ليس في ثقافتنا التخطيط للمستقبل، وليس من شيمنا النظر إلى المستقبل، بل نحن شعب يحبس نفسه، وبحماس متناهٍ في الماضي وفي الأمس. هذا ما يقوله الآخرون عنّا وهذا ما نؤكده لأنفسنا. فنحن لا ننظر أو نفكر في ما يمكن أن يحدث في المستقبل بخصوص أوضاعنا المعيشية والوظيفية، ولا نسأل أنفسنا باستمرار عمَّا يمكن أن نقوم به إذا فقدنا الوظيفة، وما تأثير ذلك على حياتنا وعلى عائلتنا وعلى أبنائنا؟!.
هل يستطيع أبناؤنا مواصلة الدراسة لو حصل لا سمح الله أي مكروه لنا؟ من سيدفع مصاريف العلاج لنا أو لأولادنا إذا دعت الحاجة مستقبلاً؟ هل ستكون عندنا الموارد المالية الكافية لدفع نفقات الدراسة لأولادنا إذا حصل لنا أي مكروه؟ وتلك المصاريف إن وجدت فلربما تغطي مصاريف التعليم حتى الدراسة الثانوية فقط. أما دفع رسوم الدراسة الجامعية فذاك موضوع أهم وأكبر. هل نستعد لذلك، أم يغيب ذلك عنَّا أيضاً، كجزء من عدم التخطيط للمستقبل الذي نُعرف به؟
نودُّ في هذا المقال بيان بعض الأمور المهمة في أمور التخطيط للمستقبل، المتعلقة بتعليم الأولاد، وخصوصا عندما يصلون إلى مرحلة الدراسة الجامعية، وكذلك التخطيط لتغطية الأضرار التي قد تتعرض لها منازلنا نتيجة ظروف طبيعية، ونتيجة تسرب المياه والأعمال الكهربائية وغيرها.
أما فيما يخص الأولاد فيمكن الحصول على بوليصة تأمين تتيح لهم أن يحصلوا على الرسوم اللازمة لمتابعة الدراسة في الجامعات، عندما يصلون إلى السن المناسبة. كما أن التأمين يمكن أن يغطي دراسة الأولاد حتى لولا سمح الله انتقل الوالد إلى بارئه قبل الأوان. وفي العادة تقوم شركات التأمين بعرض مجموعة من البرامج المناسبة التي يمكن اختيار ما يناسب الشخص، وحسب موازنته وتطلعاته من حيث الدراسة في نفس البلد أو في الخارج.
ونعلم تماماً أن بعض الأشخاص قد يقول إن الواجب الأول هو توفير الأكل والشرب والمسكن للأولاد، وأن الراتب لا يكفي لغير ذلك. وهذا أمر قد يكون صحيحاً، لكن المستقبل ومصلحة الأولاد يجب أن ينظر إليه باهتمام أيضاً، فإن أية مبالغ تدفع الآن للتوفير أو للحصول على التأمين هي استثمار في مستقبل الأبناء. ثم هناك أمر آخر يجب عدم إغفاله، وهو أننا في الغالب نقوم بالتبذير في الصرف لعدة أسباب، منها لتقليد الغير أو لشراء ما لا نحتاج إليه من أكل وشرب وسيارات وسفرات وغيرها.
وقد يكون القسط اللازم للحصول على بوليصة تعليم للأولاد معقولاً، إذا قورن بما ندفعه من مبالغ ولو صغيرة لأشياء لا نحتاج إليها. فكلنا ندفع مبالغ عندما نكون في السوبر ماركت لأغراض لا نحتاج إليها. وكلنا نطلب أكلاً من المطاعم وبكميات تزيد على حاجتنا مع أن الأكل متوافر في البيت. فالتوفير في هذه المصاريف يتيح لنا استخدام ما لدينا في أمور ذات فائدة أكبر لنا على المدى الطويل.
كما يجب ألاّ نغفل موضوع التأمين على المنازل ضد الحريق، وتسرب المياه وغيرها. فالقسط السنوي في العادة يكون معقولا. ولكن عندما تحصل بعض الحوادث مثل تسرب المياه وانقطاع في الكهرباء تسبب بعض الأضرار، فإن التصليح يكلف مبالغ كثيرة. ولكن في وجود التأمين فإن شركة التأمين تقوم بتغطية المصاريف اللازمة.
الجميع يقوم بالتأمين على السيارات؛ لأن ذلك مطلوب قانونا، ولكننا نغفل أمر تأمين البيوت؛ لأن ذلك غير مطلوب قانونا، مع أن المخاطر متشابهة. فعدم التأمين على السيارات قد يكلف الفرد الكثير عند حصول الحوادث، ومنها مصاريف تصليح سيارتنا وسيارات الغير المتورطة في الحادث، وكذلك التعويض حين وفاة أي شخص نتيجة حادث السيارة. ونفس الأمر يحدث عندما نغفل تأمين البيوت، فإننا نقوم بتحمل الكثير عند حصول الأضرار للمنزل أو عندما تزهق روح نتيجة لحادث في البيت. فالحاجة للتأمين على السيارة أو المنزل واحدة ومهمة. وفي التأمين توفير للكثير وحصر للنفقات والمصاريف. هذه بعض الأمور اللازمة للتخطيط للمستقبل، وهناك أمور أخرى يجب التخطيط لها، ونتمنى أن يتاح الوقت لتغطيتها في مقالات قادمة.
يكفي في خاتمة هذا المقال، أن نذكر ما هو حاصل من ذعر جراء الأنباء التي تتحدث عن تغيير نظام التقاعد في البحرين. أعداد كبيرة من العاملين وبعضها في أعمار ما قبل سن التقاعد، تتحدث عن تقاعد مبكر قبل دخول أية تعديلات في نظام التقاعد مرحلة التنفيذ. والكثير لا يدري ما يجب عمله. وهذا أكبر دليل على غياب التخطيط الشخصي للمستقبل.
إقرأ أيضا لـ "صالح حسين"العدد 5056 - الأحد 10 يوليو 2016م الموافق 05 شوال 1437هـ
بالفعل ملاحظات كاتب العمود مهمة وتستحق كل تقدير...
أولا .. موضوع جدآ جميل وتستحق الشكر والثناء عليه
ثانيا .. احنا اغلبنا ماحصلنا هشي من والدينا بما انهم مال اول شوي ويمكن طريقة تفكيرهم جدا قديمه مع احترامي لهم على تربيتهم وتعبهم لنا
ولكن بإمكاننا تغير هذا الشي لابنائنا لان اغلبنا يمكن واجه صعوبات في دراسته و عدم حصوله على الاهتمام الكافي لأن عدد الأخوة كبير و الححاله المادية محدودة للوالد
بس الحين الموضوع الي شاغلني كيف أوفر حياة كريمة لأبنائي
مع التفكير في انجاب ٣فقط لانه يتناسب مع دخلي المحدود لتوفير كل الاحتياجات
مقال أكثر من رائع .. شكرآ جزيلا على جهودكم التوضيحية يبو إياد