يُعد جذب الاستثمار الأجنبي وتعزيزه والحفاظ عليه أمراً معقداً – لاسيما لأي اقتصاد في مرحلة نمو. وتوضح الأدلة حالة قوية للاستثمار الأجنبي المباشر: فيمكن للمستثمرين الأجانب توفير فرص عمل، واستقدام رأس المال والتكنولوجيا، ونقل المعرفة، ومساعدة الشركات المحلية على التكامل مع سلاسل القيمة المضافة العالمية، ودفع النمو الاقتصادي قدماً بصورة عامة. غير أن هذه الفوائد المحتملة لا تتحقق من تلقاء نفسها، وهي أيضاً ليست مضمونة.
ووفقاً لموقع"البنك الدولي"، هناك العديد من المتغيرات التي يكون لها تأثير عند دراسة استراتيجية الاستثمار الأجنبي المباشر والسياسات التي تستلزمها.وليس من الضروري أن يتم التعامل مع جميع أنواع الاستثمار الأجنبي المباشر على قدم المساواة، إذ يكون للأنواع المختلفة من الاستثمارات تأثيرات مختلفة يجب دراستها. على سبيل المثال، هل سيعتمد الاستثمار الأجنبي المباشر على استخراج الموارد الطبيعية وتصنيعها؟ أم هل سيجعل هذا الاستثمار البحث عن سوق لمنتجات وخدمات معينة يحل محل الواردات؟ أم هل سيركز الاستثمار على زيادة كفاءة الإنتاج وزيادة حجم الصادرات؟ ويتباين تأثير هذه الأمور جميعها على الأسواق المحلية تبايناً كبيراً.
إذن، كيف يتسنى لصناع السياسات استعراض هذه القرارات وضمان أن الاستثمار الأجنبي المباشر يساعد بلدانهم على التقدم ويحقق الاستفادة لشعوبها؟ والواقع أنهم بحاجة إلى وسيلة منطقية للربط بين أهداف الاستثمار والنتيجة النهائية لتلك الاستثمارات.
ولعل هذا هو السبب في وضع مجموعة البنك الدولي خريطة إصلاح الاستثمار، التي تقدم ثلاثة مفاهيم أساسية لمساعدة الحكومات على توضيح وضع بلدانها في الاقتصاد العالمي، وتحديد الأولويات، وتنفيذ رؤية البلد المعني على المدى البعيد على النحو التالي:
وسيكون لدى البلدان التي يمكنها تطبيق هذا الإطار على سياساتها ورؤيتها للاستثمار أساس منطقي لتنفيذ استراتيجية للاستثمار من شأنها أن تؤدي إلى تحقيق نتائج كبيرة. على سبيل المثال، لم تكن صناعة الفضاء في المكسيك موجودة في عام 2000، غير أنها تطورت اليوم إلى صناعة تحقق صادرات تبلغ قيمتها خمسة مليارات دولار، ويعمل فيها نحو 31 ألف شخص.
وتقوم وزارة الاقتصاد بتنسيق خطة وطنية تستند إلى نقاط القوة التي تتمتع بها مناطق معينة في البلاد.
ويمكِّن هذا الأمر الشركات المكسيكية، التي تُصنِّع مكونات مثل التصميمات الداخلية للطائرات ومقاعدها من تحقيق النمو جنباً إلى جنب مع الشركات العالمية الكبرى مثل شركة سيسنا، التي تُصنِّع المكونات الإلكترونية، وشركة هانيويل، التي تُصنِّع مكونات محركات الطائرات. بالإضافة إلى ذلك، تقوم الجامعات الحكومية بوضع برامج لتصميمات وهندسة الفضاء: إذ يتخرج 100 ألف مهندس سنوياً في المكسيك، مما يوفر عدداً كبيراً من العمالة المحتملة التي تتمتع بالمهارة من أجل تعزيز قدرة أنشطة الأعمال. كما تتمتع المكسيك بمزية الدخول إلى السوق الأمريكية – التي تستحوذ على 59 في المائة من سوق صناعتي الفضاء والدفاع في العالم. وبتحقيق نمو يبلغ 20 في المائة سنوياً في هذا القطاع منذ عام 2004، تتزايد الآمال في أن تحقق المكسيك هدفها المتمثل في وصول قيمة صادرات منتجات صناعة الفضاء إلى 12 مليار دولار بحلول عام 2020.
والواقع أنه لا يوجد حل واحد يناسب جميع حالات وضع سياسات فعالة للاستثمار. وقد يكون النهج الذي يحقق النجاح في أحد البلدان من أجل نوع واحد من الاستثمار في وقت معين بحاجة إلى مراجعة وتنقيح وإصلاح مستمر ليأخذ في الاعتبار التغيرات أو الظروف الفريدة التي تطرأ على الاقتصاد. وباستخدام إطار معين مثل خريطة إصلاح الاستثمار وتكييفه، فإنه يمكن للحكومات وضع سياسات تحقق النجاح في بلدانها. وفي عالم تتزايد فيه العولمة، فإنه ما من شك في أن للاستثمار الأجنبي دور كبير في دفع الاقتصادات النامية قدماً وربطها بالأسواق الأكبر حجماً. والسؤال الوحيد الآن هو كيف يمكن للحكومات استخدام الاستثمار الأجنبي على نحو استراتيجي لسد الفجوة في عدم المساواة على مستوى العالم وتعظيم الفوائد المتحققة لشعوبها.
شكرا للمحرر الاقتصادي على هذا الموضوع المهم.
و لكن هناك نقطة مهمة لم يتم ذكرها و هي الاستقرار السياسي في البلد و عدم اقحام السياسة في الاقتصاد و الا فان الرساميل ستهرب من البلد.
و كذلك فان عدد السجناء السياسيين يعطي صوؤة سيئة عن البلد و يقتل الاقتصاد.