حقق اقتصاد الصين نموا تجاوز التوقعات في الربع الثاني من العام وفق بيانات رسمية، ما يعزز الأمل في استقرار النمو، غير أن المحللين نبهوا إلى أن استثمارات القطاع الخاص لا تزال بحاجة لاستعادة نشاطها.
وسجل ثاني اكبر اقتصاد في العالم نموا بنسبة 6.7 في المئة في الربع الثاني مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، أي بوتيرة أسرع بقليل عن توقعات مسح أجرته وكالة فرانس برس، ومماثلا للأشهر الثلاثة السابقة.
وتأتي النتيجة تماشيا مع الهدف الذي حددته الحكومة ويتراوح بين 6.5 -7 في المئة للعام بأكمله. وستؤمن انفراجا للصين - احد المحركين الرئيسيين للاقتصاد العالمي - التي سجلت أسوأ نسبة نمو في 25 عاماً.
وقال المتحدث باسم المكتب الوطني للإحصاءات شينغ لايون «إن الاقتصاد الوطني حقق نموا معتدلاً، ولكن منتظماً وسليماً»، مضيفاً انه على ثقة من إمكانية تحقيق الهدف السنوي للنمو.
ولم تتأثر الأسواق بالأرقام، وأغلق مؤشر شنغهاي المركب تعاملات النهار بتراجع طفيف.
غير أن المحللين قالوا إن النمو تحركه استثمارات الدولة في البنى التحتية وتحسن أداء قطاع العقارات، ملمحين إلى احتمال صعوبة المحافظة على ذلك على المدى البعيد.
وقال كبير خبراء الاقتصاد لدى «جي.بي مورغان تشاينا» هابين تشو إن «الصين على طريق بلوغ هدف النمو لهذا العام». لكنه أضاف انه فيما الإنتاج الصناعي «قوي جدا» فإن استثمارات القطاع الخاص ضعيفة.
وبعد عقود من نمو سريع جدا يسعى صناع القرار إلى إعادة تنظيم الاقتصاد بدعم نمو أبطأ كمقايضة للحصول على إصلاحات بنيوية تضع حدا لاعتماد البلاد على الصادرات الرخيصة وللإنفاق الحكومي لصالح الاستهلاك المحلي. غير أن هذا الانتقال اظهر تحديات.
فالاستثمار في الأصول الثابتة، وهو مقياس الإنفاق في البنى التحتية، ارتفع بنسبة 9 في المئة في النصف الأول من العام وسط ارتفاع قياسي للائتمان في الربع الأول بهدف تحفيز الاقتصاد الصيني المتباطئ.
وسجلت استثمارات الشركات الخاصة زيادة تقل عن 3 في المئة في النصف الأول من العام، بحسب البيانات.
وألقى شينغ باللائمة في تباطؤ الاستثمارات الخاصة على القدرات الزائدة للصناعات التقليدية، والعوائق أمام الشركات الخاصة لدخول بعض القطاعات وصعوبة الحصول على قروض.
وقال توم رافيرتي من «ايكونوميست انتليجنس يونيت» إن «مستويات استثمارات الدولة التي رأيناها ليست مستدامة إذا كان السلطات جادة بشأن كبح مخاطر الدين».
وقال إن مصدر القلق الأكبر هو تراجع استثمارات الشركات الخاصة، في مؤشر على أن الشركات قلقة بشأن الاقتصاد الأوسع وان الصين «تخفق في تنفيذ إصلاحات السوق الموعودة».
وسجل إنتاج المصانع وإنفاق المستهلك نموا طفيفا، وارتفع الإنتاج الصناعي ما يزيد عن 6 في المئة منذ سنة في يونيو/ حزيران، بزيادة طفيفة عن الشهر الذي سبقه رغم أن مبيعات التجزئة ارتفعت أكثر بكثير من المتوقع.
وتأتي البيانات بعد تقارير متشائمة جديدة حول التجارة، أظهرت تسارعا في تراجع الصادرات والواردات في يونيو.
وقال كبير الخبراء الاقتصاديين في «سوسييته جنرال» لمنطقة آسيا-المحيط الهادئ في هونغ كونغ كلاوس بادر لوكالة فرانس برس «أعتقد أن ذلك عائد للتسارع الكبير لنمو الائتمان»، مضيفاً أن أرقام النمو «مخيبة للآمال قليلاً» بالنظر إلى حجم توسع الإقراض.
ويتم التشكيك عموماً بالأرقام الرسمية الصينية، وقبل بضعة أيام غيرت الحكومة طريقة احتسابها للنمو للمرة الثانية في اقل من عام.
وقالت مؤسسة الأبحاث «كابيتال ايكونوميكس» في مذكرة إن أرقام يوم أمس «يجب عدم التسليم بصحتها تماماً» بسبب الضغوط السياسية على المسئولين لتحقيق هدف النمو.
العدد 5061 - الجمعة 15 يوليو 2016م الموافق 10 شوال 1437هـ