العشاء البارد... قائمة أصدقاء يختلون لك... موسيقى تختصر الوجع من كربلاء إلى الغدر الأقل. ولا غدر أقل في نسيج العلاقات البشرية. غُربة الأم مُنشغلة برائحة قميص الذي لن يعود. أوديسة البشر التي يتناسل أبطالها وجبناؤها... قتلتها ونبلاؤها... الشهامة فيهم والجِيَف... الشمم والهاويات... التورُّط بالاغتراب، ورفاهية الصحو على وطن هو بمثابة السُرَّة وهواء الله! نص يكتمل على رائحة الغاز، والطائرات السمتية، والعسَس، والاستجواب امتثالاً لحاسة عدم الارتياح للملامح! الأسوار الغليظة تُحاصر حقلاً تحرسه الوردة، وسماء لا تمَلُّ من الرعاية والتفقُّد. غُربة الكائن البشري وهو يبحث عن حيّز صرخة لا تُرتِّب له تهمة إهانة عَلَم دولة أو نشيد وطني. فقط حاجته إلى أن يصرخ، فتلك هي إمكاناته في فضاء من الأسلاك الشائكة. الغريب الذي يُحصي قهقهات الذين غادرهم بطوفان من الحرْقة والدموع. دموع لو قُدِّر لها أن تجتاح حقلاً لأصبح قاعاً صفصفاً.
السجين الذي يختزل العالم من نافذة مشهدها الأسوار وغلْظة الأسمنت والحرس الغرباء على المكان والوقت. الحزن وهو يتلألأ كبرياء وذهباً في عين أرملة، وثمة من يترصَّد ثروتها في العالم: طُهْرها. الشاعر وهو يُحصي خياراته كي يربح العالم. المُحتضَر والحياة تتراءى له كغفوة كابوس. لها درسها اللانهائي، وله حيِّز من مكان سيأوي إليه رفقة صمت أبدي. النص وهو يشحن صاحبه بطاقة البدء. السياسي في رهانه المفتوح على خيباتنا. الكهنة الذين يتاجرون بخطايانا وعصْمتنا أيضاً. دول الكانتونات المفتوحة على الانفجار السهْل والمجَّاني. فكاهة الجريح وهو يروي عصَب المذبحة. أثرياء المصادفة وغفلتنا والطِّيبة. ما تبقَّى للبشر من ماء الوجود، وهو يسفح أمام إضبارات تعجُّ بالظنون.
الاعتذار المُكلَّل بالانكسار الجميل. النوايا المفتوحة على السذاجة والغفلة، تتلقَّى طعنات الفخاخ. الصبر الذي يمنحنا سُحْنة الجبل وصلفه وزهْوه. البدايات المخمورة نرتطم بنهاياتها! قراءة «والفجر» وأنت معصوب العينين، كأنك لم تُغادر رحم أمك بعد. المدنية التي نشهد وهي تدفع رعاياها المذعورين إلى التشبُّث بمنجاة بدائيتهم. البدائية التي لم تسء إلى المجموع البشري.
الأبراج التي تحاول أن تُمرِّر لنا قامات من الأسمنت؛ فيما الإنسان في الدرك الأسفل من الغياب. للأضرحة التي تجد عندها طمأنينة العالم المُفتقدة، في ظل هذا الموت المفتوح على أكثر من احتمال؛ باسم الحياة.
هي مآدب الخذلان والخيبة، تلك التي لم تنفك تذكِّرنا بسذاجة تَسَع العالم: كل نص لا نبض فيه، وينأى بنفسه عن الانحياز للمقهور والغريب والتائه والمُستلب، والجائع، والعاشق الجريح بقهره، والآمل المفجوع، واليائس في ثقته، هو وقود لكل تجاوز وسطوة في هذا العالم الموبوء بأشباه البشر قبل أن يكون موبوءاً بالكوليرا والإيدز والخنّاق والزهايمر!
هي موائد الخذلان، تلك التي تجمعنا بالبرص والجذام والسل والطاعون في هيئة مخلوقات تنتمي إلى الجنس البشري في لحظة سهو وغفلة وتراخٍ منا. ولن نكون كافرين حين نتساءل بإيمان: كيف تسلل كل أولئك إلى هذا العالم؟!
هي موائد الخيبة، تلك التي تتركنا في مهبِّ وعود، منها الحدُّ الفاصل بين الرئة والهواء الفاسد. نحن ضيوف الهواء الفاسد في غياب ضروري لرئة أحياناً! نحن الضيوف المقيمون على مآدب الخذلان... الخيبة!
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 5054 - الجمعة 08 يوليو 2016م الموافق 03 شوال 1437هـ
مافي حل خلاص ......
المجرمين من الأغنياء والناس غير الاسوياء هم السبب فيما يحدث والسكوت عنهم سيقود إلى تدمير العالم
كل المجرمين من الحكام والأغنياء والناس الغير اسوياء هم السبب في كل ما يحصل
بإختصار : كُل كلمة ، لم تُناصِرْ المظلومين و المقهورين في هذا العالم .. أصبحت شريكةً في هذهِ الجريمة ـ المسلسل/الفائض في الإستمرارية !
دُمت مبدعاً ، أستاذ جعفر الجمري.