العدد 2470 - الأربعاء 10 يونيو 2009م الموافق 16 جمادى الآخرة 1430هـ

«العامري» يناكف

يقيم معرضه في البارح باسم «أثر الفراشة»

العدلية - علي نجيب

كما أغرت التفاحة آدم بأن يقتطفها ويأخذ منها قضمة، كان لون القهوة البني الجميل في لوحات الفنان الأردني محمد العامري إغراء ممتعا للناظر بأن يرتشف من إحساس اللون ونكهته التي تأخذك إلى دياره وعالمه، ووسط تلك البيئة الجميلة التي تنتشي بالطبيعة وأثر الفراشات التي تحوم فيها.

الفنان الأردني الذي حضي البارح غاليري باستضافة مجموعة من أعماله الفنية ضمن معرض أقيم له الأسبوع الماضي، قدم مجموعة حملت عنوان «أثر الفراشة»، وهو العنوان الذي اقتبسه الفنان من المجموعة الشعرية للراحل الشاعر محمود درويش.

وأثر الفراشة هي من النظريات التي لاقت الكثير من البحث، حول ما تنتجه الفراشة حينما ترف بجناحيها والهواء الذي تدفع به في مكان، محدثا بتردداته أثرا آخر في مكان آخر بعيد.

ودرويش في أثر الفراشة قد قال:

أَثر الفراشة لا يُرَى

أَثر الفراشة لا يزولُ

هو جاذبيّةُ غامضٍ

يستدرج المعنى، ويرحلُ

حين يتَّضحُ السبيلُ

العامري استعرض بداية هذه التجربة معربا أن اختياره لمسمى «أثر الفراشة» هو لما للفراشة من فعل جمالي واصفا إياها بالقول «الفراشة جنة صغيرة مرتبكة بالألوان والطيران».

يضيف بالقول «كتاب محمود درويش الذي حمل هذا الاسم كان أساسا لهذا المشروع بعد أن اتفقنا على ذلك في مكالمة هاتفية قبيل وفاته، وكنت أكلمه قبل أن يجري العملية وأنا مدرك مع إنهاء الاتصال أن درويش راحل».

وعن النص يقول «قرأت كتابه أكثر من خمس مرات، ووجدت أن درويش يكتب حكما في الشعر والنثر في تعريفاته للشعر والحياة وتأملاته ونظرته لأثر الفراشة الذي لا يزول».

كما تأثر العامري بالنص، إلا أنه قدم مشروعا مستقلا لا يعبر عن نص الكتاب، وصفه بأنه نصٌ موازٍ للنص الأصلي، يتقاطع معه، ويناكفه تارة أخرى، فيما حقق بنية الشراكة بين القصيدة واللوحة.

العامري وجد في القصيدة المادة الخصبة لتحريك المسار التشكيلي العربي، موضحا بالقول «هي إعادة إنتاج لفكرة قديمة، ترتكز على الفعل الجمالي ويقدم الفنان رؤيته الخاصة عن فضاء الشعر بحسب أدواته وتقنياته، بل إنه يتجاوز ذلك في بعض الأحيان».

ويضيف «من خلال كوني شاعر ولي 4 كتب شعرية، فإن لي تذوقا مختلفا للنص الشعري، ففي أثر الفراشة ركزت على فضاء الخفة والرشاقة في اللون الذي يشبه خفة الفراشة وأثرها، وتكررت بعض الألوان مثل الأزرق والأصفر وبعض العلامات اللونية الموجودة كنقاط تقود العين إلى أماكن محددة ثم تقوده في أنحاء العمل مثل الفراشة في الفضاء الصحراوي».

محمد العامري ذكر أن الفكرة كانت في الأساس بتقديم عمل يدور حول نص «الكاماسوترا» لدرويش، إلا أن عملا واحدا فقط قد أنجز في هذه التجربة وأهدي للراحل درويش، وذلك لأن الفنان وجد أن النص لا يمكن أن تحتمله المنطقة العربية من خلال الرسم لارتباطه بالجنس، فكان التعبير عنه بالفن مشكلة لتعارضه مع التقاليد الإسلامية والعربية.

تقنيا، قدم الفنان العامري مجموعة زاهية تهفوا لها الروح بجمالها، وذكر حول الأداء التقني بالقول «سبق وذكرت أن الفراشة عبارة عن صحن ألوان مختزل في جسد صغير، فعلى الصعيد الفني استخدمت الوسيط المائي من الألوان والأحبار، وذلك لأنها تملك صفات الخفة والشفافية، إلى جانب استخدامي لألوان مخلقة من الشاي والقهوة والأعشاب».

يضيف قائلا «وجدت في الألوان الطبيعية حساسيات لا توجد في الألوان المصنعة، وأوجدت في الأعمال رموزا مخفية، لتكون حالة جماعية تعبر عن حالتي وقت قراءة الكتاب، كما عملت مفارقات بين الفراغ والامتلاء، وبين السطح الأبيض والجمل اللونية الموجودة، إذ أتعامل مع الحرف والكلمة العربية في الغالب على أنها شكل وليس كتابة مقروءة، وبتعاملي وفق هذا الأسلوب، أدخل الشكل الكتابي في اللوحة وليس كتابته».

الروح الجمالية من الطبيعة كانت موجودة وغنية على لوحات الرسم، وهو أمر ذكر العامري حوله بالقول «إن ابن قرية، وأعرف تفاصيل الكائنات، الفراشة فيها تماثل كأنها مرآة، وجماليات القرية وهذا الإحساس شكلوا دخولا وانفلاتا من النص، إذ إن العمل كما ذكرت منفصل ومنعزل عن النص، لأن كل عمل يجب أن يكون له بناء خاص لعدم إظهار الضعف التقني، وهو ما يتورط فيه كثير من الفنانين بالارتكاز على النص المكتوب دون الانتباه للعمل الفني، وما أقوم به هو الانتصار للعمل وليس النص».

العدد 2470 - الأربعاء 10 يونيو 2009م الموافق 16 جمادى الآخرة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً