تسبّب إلغاء «الحزام الأخضر» الواقع في الجزء الجنوبي من العاصمة، وتغيير تصنيفات عشرات الأراضي الزراعية التي تعود لأملاك خاصة في المحافظة الشمالية، في جرف أراضٍ زراعية منتجة ضخمة في سترة والبلاد القديم وجنوسان وكرانة وجدالحاج وغيرها.

المخطط التفصيلي الجديد لمنطقة الحزام الأخضر في «العاصمة»، وكذلك القرارات الصادرة من مجلس بلدي المنطقة الشمالية بموجب خطابات من إدارة التخطيط العمراني بتغيير تصنيفات أراضٍ زراعية إلى سكنية واستثمارية وغيرها، أدى إلى بيع مساحات ضخمة من الأراضي التي كانت تستخدم كمزارع منتجة لمختلف أنواع الخضراوات والفواكه، وبالتالي تخطيطها وتقسيمها كوحدات سكنية استثمارية، كما جرى في كرانة وجنوسان وغيرهما.

وأعلنت مكاتب تداول وتسويق عقارية عن تخطيط هذه المزارع إلى قسائم سكنية واستثمارية فضلاً عن الخدمات.

مزارعون: أكثر من 10 أراضٍ مُنتجة رُدمت بالكامل بكرانة وجنوسان وسترة والبلاد القديم

جرف هكتارات زراعية في «العاصمة» و«الشمالية» بعد إلغاء «الحزام الأخضر» وتغيير التصنيفات

كرانة، جنوسان - صادق الحلواجي

تسبّب إلغاء «الحزام الأخضر» الواقع في الجزء الجنوبي من العاصمة، وتغيير تصنيفات عشرات الأراضي الزراعية التي تعود لأملاك خاصة في المحافظة الشمالية، في جرف أراضٍ زراعية منتجة ضخمة في سترة والبلاد القديم وجنوسان وكرانة وجدالحاج وغيرها.

المخطط التفصيلي الجديد لمنطقة الحزام الأخضر في «العاصمة»، وكذلك القرارات الصادرة من مجلس بلدي المنطقة الشمالية بموجب خطابات من إدارة التخطيط العمراني بتغيير تصنيفات أراضٍ زراعية إلى سكنية واستثمارية وغيرها، أدى إلى بيع مساحات ضخمة من الأراضي التي كانت تستخدم كمزارع منتجة لمختلف أنواع الخضراوات والفواكه، وبالتالي تخطيطها وتقسيمها كوحدات سكنية استثمارية، كما جرى في كرانة وجنوسان وغيرها. وأعلنت مكاتب تداول وتسويق عقارية عن تخطيط هذه المزارع إلى قسائم سكنية واستثمارية فضلاً عن الخدمات.

وفي تفاصيل أكثر، اقتصرت الأراضي الزراعية في محافظة العاصمة خلال العقدين الماضيين على المنطقة الواقعة بين الزنج والسهلة الجنوبية مروراً بالبلاد القديم والخميس وعذاري، والتي كانت تعتبر حزاماً أخضر مصنفاً كأراضٍ زراعية، تمارس فيها ذات الأنشطة حتى مطلع العام 2016، إذ أعلنت الإدارة العامة للتخطيط العمراني في وزارة الأشغال وشئون البلديات والتخطيط العمراني عن تفاصيل المخطط التفصيلي الجديد لهذه المنطقة الواقعة في الجزء الجنوبي من «العاصمة»، والذي أنهى بالكامل فحوى ومضمون «الحزام الأخضر» بعد إلغاء المناطق الزراعية منه بنسبة 100 في المئة. الأمر الذي سمح للملاك هناك بإمكانية تحويلها إلى قسائم سكنية واستثمارية بعدما كان محظوراً عليهم، وعليه جُرّفت أراض في البلاد القديم مؤخراً.

