قبل أيامٍ نقلت إحدى الصحف الإيرانية تصريحاً غريباً لهاشمي رفسنجاني. الرجل قال بأنه «لا يستبعد عودة الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد إلى مشهد الانتخابات الرئاسية» الإيرانية القادمة في العام 2017. وأضاف رفسنجاني أنه «لا داعي للقلق من عودة نجاد»، وأن «الشعب لديه الوعي الكافي ليختار من يريد بعد تجارب السنوات الماضية».
أن يُسرِّب رفسنجاني للإعلام ذلك الخبر فهو أمر لافت وجِدِّي، على رغم أن الرجل بعث برسالة ضمنية في ذيل تصريحه حين قال: «في عالم السياسة هناك معادلات غير منطقية وغير عقلية دائماً»، في تعليق خاص منه على عودة نجاد «المحتملة».
وحين يَصدق هذا الخبر ويحقق نجاد فوزاً انتخابياً، فسيكون حسن روحاني وحقبته أكبر الخاسرين باعتباره أول رئيس إيراني لا يحكم القصر الجمهوري في طهران لفترتين متتاليتين (ما خلا محمد علي رجائي الذي اغتيل). فنجاد، وقبله خاتمي وقبله رفسنجاني وقبله خامنئي، كلهم حكموا لفترتين. فالرجل الذي استهلك جُلّ فترته في معالجة الملف النووي، وتداعيات الاتفاق بشأنه سيكون عاجزاً عن تحقيق شيء.
أحد وزراء النفط الإيرانيين السابقين قال لـ»رويترز» إنه يتكهّن في حال ترشُّح أحمدي نجاد أن يهزم الأخير روحاني في الانتخابات على رغم قَطْف الرئيس لاتفاق «القرن» بين بلاده والغرب، وهو ما يزيد من خسارته السياسية. والذي يبدو أن تكهُّن ذلك الوزير بشأن فوز نجاد وهزيمة روحاني صحيحٌ باعتقادي. كيف؟ دعونا نقِيم حساباً انتخابياً بسيطاً هنا.
في آخر انتخابات رئاسية شارك فيها أحمدي نجاد صوّت ما نسبته تسعين في المئة من الخمسة وعشرين مليون إيراني (ممن يقطنون الأقاليم البعيدة والأرياف حيث مجاميع الفقراء والطبقات الأقل ثراءً) يحقّ لهم التصويت، أي 22 مليون ونصف المليون ناخب. وقد صوّت 70 في المئة من هؤلاء لصالح أحمدي نجاد. والجميع يعلم أن برنامج نجاد الاقتصادي القائم على الترييع وتوزيع الأموال على ثلاث فئات اجتماعية كان سبباً في ذلك الفوز، دون أن يلتفتوا إلى شيء اسمه التضخّم الذي خنق البلد.
أما روحاني، الذي كان يُعارض مثل تلك البرامج كونها لا تبني اقتصاداً قوياً، فإنه سيصبح في نظر أولئك الناخبين عدواً لامتيازات نالوها كأسهمٍ في الشركات الحكومية القابضة، على رغم قدرته على خفض التضخم بنسبة كبيرة، ورفع العزلة والعقوبات عن بلاده والتي كبّلت الاقتصاد الإيراني لسنوات، وبالتالي فإن حظوظه في الفوز لن تكون مُرجّحة، حسب هذه المعطيات المذكورة.
فالخطاب الذي يعتمده أحمدي نجاد يقوم على الشعبوية والديماغوجية المهيِّجة للعواطف ورفع قبضات الأيدي، وإعادة بعث الشعور القومي، وذلك بهدف تكوين قواعد اجتماعية له على أطراف المدن. وفي شهر مارس/ آذار الماضي وخلال عطلة رسمية، ظهر نجاد في منطقة شالامتش لحضور احتفالات تُخلِّد ذكرى الحرب العراقية الإيرانية، وتكريم أسر للقتلى فيها، بينما اختار حسن روحاني الذهاب إلى جزيرة كيش لافتتاح عدد من المشاريع الاقتصادية، ما دفع بالمتشددين لأن يشنوا حملة دعائية ضده متهمين إياه بأنه لا يحترم «الأسر المضحّية»! هذا جزء من صورة الاستقطاب.
