أكد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز أمس الثلثاء (5 يوليو/ تموز 2016) أن المملكة «عاقدة العزم» على الضرب بيد من حديد على كل من يستهدف عقول وأفكار وتوجهات شبابنا، داعياً المجتمع الدولي أن يكون شريكاً «في محاربة هذا الفكر الضال».
وقال العاهل السعودي في كلمة للمواطنين والمسلمين في كل مكان بمناسبة عيد الفطر المبارك قام بإلقائها وزير الثقافة والإعلام، عادل بن زيد الطريفي، وبثتها وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) مساء أمس «إن المملكة عاقدة العزم على الضرب بيد من حديد على كل من يستهدف عقول وأفكار وتوجهات شبابنا الغالي»، مشدداً «على المجتمع أن يدرك أنه شريك مع الدولة في جهودها وسياساتها لمحاربة هذا الفكر الضال».
وأشار الملك سلمان إلى أن الحكومة السعودية تستهدي «بتعاليم ديننا الإسلامي الذي يعصم الدماء والأموال، مستشعرين موقعنا في قلب العالم الإسلامي، وتشرفنا بخدمة الإسلام والوقوف بجانب المسلمين في أرجاء المعمورة، والدفاع عن قضاياهم المشروعة وفي مقدمتها قضية فلسطين».
وقال الملك سلمان بن عبد العزيز في كلمته «إن ما يشهده العالم الإسلامي اليوم من فرقة وتناحر يدعونا جميعاً إلى بذل قصارى الجهد لتوحيد الكلمة والصف، والعمل سوياً لحل مشاكل الأمة الإسلامية ونصرة قضاياها».
وأكد أن أكبر «تحد تواجهه أمتنا الإسلامية هو المحافظة على ثروتها الحقيقية وأمل مستقبلها وهم الشباب من المخاطر التي تواجههم وبخاصة الغلو والتطرف واتباع الدعوات الخبيثة المضللة التي تدفعهم إلى سلوكيات وممارسات شاذة وغريبة تتنافى مع الفطرة السوية، ومع مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف، وثوابت وقيم مجتمعاتنا الإسلامية».
وقال العاهل السعودي «أدعوكم جميعاً عشية يوم عيد الفطر السعيد للتفاؤل والأمل بمستقبل أفضل وغد مشرق».
وكان المتحدث الأمني لوزارة الداخلية السعودية، اللواء منصور التركي أعلن أن رجال الأمن في المسجد النبوي في المدينة المنورة، غرب المملكة، منعوا انتحاريي المدينة من الوصول إلى مسجد رسول الله وتفجير نفسهما وسط المصلين والزوار.
كما أعلن اللواء منصور التركي الليلة قبل الماضية العثور على ثلاثة جثث عقب قيام أحد الانتحاريين بتفجير نفسه في محافظة القطيف، شرق السعودية.
وأثارت هذه التفجيرات استنكاراً شديداً في العالم الإسلامي.
ولم تتبن أي جهة التفجيرات لكن تنظيم «داعش» سبق وأن دعا إلى شن هجمات خلال رمضان وأعلن مسئوليته أو نسبت إليه مسئولية موجة هجمات وتفجيرات في أورلاندو وبنغلاديش وإسطنبول وبغداد.
وقالت الداخلية السعودية في بيان أمس (الثلثاء) إن الانتحاري الذي «فجر نفسه بحزام ناسف داخل مواقف مستشفى الدكتور سليمان فقيه» القريب من القنصلية الأميركية في جدة «بعد اشتباه رجال الأمن في وضعه وتحركاته المريبة ومبادراتهم باعتراضه للتحقق منه» هو «المقيم عبدالله قلزار خان باكستاني الجنسية».
وأضافت أن الانتحاري يبلغ من العمر 35 عاماً و»يقيم في مدينة جدة مع زوجته ووالديها بعد أن قدم إليها قبل 12 عاماً للعمل كسائق خاص».
ويعمل في السعودية ملايين الأجانب معظمهم من الدول ذات الغالبية المسلمة في الشرق الأوسط وآسيا.
عملية غير مسبوقة
وندد مجلس الشورى السعودي بالهجمات الثلاثة.
وقال رئيس مجلس الشورى، عبد الله آل الشيخ في بيان إن «العملية الانتحارية التي نفذها أحد الإرهابيين في محيط الحرم النبوي الشريف تعتبر سابقة في الفساد في الأرض».
