بيتر بيرجين كاتب مرموق. ولمن لا يعرف الرجل فهو أستاذ بجامعة أريزون ستيت، وفي نفس الوقت نائب لرئيس مركز «نيو أميركا» للأبحاث ومحلل لدى شبكة «سي إن إن» الإخبارية في مجال الأمن. وقد صدر لبيرجين قبل فترة قريبة كتاب بعنوان: «الولايات المتحدة الجهادية»، وهو عبارة عن دراسة في أوضاع وخلفيات المتطرفين الذين قاموا بعمليات إرهابية في الأراضي الأميركية.
هذا الرجل، قضى ردحاً من عمره وهو يتعَقَّب مسألة التطرف؛ كي يظفر بجواب واحد فقط، على سؤال، وهو: لماذا يقوم الإرهابيون بتلك الأعمال ليقتلوا من خلالها مدنيين وأشخاصاً لا يعرفونهم أساساً. ثم وبعد مسيره في ذلك البحث، توصَّل إلى سؤال وجهه إلى نفسه، وهو: هل إن الإجابة التي يبحث عنها ممكنة؟! إلى أن تبيَّن له أن أيّ تفسير سهل لما يقوم به أولئك النفر من أعمال إرهاب هو خاطئ حتماً.
وقد كَتَبَ الرجل في صحيفة الـ «نيويورك تايمز» مقالاً شرَحَ فيه مساعيه الحثيثة والدقيقة لاستكشاف الأسباب التي يجهلها. فهو أولاً وبمساعدة جَمْعٍ من الباحثين راجع أزيد من 300 ملف تشتمل على قضايا إرهاب جهادي وقعت في الولايات المتحدة الأميركية طيلة أكثر من عقد، والتقى عائلات المتهمين وأصدقائهم، وفي أحيان محددة بالمتهمين أنفسهم.
وعلى رغم أن واحداً من كل عشرة منهم لديه مشكلات عقلية فإن الأمر بدا أبعد من ذلك. فحتى مع وجود السِّمة الغالبة عليهم وهي الآيديولوجيا الدينية المؤطِّرة والمانحة لهم مساراً عمليّاً وعاطفيّاً ومعرفيّاً؛ كي يجنحوا نحو التطرف إلاّ أن هناك كوامن خفية ظهرت أن لها دفعاً قويّاً كي يقوموا بالأعمال التي قاموا بها، والتي كثيراً منها ذات صبغة خاصة: عائلية/ نفسية أو أمنيات.
يضرب مثلاً بالشاب الأميركي من أصل شيشاني، تيمور لنك تسارناييف، الذي نفَّذ وشقيقه تفجير ماراثون بوسطن قبل ثلاث سنوات. فهذا الشاب لم تكن لديه ميول إسلامية، فضلاً عن التزامه بالفروض العبادية التي لا يؤديها ألبتة. لكن ومن خلال البحث، تزامن تحوُّله نحو التشدُّد الديني بلحظَتَيْ عطالته عن العمل، وإخفاقه في أن يُصبح ملاكماً أولمبيّاً يظهر أمام الجمهور.
وقد وقف بيرجين على أمر نفسي دقيق في المسألة، وهو أن هذا الشاب اعتقد بأن قيامه بذلك العمل، وفي تجمع ماراثوني جماهيري، سيُحقق له أمنية خاصة تمناها كبطل تُصوِّره شاشات التلفزيون. ذات الأمر انطبق على شقيقه، الذي كان شارباً للخمر ومُدخناً للماريجوانا وله غرامياته مع الفتيات، ولم يكن له أدنى علاقة بالتديُّن سوى أنه كان خاضعاً لتأثير أخيه، فاتبعه في الفعل.
أما نضال حسن الذي كان يحمل رتبة رائد في الجيش الأميركي وقام بعملية إرهابية في فورت هوود بتكساس قبل سبع سنوات وقتل 13 من زملائه فقد ظهر أن دوافعه الأساسية (والماقبليّة) هي فقدانه لوالديه، وفشله في الزواج، وفي الحصول على أصدقاء صادقين ومنسجمين معه، ثم خوفه الشديد من الموت أو الإعاقة (أو حتى أصل الفكرة) بعدما صدر قرار نقله للعمل في أفغانستان.
أما عمر متين الذي قام بعملية إرهابية في ملهى ليلي خاص بالمثليين بأورلاندو فكان مثل مَنْ سبقوه. فهو أولاً كان مرتاداً لذلك الملهى المِثْلِيّ، ثم بدا أنه يحمل مشاعر كراهية تجاه المثليين، وخصوصاً أن هذا الشاب وبشهادة زوجته (التي استنطقها بيرجين) كان بذيئاً ولا يستطيع التحكم في مشاعره. وهنا قد فتح قوساً للتأكيد على مدى العلاقة السرية بين ذهابه للملهى وحنقه عليه وعلى مرتاديه!
