أظهر مسح نشر أمس الخميس (7 يوليو/ تموز 2016) أن ثقة المستهلكين البريطانيين هبطت بأسرع وتيرة في 22 عاما بعد أن صوت الناخبون في استفتاء الشهر الماضي لمصلحة الانسحاب من الاتحاد الاوروبي، حسبما نقلت صحيفة "القبس" الكويتية.
وأشار المسح الذي أجرته شركة جي إف كيه لأبحاث السوق ونشرته صحيفة ديلي تلغراف الى أن معنويات المستهلكين هبطت إلى -9 في أعقاب الاستفتاء الذي اجري في 23 يونيو من -1 في المسح الشهري السابق، وهو ما يمثل أكبر هبوط في الثقة منذ ديسمبر 1994.
الإسترليني
قال كبير المستشارين الاقتصاديين في مجموعة أليانز الألمانية محمد العريان إن على الساسة البريطانيين التحرك بصورة عاجلة وتنظيم صفوفهم بعد التصويت لمصلحة خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي، مضيفا أنهم إذا فشلوا في التوصل إلى خطة بديلة موثوقة بشأن اتفاق تجارة حرة فإن الجنيه الاسترليني قد يهبط نحو سعر التعادل مع الدولار.
وقال العريان: إن بريطانيا تواجه المزيد من الغموض الذي يكتنف البنية الهيكلية لاقتصادها وانخفاض وتيرة النمو الاقتصادي وارتفاع مخاطر الانزلاق إلى الركود بعد التصويت.
وأضاف كبير مستشاري أليانز التي تدير أصولا بقيمة نحو 1.3 تريليون يورو (1.4 تريليون دولار) أن الكثير من الأمور يعتمد على قدرة الساسة على تقديم خطة بديلة سريعة وموثوقة لعضوية الاتحاد الأوروبي، والتي تشمل اتفاقا للتجارة الحرة مع التكتل.
وتابع: بعد الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على المملكة المتحدة أن ترتب أمورها السياسية على وجه السرعة بما يشمل تعيين رئيس وزراء جديد قادر على التفاوض بفاعلية مع الاتحاد الأوروبي.
وأضاف: الخطة البديلة تعتمد على الساسة في لندن وعلى جانبي القنال، لكن حتى الآن لم يرقوا لمستوى مسؤولياتهم الخاصة بالإدارة الاقتصادية.
وهبط الاسترليني لأدنى مستوى له في 31 عاما الأربعاء الماضي منخفضا إلى ما دون 1.28 دولار. وتم تداول العملة البريطانية بسعر 1.50 دولار في 23 يونيو يوم الاستفتاء على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي.
وقال العريان: أرى أن الاسترليني يواجه ضربة مزدوجة مع عدم وجود دفاعات قوية.
وأضاف: هناك مخاوف تتعلق بموازين المعاملات الجارية والمعاملات الرأسمالية بسبب الغموض الذي يكتنف مستقبل العلاقات التجارية وتدفق الاستثمارات مع عدم قدرة بنك انكلترا المركزي على تقديم مبررات لرفع معدلات الفائدة.
وقال: القيمة المستقبلية للاسترليني تعتمد على كيفية وسرعة تبديد الغموض الذي يكتنف البنية الاقتصادية – فإذا تأخرت الخطة البديلة و/أو لم تحتو على الكثير من الترتيبات الخاصة بالتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي فليس من المستبعد أن يتجه الاسترليني نحو سعر التعادل مع الدولار.
وأضاف: لكن إذا تم التوصل لاتفاق بين المملكة المتحدة وشركائها الأوروبيين على ترتيب جديد يسمح بممارسة ما يكفي من التجارة الحرة فقد ينتهي المطاف بالاسترليني إلى الارتفاع عن مستوياته الحالية.
لاغارد
اعتبرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد من غير المرجح حدوث انكماش اقتصادي عالمي نتيجة بريكست، لكنها دعت بروكسل الى توخي الشفافية ازاء خيبة امل البريطانيين باختيارهم الخروج من الاتحاد الاوروبي، في حديث حصري مع وكالة فرانس برس.