وربما يكون ذلك الظهور لأحمدي نجاد والحملة المناصرة له إحدى مؤشرات عودة الرجل المحتملة. وما يزيد من تلك المؤشرات هو تصريح أدلى به علي تاجرنيا، وهو نائب إصلاحي في البرلمان الإيراني لصحيفة «آمران أمروز»، قال فيه بأن «أصحاب النفوذ الذين لهم دور في هيكل السلطة الإيرانية بعثوا برسالة لروحاني دَعَوْهُ فيها لأن لا يترشح لولاية رئاسية ثانية».
الحقيقة أنه لا أحد يعلم كيف يُفكِّر الإيرانيون إنْ هم فعلاً قرّروا «السماح» لأحمدي نجاد بأن يعود، لكن الأكيد وحسب المعطيات أن ذلك خطأ فادح سترتكبه طهران وستدفع ثمنه باهظاً، وهي لم تبرأ بعد من سنوات عِجاف، تعثر فيها اجتماعها الوطني وعلاقاتها الخارجية بسبب نجاد، الذي تخاصم كبار قومهم عليه، وتهارشوا بسببه. ولم يغادر الرجل منصبه إلاَّ والجميع يضغط بضرسه عليه نقمة.
أتذكر أنه وقُبيل الانتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة في يونيو/ حزيران 2013 والتي فاز فيها حسن روحاني، كان مجلس صيانة الدستور قد رفض طَلَبَ ترشُّح هاشمي رفسنجاني لتلك الانتخابات، مبرّراً ذلك بالقول: «لا يُؤيد مجلس صيانة الدستور الشخص الذي تَدرَّجَ بالمناصب والخبرة، بينما لا يَقوَى جسمانياً على أداءِ عملهِ كرئيس للجمهورية».
وهنا يتساءل المرء: هل يمكن لهذا المجلس أن يستبدل كلمة «سياسي» بدل «جسماني» كي يُطبِّق ذات النتيجة على طلب أحمدي نجاد حين يُقرِّر العودة للمشهد الانتخابي فعلاً؟ لا أدري لكن الذي يعلمه كثير من المراقبين أن نجاد عاجز فعلاً في إدارته السياسية للداخل الإيراني. هذا الأمر أكَّدته التجربة التي حكم فيها نجاد بلاده طيلة ثماني سنوات (2005– 2013) وكانت وبالاً على الجميع.
رجل يطرد ويعزل عشرة وزراء في حكومته، بل ويعزل وزير خارجيته وهو في مهمّة رسمية خارج البلد، ويتعارك مع رئيس مجلس الخبراء ورئيس مجمع التشخيص ورئيس السلطة القضائية ورئيس البرلمان، ثم يُعرِّج على التيارات والأحزاب، ويتصقَّر في خطابه مع الخارج فكيف له أن يحكم؟
في كل الأحوال، أمامنا عام واحد فقط يفصلنا عن الانتخابات الرئاسية الإيرانية. حينها سيتضح مدى حقيقة هذه الأخبار من عدمها.
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 5049 - الأحد 03 يوليو 2016م الموافق 28 رمضان 1437هـ
ما يهمّ في الأمر ان في إيران شعب يمارس دور من الديمقراطية تتبدّل فيها الرئاسات وينتخب البرلمان انتخابا حرا ويمارس دورا في الحياة العامّة .
اعرف ان هناك من يتطرق دائما للوضع المالي الصعب في ايران وهذا الوضع ليس سببه ديمقراطية ايران بقدر ما هو ناتج عن الحرب الاقتصادية التي تشنّها الدول الغربية على ايران لعدم رضوخها للقرار الغربي
اهتموا في شؤون بلدكم و تركوا عنكم ايران
(عندي دواء الناس ما عندي دواء روحي )
نجاد يعلم جيدا كيف يكسب تعاطف الجماهير الفقيرة والاقل ثراء عبر اطلاق وعود وشعارات شعبوية واعطاء منح لا تسد ولا تغني من جوع. وهذا ما يقلق المعسكر الاصلاحي بشأن عودة احمدي نجاد. وبخصوص دعم المعسكر المحافظ لنجاد وانقسامه فذلك لا يهم نجاد اذ انه لا يعول على الدعم الحزبي كثيرا.