وبحسب بيتر بيرجين فإن المحللين السلوكيين في مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي يختطون لأنفسهم مساراً في التحليل يقوم على التركيز على أنماط السلوك المفضية إلى العنف أكثر من الآيديولوجيا نفسها، التي يرون أن دورها ثانوي، وبالتالي اعتمادهم على التصرفات وليس الأفكار، كي يُحدِّدوا احتمالية قيام أحدهم بهجوم إرهابي. وهي الخلاصة النهائية التي توصلوا لها.
الحقيقة، أن ما قام به بيرجين هو عمل جيد يكشف صبره على البحث. لكن الأكيد أنه بَحَثَ قضية في أرض محددة لا يتحكَّم فيها الدين كثيراً وهي أرض الولايات المتحدة الأميركية. وأن العلاقة التي بين أؤلئك المتهمين والأفكار المتطرفة العابرة للحدود، التي ينفذها تنظيم القاعدة أو جبهة النصرة أو داعش هي علاقة عبر العالم الافتراضي في غالب الحالات. وهو ما يجعل الأمر ذا خصوصية.
ولو أتينا إلى حوادث الإرهاب في نيجيريا على سبيل المثال فسنجد أشكالاً مختلفة من الأفعال التي قد تقودنا إلى فهم الشخصية الإرهابية بطريقة أخرى. وربما حادثة اعتقال أحد قيادات هذا التنظيم العَدَمِيْ وهو بولاما مودو تُظهِر أنه لم يُصلِّ في حياته ولا يعرف كيف يُقرأ القرآن، لكن ما يُلفِتْ أيضاً أن كثيراً من ضحايا بوكو حرام هم من المسلمين وليسوا من المسيحيين فقط!
صورة أخرى من الموضوع والتي تُمثل الجانب الصلب فيه وهي مُسوِّغات استحلال الدَّم، وكلها ذات دوافع آيديولوجية وليست على النمط السلوكي أولاً كما اعتقد الأميركيون. وهي تبدأ من مُسمَّيات طائفية كما هو الحال بالنسبة إلى نظرة الأديان الأخرى كالمسيحيين والصابئة والأزيديين، أو للطوائف الإسلامية الأخرى كالشيعة الاثني عشرية والزيدية والإسماعيلية أو الدروز.
أو الموقف ممن يُسمّونهم المبتدعة كالصوفية، أو من بقية المسلمين الذي لا يقتنعون بالصيغة المتطرفة للتطبيقات الدينية. وهي ظروف يحتكم إليها الإرهابيون وبالتحديد داعش وجبهة النصرة ضمن مدار الشرق المليء بالتشظي الديني، والمتأسس على فتاوى التكفير التي تزخر بها الكتب، وتلهج بها الألسن، وهي باعتقادي المشكل الأساس في القضية لدينا. (وللحديث صلة)
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 5054 - الجمعة 08 يوليو 2016م الموافق 03 شوال 1437هـ
تعليق سريع
طالما وجد علماء دين يستبيحون دم الآخرين لمجرد اختلاف وجهات النظر في الاسلام فان التكفيريون سيتوحدون بيننا. لا مشكلة لدي ان يكفيني شخص بسبب معتقدي المشكلة اذا أفتي بحلية دمي. و اخيراً نحن لسنا ضعفاء ارفع رأسك انت من شيعة علي
لماذا يتآمر العالم على الشعب العربي السوري
المشكلة تكمن في الفكر التكفيري هو الوحيد الذي يقتل ويسفك دماء الأبرياء فيمن يخالفه العقيدة .. عقول صغيرة وقلوب مريضة. حفظنا الله منهم
الظناء التي تزهق في رقبة من يسمون أنفسهم رجال دين
وأنظمة يشجعون على القتل وسفك الدماء
الدماء
الجدير بالذكر ان عمار "وليس عمر" متين افغاني من الهزارة هو نفسه من الشواذ جنسيا كما ذكرت زوجته وانه مريض نفسيا ومدمن كحول ولكن العجيب انه علي علاقة بجهاز الف بي آي وفعل ما فعل بعد ايام قليلة علي مراسم دفن الملاكم البطل محمد علي .. لا استغرب شخصيانظرية المؤامرة ضد الاسلام
إذا كان من الهزاره
فهو......وليس ....حتي يسمع فتاوي التكفيريين كما يُسمونهم ولهذا التهم الصادرة ضد إ..... بأنها هي راعية الإرهاب وهي من صنعت داعش بالتعاون مع الاستخبارات الامريكيه والروسيه هي تهم صحيحه وخصوصا إذا أخذنا علاقة عمار متين بجهاز ال إف بي آي الامريكي وخلفيته الغير سويّه
لأننا ............ هو الجواب ببساطة. عن الرسول الأكرم (أنتم المستضعفون بعدى)
هناك فرق بين الضعيف والمستضعف -؟؟
هل انت ضعيف لو مستضعف ؟؟؟
قال مستضعفون ، اذا دافعوا عن استضاعفكم وما المبرر ان يبقى استضاعفكم الى يوم القيامة ؟؟؟
وانتم ليس ضعفاء ، المؤمن قوي مثل الجبل ما تهزه ريح وعاصفة ولا يأس ولا استسلام ؟؟
اما سمعت قول الله تعالى في كتابه الكريم ، لما قالوا كنا مستضعفين .