وقالت لاغارد، رداً على سؤال حول وطأة اختيار البريطانيين الخروج من الاتحاد الاوروبي: انه من مصادر المخاطر الرئيسية في الوقت الحاضر، لكننا نرى ان الاحتمال ضعيف بحصول انكماش عالمي.
ورأت ان التبعات الآنية لبريكست ستظهر اولا في بريطانيا، مع انعكاسات في منطقة اليورو، وحضت البريطانيين والاوروبيين على التوصل في اسرع وقت ممكن الى تفاهم حول جدول زمني للخروج من اجل انهاء حالة الغموض.
وقالت المسؤولة، التي باشرت تفويضها الثاني لخمس سنوات على رأس صندوق النقد الدولي: ان الكلمة المفتاح في قضية بريكست هذه هي الغموض، وكلما استمر هذا الغموض، ازدادت المخاطر.
واعتبرت من جهة اخرى ان التصويت للخروج من الاتحاد الاوروبي يكشف عن خيبة امل ناجمة عن تعقيدات المؤسسات الاوروبية وعدم وضوح عملها.
وقالت: على الاتحاد الاوروبي بذل جهود اكبر بكثير ليشرح بمزيد من الشفافية ما يفعله، وما يعنيه ذلك بالنسبة للمواطنين، وكلفة عمله وفوائده.
لكنها دعت دول الاتحاد الاوروبي الى التوقف عن توجيه اللوم الى بروكسل على كل الاخفاقات. وأقرت لاغارد، وهي وزيرة الاقتصاد الفرنسية السابقة بين 2007 و2011، «رأيت ذلك بنفسي، ومن المحتمل ان اكون انا نفسي ارتكبت هذا الخطأ».
ولفتت الى امكانية ان يكون القرار، الذي اتخذه البريطانيون في استفتاء في 23 يونيو، على ارتباط بطبيعة الاستفتاءات الشعبية نفسها، حيث ان الناخبين غالبا ما لا يجيبون على السؤال المطروح عليهم.
واوضحت انه مهما كان السؤال بسيطا، فان الناس يتمسكون بالمواضيع الاكثر إلحاحا برأيهم.
ورغم الغموض المحيط بالوضع الاقتصادي، ابدت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي تفاؤلا، مشيرة الى ان خروج بريطانيا قد يشكل حافزا يدفع دول الاتحاد الاوروبي الى ترسيخ تكاملها الاقتصادي.
محضر اجتماع
أعرب حكام البنك المركزي الاوروبي عن قلقهم بشأن حالة البنوك في منطقة اليورو وتداعيات تصويت البريطانيين للخروج من الاتحاد الاوروبي، بحسب ما اظهر محضر آخر اجتماع للحكام كشف عنه الخميس الماضي.
وعقد الاجتماع في فيينا في الثاني من يونيو قبل ثلاثة اسابيع من تصويت البريطانيين في 23 يونيو على الخروج من الاتحاد الاوروبي.
وجاء في المحضر انه «في حال صوتت بريطانيا على الخروج من الاتحاد الاوروبي، فيمكن ان تكون لذلك تداعيات خطيرة سلبية يصعب التكهن بها على منطقة اليورو في عدد من المجالات ومن بينها التجارة والاسواق المالية».
ومن الامور الاخرى التي تقلق حكام البنك جهود البنوك في منطقة اليورو لتصحيح ميزانياتها العامة، التي قال البنك انها عملية «مضنية»، ولكنها «ستسهم بشكل كبير في تعزيز الانتعاش الاقتصادي في منطقة اليورو».
وشددوا بصورة خاصة على وجوب معالجة مسألة ما يسمى بالديون المشكوك في تحصيلها، التي اصبحت اكثر الحاحا في الاسابيع الاخيرة بعد ان سعت ايطاليا الى الحصول على تصريح من السلطات الاوروبية لتقديم المساعدات المالية والضمانات لبنوكها التي ترزح تحت ديون سيئة بقيمة 360 مليار يورو (399 مليار دولار).