كما أكدت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء أن التفجيرات «تؤكد أن هؤلاء الخوارج المارقين من الدين، والخارجين على جماعة المسلمين وإمامهم؛ قد تجاوزوا كل الحرمات وليس لهم دين ولا ذمة».
من جهته دان الأزهر بشدة «التفجيرين الإرهابيين» بالمدينة المنورة وقرب المسجد في القطيف.
«لا خطوط حمر»
وقال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف في تغريدة على «تويتر» باللغة الإنجليزية «لم يعد هناك خطوط حمر للإرهابيين. السنة والشيعة سيكونون ضحايا إن لم نتحد».
وأضاف الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي أن إيران «تدين بشدة الإرهاب بكل أشكاله وفي كل مكان في العالم».
من جهته، ندد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بـ «هذه الجرائم الدنيئة التي نفذت في وقت يستعد فيه المسلمون للاحتفال بعيد الفطر».
كما دانت الخارجية اللبنانية الهجمات في السعودية مؤكدة تضامنها مع المملكة.
بدوره، ندد العراق بالتفجيرات معتبراً أنها «تبين انحراف وشذوذ الفكر الذي تحمله العصابات التكفيرية كداعش وغيرها من التنظيمات المتطرفة».
ودان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد ابو الغيط التفجيرات معتبراً أنها «تؤكد مرة أخرى على أن الإرهاب ليس له دين أو وطن».
كما نددت الجزائر وتونس والمغرب وتركيا وباكستان وأفغانستان ونيجيريا بالتفجيرات.
ونددت حركة حماس بالتفجيرات كذلك مؤكدة وقوفها إلى جانب السعودية.
بدورها، نددت حركة «طالبان أفغانستان» بعمل «عدائي بغيض لا يمكن قبوله أو التهاون بشأنه».
إرهابيو «القطيف» كانوا يستهدفون قتل المصلين
تسبب فارق توقيت أذان المغرب بين المساجد في القطيف التي تعتمد في حساب دخول وقت المغرب بعد غروب الشمس بشكل كامل، في إفشال تخطيط الإرهابيين الذين كانوا يستهدفون قتل المصلين في مسجد الشيخ حسين العمران (المخصص لاتباع المذهب الشيعي) بمحافظة القطيف أثناء أدائهم الصلاة.
وتشير المعلومات الأولية التي نشرتها صحيفة «الوطن» أمس (الثلثاء) إلى أن أكثر من انتحاري فجروا أنفسهم على أطراف المسجد الذي كان يكتظ بالمصلين، وأغلبهم من كبار السن، حيث تفاجأ الإرهابيون بصعوبة الدخول لبوابة المسجد، بسبب وجود حواجز أسمنتية أخفت مكان بوابة الدخول، ما دفع الانتحاريين إلى تفجير أنفسهم في أقرب موقع تمكنوا من الوصول إليه.
وتشير المعطيات الميدانية إلى تمكن الإرهابيين من الدخول للحي الذي يقع فيه المسجد، والذي يعتبر أحد أكثر المناطق الحيوية في محافظة القطيف، إذ يتوسط كلاً من سوق مياس وسوق الخضار المركزي في المنطقة، بشكل طبيعي قبل أن تفاجئهم صعوبة الوصول إلى البوابة الرئيسية للمسجد، خاصة أن الإرهابيين وصلوا بعد دخول المصلين لأداء الصلاة.
كما تشير المعطيات إلى أن طبيعة موقع المسجد الواقع في حي قديم ومتشعب الطرقات، إضافة إلى وجود حواجز أسمنتية شكلت «مفاجأة» للإرهابيين، ما دفع اثنين منهم إلى تفجير نفسيهما خلف الحاجز وبين مواقف السيارات.
وأظهرت صوراً أولية من موقع الحادث تناثر أشلاء لشخصين يعتقد أنهما لانتحاريين، فيما ذكر شهود العيان من داخل المسجد أن الصوت الذي سمع داخل المسجد كان لانفجارين متتابعين يفصل بينهما فارق زمني أقل من دقيقة.
وأشار مصدر بالدفاع المدني إلى وقوع أضرار مادية في السيارات المتوقفة بالمواقف وتناثر شظايا على بعض المنازل، إلا أنه لم تسجل أي إصابات.
العدد 5051 - الثلثاء 05 يوليو 2016م الموافق 30 رمضان 1437هـ