟؟ وكيف استطاعت التغلب على جيش

    • زائر 3 زائر 1 | 2:08 ص

      يا فهيم

      الانقلابيين كانوا فرق من الجيش وليس الجيش كله ، تمَّ التغلب عليهم عن طريق باقي الجيش الوطني الموالي للدولة وعلي رأسهم الجيش الأول البطل والشجاع الذي تدخل في الحال ضد الانقلابيين ومعه القوات الخاصه التركيه وبعض أفرع القوات الجويه كما أنَّ الشرطه التركيه البطله لعبت دوراً محورياً في القضاء علي الانقلاب ولا تنسي الشعب الشريف الشجاع والموالي الذي رفض الانقلاب وخرج بالملايين تأييداً للحكومة الشرعيه

اقرأ ايضاً