يستقبل المسلمون رمضان بلهفةٍ واشتياق، ويودّعونه بحزن وحنين، فقد كان ضيفاً خفيف النزول، جميل المعشر، حلّ وارتحل في طرفة عين.
في هذا الشهر الفضيل، تُغلّ الشياطين، وتفتح السماء أبوابها لتتنزّل شآبيب الرحمة والمغفرة، وتتفتح القلوب لتلقّي قيم التسامح والمحبة والتراحم، وتتسابق النفوس لفعل الخيرات طمعاً بالأجر والثواب. وتفتح المجالسُ لاستقبال ضيوف القرآن كل مساء، وتستقبل المساجد جموع المصلّين المتعبّدين.
في رمضان المبارك، يفتتح المسلمون كل مساء بأدعيتهم المأثورة: «اللهم إني أفتتح الثناءَ بحمدك، وأنت مسدّدٌ للصواب بمنّك. وأيقنت أنك أرحم الراحمين في موضع العفو والرحمة...». ويردّدون في كل قنوتٍ، برغبةٍ جماعيةٍ ملؤها الرحمة والمحبة تعكس روح الألفة بين المسلمين: «اللهم اغنِ كل فقير. اللهم أشبع كل جائع. واكسُ كلَّ عريان. واقضِ دَيْنَ كلِّ مدين. وفرّج عن كل مكروب. وردّ كل غريب. وفكّ كل أسير. واشفِ كل مريض. وأصلح كل فاسدٍ من أمور المسلمين. اللهم اقضِ عنّا الدَيْن واغننا من الفقر إنك على كل شيء قدير».
هذا هو جوهر الحضارة الإسلامية، التي تدور حول قيم الرحمة والمحبة والتسامح والتكافل، خذوها من مصادرها الأصلية، في الكتاب الكريم والسنة النبوية. فالوحي يؤكد «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين». والموحّى إليه (ص) يؤكّد: «إنما أنا رحمة مهداة»، وكان يخاطب تلك القبائل المتقاتلة على الماء والكلأ، يُغير بعضها على بعضٍ من أجل السطو والسرقة، بقوله: «لقد جئتكم بالحنيفية البيضاء».
هذا العام، ومع اقتراب الشهر الكريم من ختامه، وفي حادثةٍ نادرةٍ في التاريخ الإسلامي، يتجرّأ أشخاص على الاقتراب من حرم المسجد النبوي الشريف، وينفّذون عمليةً إرهابيةً، يقتلون فيها عدداً من رجال الشرطة أثناء جلوسهم لتناولهم طعام الإفطار، في ساعةٍ يُستجاب فيها دعاء الصائمين، اختارها هؤلاء القتلة لتنفيذ جريمةٍ دموية على بعد عشرات الأمتار من مرقد النبي الأعظم الذي أرسل رحمةً للعالمين.
هذا العام، سيذكره المسلمون بحزنٍ، لكثرة ما وقع فيه من جرائم ارتكبها التكفيريون بحقّ هذه الأمة المرحومة، فخطّطوا ودبّروا أمورهم بليل، لسفك دماء أكبر عددٍ من أمة محمد (ص)، بدءاً من مدينته المنورة، مروراً بجدة غرب السعودية، والقطيف شرقها، إلى الكويت وبغداد ودمشق ولبنان واسطنبول وطهران... انتهاءً بدكّا، عاصمة بنغلاديش في شرق العالم الإسلامي.
في هذا العام، اكتسى العالم الإسلامي ثياب الحداد، حزناً على أرواح الضحايا، الذين سقط أغلبهم في بغداد، في حادثٍ إجرامي مروّع، كان أغلب ضحاياه من الأطفال والنساء الذين كانوا يتسوّقون في ليلة عيد قريب. وتسأل عن جرمهم الذي ارتكبوه، ليستحقوا هذه الطريقة الوحشية من القتل، فلا ترى غير الفكر الضال، لمن وصف الرسول (ص) ملامحهم قبل أربعة عشر قرناً: «يخرج في آخر الزمان قومٌ أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول الناس، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية». وهو حديثٌ معروفٌ لدى عامّة المسلمين.
رحم الله هذه الأمّة وحفظها من كُلِّ شرٍّ ومكروهٍ وفتنة، وأعاد إليها عزَّها ووحدتها، ومجدها وسؤددها، وألفَتها ومحبّتها.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 5051 - الثلثاء 05 يوليو 2016م الموافق 30 رمضان 1437هـ
ظكل عام وأنتم بألف خير. رغم كل شيئ. ..
كل عام وامة محمد بخير وصلاح وسلام
ولكن لا نملك الا الامل والتفائل ان يعود العيد والامة الاسلاميه بحال افضل ..
الله يعيده علينا وعليكم عيد محبة وسلام كما كان
ينتقمون لجدهم احنا ندري لسنا اغبياء انزين وين جدهم