المخطط التفصيلي الجديد سمح للمتبقّي من الحزام الأخضر في «العاصمة» (مخطط استعمالات الأراضي)، بأن يمكن التعمير والبناء في كل مساحة الحزام والبالغة 240 هكتاراً زراعياً كانت غير مصنّفة، والذي كان يضم نحو 360 عقاراً، بما يشمل إنشاء العمارات والمنازل والخدمات والأنشطة التجارية وغيرها فيها.

وعلى صعيد المنطقة الشمالية، استخرجت الإدارة العامة للتخطيط العمراني، مساحات واسعة من الأراضي الخاصة المملوكة من تصنيف المناطق الزراعية، ورفعتها للمجلس البلدي الذي أقرّ بدوره تغيير تصنيفاتها إلى سكني واستثماري، الأمر الذي أتاح أيضاً للملاك إمكانية تخطيطها وتقسيمها بعد ارتفاع أسعارها، وعليه عكفت الآليات على جرف الأراضي الزراعية المنتجة في كرانة وجنوسان وجدالحاج خلال الأشهر الأربعة الماضية، كما نقل مزارعون كانوا يعملون فيها.

وعلى سبيل المثال، قال المزارع سيدإبراهيم نعمة: «كنت أمارس الإنتاج الزراعي في مزرعة مستأجرة بجنوسان حتى مطلع العام 2016، وقد تغيّر تصنيفها بموجب قرار رسمي صدر عن وزارة الأشغال وشئون البلديات والتخطيط العمراني، ثم قام المالك ببيعها على أحد المستثمرين الذي سرعان ما عكف على تخطيطها وتقسيمها وبالتالي جرف كل الأشجار والنخيل والمزروعات».

وأضاف نعمة: «عملت في هذه المزرعة طوال أكثر من 12 عاماً، وبشكل أو بآخر كانت تعتبر مساهمة في تحقيق الأمن الغذائي للبلاد، وللأسف لا توجد أراضٍ زراعية بديلة بإمكاننا ممارسة النشاط الزراعي فيها، خصوصاً أنه لا ضمان بعدم تعرّضنا لنفس المشكلة، فالكل الآن يبيع الأراضي بعد تغيير تصنيفها من زراعي إلى سكني واستثماري وخدمات، ولا دور يمكن أن تلعب وكالة شئون الزراعة في حماية هذا القطاع الذي يواجه أزمة حقيقية لاسيما خلال هذا العام».

وفي مثال ثانٍ، قال المزارع سيدباقر علوي إن «عدداً كبيراً من المزارعين مهدّدون حالياً بإخلاء أراضيهم لسببين رئيسين، الأول بسبب طلب أصحاب الملاك رفع مبالغ الإيجار الشهري أو السنوي بالأضعاف، والثاني بسبب تغيير تصنيف الأراضي الزراعية إلى سكنية وخدماتية واستثمارية، وبالتالي رغبة الملاك في تعميرها وتأجيرها والاستفادة منها بقدر أكبر».

وأضاف علوي: «لا يمكننا تحميل أصحاب هذه الأراضي التي نعمل فيها بإيجار شهري المسئولية، ويجب أن تعي الحكومة أن غياب النشاط الزراعي ومحاصرته من كل الجوانب بهذه الطريقة سيتسبب يوماً ما في أزمة غذاء في البحرين، فالخضروات والفواكه من أهم مصادر الأمن الغذائي حول العالم، ومن العجب أن يتم التعامل مع الأراضي الزراعية بهذه الطريقة من عدم المسئولية، وأعتقد أنه حريٌّ أن تستملك أراضي أو تخصص أخرى حكومية لممارسة الأنشطة الزراعية فيها».

وتابع: «اضطررت خلال العام 2015 إلى بيع نحو نصف ماشيتي لتسديد إيجار الأرض المزروعة ومصروفات العمال وغيرها، وخلال العام الجاري سأضطر إلى بيع بقية الماشية أيضاً، ولاسيما في ظل مشكلات انقطاع المياه المعالجة المتكرر. كما أن لدينا مزارع عملنا فيها أباً عن جد، أصبح علينا إخلاؤها أو التخلي عنها لأن المالك رفع قيمة الإيجار أضعافاً، في ظل عدم وجود البديل».