قال تعالى : " الم تكن ارض الله واسعة فتهاجروا فيها" يعني لم ترضون بهذه الحياة وتستسلمون لها هاجروا وقوموا على تحسين حياتكم وابحثوا لكم عن حياة افضل الى ان تتحسن حياتكم .
يعني هذه ليست اعذار تتلحفون بها ؟
دار حديث مع زميلي في العمل عن نفس الموضوع . وعليك التفسير ؟؟؟
تدري ماذا قال لي بصراحة وبدون مواربة او مجاملة
قال : انا اتعامل واتزوج من يهودية ومسيحية وبوذية لكن منكم اي الشيعة لا ؟؟؟؟
قلت له لماذا ؟؟؟
قال لانكم ليس اصحاب كتاب ؟!
بدون رتوش ولا مجاملة وزمالة عمل ؟
قلت له انا معاك 4 سنوات ماذا رايت مني امامك اقوم بالصلاة وآكل من اكلك واشرب من شربك وقد ذهبت الحج والعمرة والبحرين في مساجدنا وتسمع الاذان منها ، فلا بد خرج شئ على حركات يدي وفلتات لساني طوال 4 سنوات ؟
قال هذه كلة تقية الشيعة طوال 4 سنوات معاشرة وزمالة عمل ؟؟ بماذا تفسر هذا يا استاذ ؟؟؟
هو علي حق
غيره زامل وصاحب وصادق وأكلوا مع بعض أكثر من خمسه وعشرين سنه ( أكثر من ٢٦) وبعد ذلك طلع علي حقيقته ياللأسف
ومع أكثر من واحد
وهذه حقيقه ليست قصه من الخيال، إنتوا تعبدون الاجنبي (أيّاً كانت جنسيته حتي لو بنغالي أو هندي أو باكستاني ) وتتآمرون علي البحريني مهما كان صديق مقرب لكم ومهما إمتدت فترة الصداقه أو الزماله في حين تقولون غير ذالك بأفواهكم
اتفق وياااه
\nاني شفت المر لي وياي بس لأن ابويي يشتغل بالداخلية
\nوالله العظيم لي اقوله صدق
اني اسمع لي ويايي
اول ما تدش المعلمه على القسم
قالوا هدي شكلها ....
والله تحقدون عليهم
وبعد اذا هي من المواطنين الجدد راحت على ...
حتى لو وحده منهم بتصير زينه وياها قاموا عليها
استاذي العزيز. هذه الدراسات لاناس ليست لديهم أية قدرة للتغيير او التطوير من امثالك و امثالي. اما من بيده القدرة و السلطة فلا يتعب نفسه في التفكير أو قراءة مثل هذه الدراسات. مشكور علي الدراسة و مع السلامة وضعناها فوق الرف.
الكاسر
بختصار لو المقلد تبعك اصدر فتوة بقتل مرتد
ماذا سيكون على عوام الناس ( السواد الأعظم )
طبعا ملاحقت المرتد وقتلة لا فية ثواب ودخول الجنة
هادا ما اله له شيوخ التكفريين قتل النفس البشرية لدخول الجنة
أتصور أن التحليل النفسي لوحده لا يستطيع الكشف عن دوافع الإرهاب، فالقول بأن البطالة والإدمان والاغتراب دوافع أساسية قد يكون صحيحاً، ولكن الدافع يبقى محفزاً للفعل فقط، وتبقى حلقة مفقودة ينبغي إيجادها بين الظروف الاقتصادية المتردية، والقيام بعمل مجنون يذهب ضحاياه أبرياء، فهناك ملايين العاطلين والمدمنين والباحثين عن الشهرة معاً، وبالتالي فالسؤال هو: مالذي دفع فلاناً على وجه التحديد لتنفيذ عملية إرهابية؟ أعتقد أن التفسيرات المقدمة في المقال قاصرة عن الإجابة عن هذا السؤال الهام وتحليل ظاهرة الإرهاب
باختصار.. انه "مدار الشرق المليء بالتشظي الديني، و (المتأسس) على فتاوى التكفير التي تزخر بها الكتب، وتلهج بها الألسن". من ينكر؟!