أحمدي نجاد
كل التوفيق لمحمود أحمدي نجاد ، أفضل رئيس مر لفترات الرئاسه كلها للجمهورية الإيرانيه الإسلاميه.. رجل ونعم الرجال وفي قمة الذكاء والتواضع والخلق ؛ لا توجد أوقات وأزمان تحددها أنت أخي الكاتب لكي يتبوأ نجاد زمام الامور الرئاسه مره أخرى.
أحمدي نجاد لمنصب المرشد
أعتقد لو قُدر لأحمدي نجاد العودة للحكم فسوف يعود بأمر من المرشد وسيفوز بالإنتخابات كما فاز فيها سابقاً وبأمر المرشد ؟
وبعدها سيتم ترشيحه من قبل المرشد كخليفه له ويبرر قراره بأنه الاجدر والاقدر علي مقاومة الغرب والدول المعاديه الأخري
ديمقراطية صورية فإن لم يؤمن الشخص بولاية الفقيه يستبعد من كل الانتخابات
يا زعم ديمقراطيتك انت...... هي الديمقراطية الأصيلة. ...شر البلية ما يضحك
هم اعرف منا بأمورهم وما كلامنا سوى تكهنات أغرقنا أنفسنا فيها
فالننشل بامورنا خيرا لنا
روحاني معتدل واصلاح البلد بدل عواطف خاليه افضل
نجاد لن يعود، وروحاني لا يستحق المدح
كلامك دليل على مدى تخبط هذا النظام الذي برهن للتاريخ بانه اسوء امرار من نظام الشاه الراحل
متابع ...
في النهاية لا ندعي علم الغيب وقد تحمل الايام مفاجئات من الناخب الايراني ، إلا أن ملاحظة هذه الامور الثلاثة مهم.
متابع ...
هذا الاستفتاء في انتخابات البرلمان دليل دامغ على قوة روحاني شعبيا قبل عام من انتخابات الرئاسة .
3- أن المعسكر المحافظ نفسه منقسم بشدة حول دعم نجاد ، لا أتحدث عن المحافظين المؤيدين للدولة بل حتى المعارضين انفسهم منقسمين.
في حين أن روحاني يحظى باجماع المعسكر الاصلاحي و المعسكر المعتدل و تأييد قوي من داخل المعسكر المحافظ كالرباعي ناطق نوري - لاريجاني - باهنر - ولايتي ، تصريحات مصباحي عن احتمال دعم المحافظين لروحاني تؤخذ بالحسبان.
التوحد حول روحاني والتفكك من حول نجاد عامل مهم.
رجال الدين لدين ورجال السياسة لسياسة
متابع ...
الكوارث الاقتصادية الاخرى كالتضخم و البطالة ووو معلومة ويذكرها الجميع وان لم يعطوها بالا في بدايات الامور ...
2- ان اقرب استفتاء على حكومة روحاني جرى حديثا في الانتخابات البرلمانية التي حصد انصار روحاني حوالي 60 بالمئة من المجلس ، باحتساب الاصلاحيين و المحافظين المؤيدين للحطومة وبعض المستقلين ، بل حتى فوز لاريجاني ( وهو حليف لروحاني ) لم يكن ممكنا لولا تصويت 50 نائبا من قائمة ( اميد) المؤيدة للحكومة لشخصه في قبال عارف ، فالتنافس كان بين حليفين للحكومة .
يصح هذا الكلام لو كانت هناك انتخابات حرة او نزيهة. الناس يقادون كالقطيع .....
متابع ...
اتفق مع الكاتب في كارثية عودة نجاد ، لكن لا اتفق معه في فرص فوزه الشعبية لثلاث امور هامة :
1- ان الايرانيون لم ينسوا الكوارث الاقتصادية التي جلبها لهم نجاد ، اعطائه 80 الف تومان لهم كل شهر او شهرين لا تقاس بهول رفع دعمه للسلع الذي بدأ في عهده ، الى درجة ان قال بعضهم : "خذ الثمانين تومانا لكن ارجع الدعم للسلع ".. وصل الحال بهم ان يروا انهم مضطرين لدفع اضعاف مضاعفة من حصة رواتبهم الى السلع مقابل 80 تومانا لا تسمن و لا تغني .. لذلك يتندر البعض بشعار نجاد عن عودته ب250 تومانا كدعم !!
شخصيا اعتبر فترة حكم نجاد من اسوء فترات الحكم في ايران. و لكن وصفك له في فترة حكمه يدل على انه رجل قوي جدا.