كما جدد حكام البنك المركزي الاوروبي دعوتهم لحكومات منطقة اليورو، لبذل المزيد من الجهود لدعم النمو والتوظيف، وقالوا ان «هذا وقت مناسب لتعزيز الاستثمارات في القطاعين العام والخاص». وتنشر محاضر الاجتماعات بعد اربعة اسابيع من عقدها.
الفائدة
أظهر محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) في يونيو والذي نشر الأربعاء الماضي أن أعضاء لجنة السياسة النقدية بالمجلس قرروا خلال الاجتماع أن رفع أسعار الفائدة سيظل معلقاً إلى أن تتضح عواقب تصويت بريطانيا لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وأظهر محضر الاجتماع الذي عقد يومي 14 و15 من يونيو قبل الاستفتاء البريطاني الذي أجري في 23 من يونيو قلقاً واسعاً إزاء الاستفتاء بما في ذلك بين الأعضاء أصحاب حق التصويت في لجنة السوق المفتوحة بالمجلس والتي تقرر أسعار الفائدة.
وقال محضر الاجتماع: اتفق الأعضاء بوجه عام على أنه، قبل تقييم ما إذا كان هناك مبرر لخطوة أخرى لإزالة التيسير النقدي،من الحكمة التريث لحين ظهور مزيد من البيانات بشأن عواقب استفتاء المملكة المتحدة.
وأظهر أيضاً أن أعضاء اللجنة أشاروا كذلك إلى تباطؤ شديد في التوظيف كسبب لترك أسعار الفائدة من دون تغير الشهر الماضي.
وأثار الاستفتاء البريطاني، الذي أصاب المستثمرين والسياسيين بالصدمة، القلق في الأسواق المالية ودوائر صنع السياسة في أرجاء العالم لأسباب منها أن اتفاق بريطانيا والاتحاد الأوروبي على قواعد جديدة بشأن المالية والتجارة والهجرة قد يتطلب أعواماً.
وقبل الاستفتاء كان مجلس الاحتياطي الاتحادي قد أشار بالفعل إلى أنه من المرجح رفع أسعار الفائدة مرتين هذا العام في الولايات المتحدة. لكن عددا من أعضاء المجلس قالوا بعد الاستفتاء إن الغموض يتطلب نهجا حذرا.
النقل الجوي
قال المدير العام لمجلس المطارات الدولي لمنطقة أوروبا إن الاضطراب السياسي الذي أطلقه تصويت البريطانيين لمصلحة خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي قد يضر بالطلب على النقل الجوي في وقت لاحق من العام.
وتضررت بشدة أسهم شركات طيران أوروبية كبيرة مثل إيزي جت وايه. آي. جي المالكة للخطوط الجوية البريطانية وريان إير منذ الاستفتاء البريطاني نظرا للمخاوف بشأن الطلب على السفر ومدى تأثر حقوق الطيران.
واستبعد مجلس المطارات الدولي في تقريره الشهري أن يؤثر التصويت في مستويات النقل الجوي الأوروبي بشكل عام هذا الصيف.
وقال أوليفر يانكوفيتش: رغم ذلك فإن عدم الاستقرار والغموض السياسي في بريطانيا وخارجها يضر بالفعل بثقة الشركات وقد يضر أيضا في نهاية المطاف بثقة المستهلكين، مما سيؤثر بدوره على الطلب على النقل الجوي في وقت لاحق من العام.
ويخطط ثلاثة في المئة من البريطانيين الذين أجروا حجوزات لعطلات الصيف إلى إلغائها نظراً للمخاوف بشأن قيمة الجنيه الاسترليني بحسب نتائج مسح أجراه موقع ترافيلزو الإلكتروني بعد الاستفتاء.
وقال مجلس المطارات الدولي لمنطقة أوروبا إن بيانات مايو أظهرت تأثير الهجمات والتوترات الجيوسياسية. وانخفض عدد المسافرين إلى تركيا 8.2 في المئة وإلى روسيا 6.5 في المئة.
وأضاف: ان عدد المسافرين عبر مطارات الاتحاد الأوروبي ارتفع 5.5 في المئة في مايو لكنه انخفض 2.5 في المئة في المطارات خارج الاتحاد.