ليست الخبرات هي من يتحكّم في شكل ومضمون حركة العالم، وبالتالي توجهاته، وما يتحقق. الأفكار من يفعل ذلك. ليس اليوم فحسب. ظلت الأفكار هي المُسيّر والمُحدِّد لكثير مما يتطلع إليه العالم. وحين نقول الأفكار فلأنها صنيعة التأمل والاضطلاع بالحاجات والوقوف على الغائب والنادر. الأفكار هي التي ترتب شأن البشر والعالم بعد تحققها وحضورها على الأرض ممثلة في مشاريع ومؤسسات تحفظ ولا تمحو، تثبت ولا تُزيل.
ربما تكون الأفكار البسيطة هي التي صنعت الإنجازات الكبيرة والعظيمة في العالم. الخبرات عامل مساعد من دون شك، ولكنها ليست الأساس في كل هذه التحولات والقفزات التي حققتها، وتحققها البشرية، منذ فجرها الأول واليوم وغدا. ويمكن القول إن الأفكار هي التي تعزز من الخبرات، وليس بالضرورة أن تكون الخبرات معززة للأفكار. لا تأتي الخبرات وتتراكم، وتكون ذات جدوى إلا بقدرة الإنسان على تجديد أفكاره وتجاوزها وعدم وضع حد أو نهايات لها. ومتى ما شاخت وهرمت الأفكار، يمكننا القول إن البشرية في طريقها إلى الشيخوخة أيضاً، ونادراً ما مرت البشرية بذلك الطوْر باستثناء سنوات الحروب والمجاعات والقلاقل التي تفسد استقرار الحياة والبشر، وبالتالي لا تجد مثل تلك الأفكار مكاناً لها وسط كل ذلك؛ إذ لا صوت سوى صوت المدافع والمجاعات والقلاقل.
وبالعودة إلى مسألة إن أبسط الأفكار هي التي خلقت الإنجازات العظيمة، تحيلنا إلى شواهد بيننا اليوم، واستدعاء لها من تاريخ طويل من تلك الإنجازات، التي لم تنطلق من خبرات، بل هي التي مهَّدت وراكمت وعمَّقت من تلك الخبرات، لتأتي أفكار بعدها تبني وتراكم عليها.
من الطب إلى الكيمياء إلى الهندسة إلى الوسائط الحديثة، وإن كانت الأولى تقوم على التجربة والاختبار والقواعد، لكن الأفكار لم تكن بمنأى عمَّا تم تحقيقه وإنجازه ضمن مجالها وفضائها.
حركة الاقتصاد في العالم، وتسويق المنتجات، والهيمنة على أسواق بعينها، ورواج منتج بعينه، كل ذلك تقف وراءه الأفكار. هي التي مهَّدت لحضوره، لتقوم الخبرات بتوطيد وتأكيد تلك الهيمنة.
وعلينا ألاَّ ننسى أن للبيئات دورها في تنشيط وتفعيل وحركية تلك الأفكار. فمثلما توجد بيئات حاضنة ومشجِّعة ومحفّزة على توالد واستمرارية تلك الأفكار، توجد أيضاً البيئات الطاردة والمنفّرة والمحاربة لمثل تلك الأفكار التي يمكن لها أن تصنع فروقات كبيرة في الحياة والسلوك والقيمة. قيمة الإنسان ضمن العالم من حوله.
ولكي تضمن تلك الأفكار استمرار توالدها تحتاج إلى ما يشبه الغذاء تماماً كالشجرة التي تحتاج إلى عناصر وجودها وتفرّعها وصولاً إلى ثمرها، وما يحفظ حياتها واستمراريتها.
من الأمصال التي حصنت البشرية من الأمراض والأوبئة مروراً بالآلات التي وفرت له أوقاتاً ينجز بها ما يجعل الحياة أكثر يسراً وسهولة، وانعطافاً على النظر والأفكار التي رتبت القوانين والدساتير التي تحمي الإنسان من الإنسان نفسه بالتأكيد على حقوقه وواجباته وصولاً إلى وسائل التواصل التي جعلت البشر وهم في أقصى بقعة من الأرض على تواصل وانفتاح ومعرفة بثقافاتهم وأفكارهم المتنوعة، وليس انتهاء بالأفكار التي تكرس حالاً من السلام والاستقرار الذي يفتقده هذا الكوكب.
بين هذه وتلك، علينا أن نضع أعيننا على البيئات الحاضنة والأخرى الطاردة لنكتشف الفرق بين الأفكار التي تُحيي وتلك التي تموت وتُميت قبل أن تجد طريقها إلى التحقق.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 5059 - الأربعاء 13 يوليو 2016م الموافق 08 شوال 1437هـ
اكثريات العالم وخصوصا العرب اتخدو الافكار الشيطانيه لقتل بعضهم بعض وهاده هو الي حاصل فى الدول العربيه المشتكى لله وقاتل الله الجهل هنيئا لك يا امريكا وبريطانيا حصلتين اليك اموال طائلة من العرب وبعتينهم السلاح لكى يتقاتلو لعبتينهه زين الله يهلك امريكا وحلفائها
الأفكار البناءة و الإيجابية لها دور كبير و فعال في بناء و تطوير و وازدهار الإنسان والأوطان .
الله يعطيك العافية على هذا الموضوع القيم .. كل ما نحتاج اليه في اعتقادي هو الارادة السياسية .. و البدأ من التربية والتعليم و نشر الوعي .. البحرين ممكن تكون نموذج يحتذى به لو تواجدت الارادة.
والله الموفق و المستعان,